أعلنت حركة «أحرار الشام» في شمال سوريا، يوم أمس، النفير العام ضد جبهة «فتح الشام» (جبهة النصرة سابقا) بعد ساعات من أطباق الأخيرة على «جيش المجاهدين» والسيطرة على مراكزه ومستودعاته لينضم إلى 14 فصيلا آخرين كانت «النصرة» قد أنهت وجودهم. وفي خضم هذه التطورات، نجحت الحركة باستقطاب كتائب «ثوار الشام» وقسم كبير من عناصر «جيش المجاهدين» إلى صفوفها، مع ترجيح إقدام فصائل أخرى على الانضمام إليها ما يمهد لتحولها لأكبر فصيل مقاتل في الشمال السوري.
هذا، وساد «التوتر بشكل متصاعد» جبهات القتال بين كبرى الفصائل العاملة في ريفي محافظتي إدلب وحلب وعلى الحدود الإدارية بين المحافظتين، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الذي تحدث عن وساطات تبذل لوقف المعارك بعد تمكن الفصائل من طرد «فتح الشام» من مقراتها في قرى وبلدات بجبل الزاوية ومحيط مدينة معرة النعمان ومناطق أخرى في ريف إدلب، مقابل سيطرة «فتح الشام» على عندان وكفر حمرة وخان العسل وحريتان وكفرناها وأورم الكبرى بالأرياف الغربية والشمالية الغربية لمحافظة حلب.
ويوم أمس، أعلن «أبو عمار العمر»، القائد العام لحركة «أحرار الشام الإسلامية»، النفير العام لكل قطاعات وكتائب الحركة، للتدخل ووقف الاقتتال الحاصل بين الفصائل، وذلك في مقطع صوتي منسوب له، نشر على مواقع التواصل الاجتماعي. وقال العمر في التسجيل إن «الحركة تدخلت وأرسلت مبادرات داعية لتحكيم الشرعية والنزول لمحكمة شرعية بين الفصائل، لجميع الأطراف لكن جبهة فتح الشام رفضتها»، وأشار إلى أن الحركة «لن تسمح باستمرار طرف ببغيه على طرف آخر، وأن واجبهم نصرة إخوانهم ظالمين أو مظلومين».
وأتت مواقف العمر بعد ساعات على تحطيم عناصر تابعين لـ«جيش المجاهدين»، بنادقهم على نقاط الرباط في منطقة الراشدين، بعد إنهاء «فتح الشام» وجود فصيلهم، والسطو على مراكزهم ومستودعات أسلحتهم. وقالت شبكة «شام» إن عناصر «فتح الشام» دخلوا إلى المركز الأساسي لـ«جيش المجاهدين» في بلدة الحلزونة وسيطروا على المقر الرئيسي. ولاحقًا، أعلن تنظيم «جيش المجاهدين» انضمامه لحركة «أحرار الشام» وذلك «تفاديا لبغي جبهة فتح الشام على قوات الجيش في ريف حلب الغربي» كما ذكر. وتوالت يوم أمس عمليات الانضمام للحركة، إذ أعلنت كتائب «ثوار الشام»، انضمامها إلى «أحرار الشام» نظرًا للظروف العصيبة وللنهوض بالثورة السورية، وفق ما نشرت على حساباتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي.
غير أن مصادر في المعارضة السورية نبهت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من «ارتدادات كبيرة للاقتتال المستمر بين الفصائل على الجبهات المفتوحة مع النظام، وبالتحديد في ريف حلب، حيث يرابط عناصر (فتح الشام) في ريف حلب الغربي»، لافتة إلى «النظام السوري هو المستفيد الأول مما هو حاصل في الشمال». وهو ما حذّر منه أيضا «أبو عزام الأنصاري» عضو المكتب السياسي في حركة «أحرار الشام»، الذي حثّ «أبو محمد الجولاني» زعيم «فتح الشام» على «إدراك أن الفصائل التي يهاجمها الآن ترابط في الراشدين وريف حلب الغربي، وأنه هو المسؤول بحمقه عن انهيار الجبهات لا قدّر الله».
ومن جهة ثانية، أشارت مصادر المعارضة إلى وجوب التوقف أيضًا عند «انتقال صواريخ التاو الأميركية من جيش المجاهدين لحركة أحرار الشام، وما إذا كانت الجهات الغربية موافقة على المسار الحالي للأمور». وأضافت المصادر: «على كل حال، الحركة باتت مدعومة عربيًا وإقليميًا ودوليا بعد الاستدارة الأخيرة لها والخلافات بين جناحها العسكري وجناحها السياسي الذي يسوّق نفسه معتدلا، وهو ما يجعل إمكانية استهدافها دوليًا بعد النصرة أمرا مستبعدا تمامًا».
ورجّح رامي عبد الرحمن، مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» في تصريح لـ«الشرق الأوسط» وجود قرار واضح لدى الفصائل المدعومة من تركيا والدول الغربية بقتال «فتح الشام» تمهيدا لانحلالها داخل هذه الفصائل أو إنهاء وجودها بشكل كبير.
وسط هذه التطورات المتلاحقة علّق محمد يحيى مكتبي، عضو «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» المعارض على التطورات الأخيرة في الشمال السوري، معتبرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «التصادم الذي وقع بين الفصائل من جهة و(فتح الشام) من جهة أخرى كان منتظرا ولكن مؤجلا بالوقت عينه، باعتبار أن الجبهة كانت تقوم بدور شبيه لدور (داعش) وكانت الفصائل مضطرة للتعامل معه كأمر واقع رغم أنهم لم يكونوا راضين على نهج النصرة وتصرفاتها».
من جهته، اعتبر الخبير الأردني بالجماعات المتشددة حسن أبو هنية أن «نهاية النصرة (فتح الشام) اقتربت بعدما انتهى دورها وعملية استثمارها». ولفت إلى أن «هناك قرارا دوليا قديما بإنهاء وجودها، غير أن تضارب الأجندات الإقليمية والدولية أخر العملية».
إعلان النفير العام ضد «جبهة فتح الشام» في شمال سوريا
حركة «الأحرار» تتجه لتتحول الفصيل الأكبر بعد انضمام «جيش المجاهدين» إليها
إعلان النفير العام ضد «جبهة فتح الشام» في شمال سوريا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة