استقبلت وفود كل من روسيا وتركيا وإيران، الراعية للمفاوضات المرتقب انطلاقها في العاصمة الكازاخية آستانة اليوم، ممثلي نظام الأسد والفصائل السورية المعارضة المسلحة، بعقد مشاورات ثلاثة، سعت خلالها وثيقة لتسوية الأزمة السورية، بغية عرضها لاحقًا على الأطراف السورية، وفق ما أكد مصدر مطلع لوكالة «تاس» الروسية.
ويبدو أن تلك المشاورات لم تؤد إلى تجاوز العقبات والخلافات بين الدول الراعية؛ إذ أكد ألكسندر لافرينتيف، المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا، ورئيس الوفد الروسي إلى آستانة، عقب مشاورات أمس، أن «التحضيرات تجري بكثافة عالية»، إلا أن المشاورات لم تخلص إلى اتفاق بين الدول الثلاث حول الوثيقة التي يعملون عليها. ونقلت وكالة «تاس» عن رئيس الوفد الروسي قوله إن تلك المشاورات ساهمت في «تقريب وجهات النظر بين الأطراف المشاركة في المشاورات حيال معظم المسائل المدرجة على جدول الأعمال».
من جانبه قال نائب وزير الخارجية الإيراني حسين جابري أنصاري، رئيس وفد بلاده إلى آستانة، إن المشاورات الثلاثية لم تتمكن من حل كل المسائل، مكتفيًا بالإشارة إلى مسألة واحدة منها، وهي «لم يتم التوصل خلال المشاورات إلى اتفاق بأن تكون المفاوضات بين الوفدين السوريين مباشرة»، حسب قوله.
وكانت المشاورات الروسية - التركية - الإيرانية في آستانة أمس قد شهدت نقاشات حادة ومعقدة، حسب تأكيدات الدبلوماسي الروسي ألكسندر موسينيكو، المستشار الروسي الموفد، الذي قال في تصريحات من العاصمة الكازاخية إن «المحادثات تجري بصعوبة»، مستخدمًا في وصفها كلمة باللغة الروسية تعني «الصلابة» أو «الثبات»، في ما يبدو أنها إشارة لمواقف الرعاة، خلال مشاوراتهم.
وحاول موسينيكو التقليل من أهمية الأمر، حيث اعتبر أنه «لا بد من منح المفاوضين بعض الوقت كي يتمكنوا من تنفيذ مهمتهم»، مشددًا: «من الطبيعي أن لا يتم حل مسائل كهذه خلال يوم واحد» دون أن يوضح نقاط الخلاف بين المتفاوضين، والتي جعلت مشاوراتهم معقدة وصعبة، مكتفيًا بالتأكيد على أن «الوفد الروسي على أهبة الاستعداد، ونحاول الاتفاق مع الجميع، وسنسعى إلى ذلك».
واستمرت المشاورات «الروسية - التركية - الإيرانية» التمهيدية لمفاوضات آستانة بين الأطراف السورية، خمس ساعات ونصف، وهو ما يدل بوضوح على التعقيدات التي تخللتها، وعمق التباينات بين الأطراف الراعية. وبعد مشاورات لمدة 15 دقيقة بين الوفدين الروسي والإيراني، انضم الوفد التركي لتنطلق المشاورات الثلاثية بمشاركة ثلاثة أشخاص من كل وفد. وشارك بصورة خاصة عن الجانب الروسي سيرغي فيرشينين، مدير دائرة الشرق الأوسط في الخارجية الروسية، وألكسندر لافرينتيف، مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، وعن الخارجية الإيرانية نائب وزير خارجيتها حسين جاتبري أنصاري، وعن تركيا سادات أونال نائب وزير الخارجية التركي، وكانت المشاورات مغلقة.
وتجدر الإشارة إلى أن خبراء من روسيا وتركيا وإيران كانوا قد أجروا جولة محادثات في موسكو الأسبوع الماضي، إلا أن ذلك لم يؤد إلى إزالة التباينات في وجهات النظر بين الأطراف الثلاثة، إذ برز بوضوح خلال الأيام الثلاثة الأخيرة قبل انطلاق مفاوضات آستانة، خلاف روسي - إيراني بشأن توجيه دعوة لإدارة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب للمشاركة في المفاوضات. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصدر مطلع في موسكو أن تلك النقطة ما زالت خلافية بين الجانبين، لافتًا إلى أن طهران تجنبت إظهار تصلب في موقفها، لا سيما بعد أن حسم لافروف تلك المسألة، حين علق على موقف إيران وقال بحزم: «لقد وجهنا الدعوة للولايات المتحدة»، وذلك لأن إيران لا تريد أن يتم تحميلها مسؤولية إفشال مفاوضات آستانة قبل انطلاقها، حسب قول المصدر، مرجحًا أن تكون مسألة المناطق التي يجب أن يشملها وقف إطلاق النار إحدى النقاط الخلافية الأخرى بين ثلاثي رعاة آستانة، دون أن يقدم أي توضيحات إضافية بهذا الخصوص.
وفي شأن متصل، عادت موسكو وأكدت أن المفاوضات في آستانة ليست بديلا عن المفاوضات في جنيف، وإنما مكملة لها. وقال موسينيكو بهذا الخصوص إن «آستانة مكان رائع للمفاوضات، لكن هذه ليست الطريق الوحيدة، وهناك طريق آخر في جنيف»، مؤكدًا «ستساعد آستانة على مواصلة المفاوضات على طريق جنيف».
ومن المقرر أن تنطلق المفاوضات في آستانة تمام الساعة الواحدة ظهر اليوم حسب التوقيت المحلي، وذلك بعد أن وصلت كل الوفود إلى العاصمة الكازاخية، بما في ذلك المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا. وستجري المفاوضات بعيدًا عن الإعلام «خلف الأبواب الموصدة».
وفي خطوة تظهر مدى اهتمام القيادة الكازاخية بالمفاوضات، يتوقع أن يلقي الرئيس الكازاخي نور سلطان نزار بايف كلمة في افتتاح المفاوضات، للترحيب بالوفود المشاركة، يلي ذلك كلمات وفود الدول الراعية، وكلمة للمبعوث الدولي دي ميستورا، وكلمة سيلقيها جورج كرول، السفير الأميركي في كازاخستان، الذي يمثل بلاده في هذه المفاوضات، وفق ما ذكرت وكالة «إنتر فاكس» نقلاً عن مصدر مطلع، أكد للوكالة أن المفاوضات بين الوفدين السوريين ستبدأ بعد ظهر اليوم، وسيكون دي ميستورا وسيطا بينهما.
ومن المفترض أن تنتهي المفاوضات غدًا الثلاثاء، حيث من المتوقع أن تجري محادثات ثنائية ومتعددة الأطراف. وفي الختام سيتم تلخيص النتائج التي توصل إليها المشاركون في المفاوضات، ومن ثم سيعقد رؤساء الوفود مؤتمرًا صحافيًا. ولم توضح المصادر ما إذا كان ممثلو المعارضة والنظام سيشاركون في المؤتمر الصحافي ذاته أم لا، أم أن المقصود برؤساء الوفود، هم رؤساء وفود روسيا وتركيا وإيران.
الخلافات بين الدول الراعية لـ«آستانة» تهدد التوصل إلى وثيقة نهائية
موسكو: المشاورات الحالية في كازاخستان ليست بديلاً عن جنيف وإنما مكملة لها
الخلافات بين الدول الراعية لـ«آستانة» تهدد التوصل إلى وثيقة نهائية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة