كلية فيكتوريا... قرن من التعليم البريطاني في مصر

عرفت بـ«إيتون» الشرق الأوسط وحاضنة الملوك والمشاهير

الكلية في بداية القرن العشرين - الملك حسين يتوسط فريق الشيش بفيكتوريا كوليدج عام 1948 ومعه في الصورة زميل الدراسة الصادق المهدي
الكلية في بداية القرن العشرين - الملك حسين يتوسط فريق الشيش بفيكتوريا كوليدج عام 1948 ومعه في الصورة زميل الدراسة الصادق المهدي
TT

كلية فيكتوريا... قرن من التعليم البريطاني في مصر

الكلية في بداية القرن العشرين - الملك حسين يتوسط فريق الشيش بفيكتوريا كوليدج عام 1948 ومعه في الصورة زميل الدراسة الصادق المهدي
الكلية في بداية القرن العشرين - الملك حسين يتوسط فريق الشيش بفيكتوريا كوليدج عام 1948 ومعه في الصورة زميل الدراسة الصادق المهدي

لم يكن اللورد كرومر، أول معتمد بريطاني في مصر، يعرف أن موافقته على تأسيس مدرسة بنظام التعليم البريطاني لأبناء الجاليتين اليهودية والإنجليزية بالإسكندرية، سوف تجعل من «فيكتوريا كوليدج» أيقونة لنظام التعليم البريطاني في مصر عبر 115 عامًا وحتى الآن.
كانت موافقة كرومر بهدف محو التعليم الفرنسي من مصر و«نجلزة» التعليم وفي إطار إلغاء مجانيته وجعله للنخبة فقط. أرسى حجر أساس المدرسة العريقة في حي «لا مزاريتا» أو «الأزاريطة» حاليًا بالشاطبي، في مواجهة الميناء الشرقي.
وأعلن عن وظيفة مدير المدرسة في جريدة «التايمز» البريطانية، وتم جلب مستر تشارلز لياس Mr.Charles Lias خريج كينغز كوليدج، ليصبح مديرًا للمدرسة على مدار 20 عامًا، خلق فيها شخصية المدرسة وروحها التي استمرت على مدار أكثر من قرن.
أصبحت «فيكتوريا كوليدج» على نسق كلية «إيتون» الإنجليزية العريقة، وكان بها قسم داخلي كبير مجهز على أعلى مستوى، وكانت لها قوانين صارمة فرضها الأسلوب الإنجليزي في التربية والتعليم. وكان أول الدارسين بالمدرسة 26 طالبا، من بينهم 11 طالبا يهوديا و3 مصريين و3 يونانيين، وطالب بريطاني واحد، والباقي شوام، كان بينهم جورج أنطونيوس، أول مؤرخ للقومية العربية، وأشقاؤه. أما المصريون فكانوا حسن ويوسف سري أولاد إسماعيل بك سري، الذي أصبح فيما بعد وزيرًا للأشغال العمومية. وبعد 4 أعوام ومع زيادة أعداد الطلاب انتقلت «فيكتوريا كوليدج» إلى السيوف في موقعها الحالي على مساحة 18 فدانًا.
أمام غرفة التربية الفنية الفسيحة وأسفل المبنى المبهر الخاص بالمعامل في «فيكتوريا كوليدج»، لوحة رخامية تذكارية محفور عليها بالإنجليزية: «كلية فيكتوريا... شيدت في ذكرى الملكة فيكتوريا لتقدم التعليم الحر لأبناء الطبقة الأرستقراطية من المصريين أو المقيمين بها، وتأهيلهم للمناصب القيادية في البلاد بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والعرقية أو الجنسية».
في ذلك اليوم، وضع اللورد كرومر حجر أساس المدرسة الجديدة في يوم ذكرى ميلاد الملكة فيكتوريا، في حضور مئات من الضيوف المرموقين. وفي 27 مارس (آذار) 1909، أقيم حفل افتتاح ملكي للكلية في حضور دوق كونوه ابن الملكة فيكتوريا، الذي رافقته زوجته الدوقة وابنتهما الأميرة باتريشيا.
استغلت السلطات البريطانية «فيكتوريا كوليدج» لجذب العائلات المنخرطة في العمل السياسي في مصر والدول العربية والأفريقية ممن يمكنهم الاعتماد عليهم في بسط المزيد من هيمنة الإمبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس، وكان ذلك يخدم سياستها وآيديولوجية «الإمبريالية الجديدة»، التي بدأت منذ عام 1870.
وأُعدت قوائم بأسماء أبناء كبار العائلات لكي يتم إلحاقهم بالكلية البريطانية. وبعد سنوات من وجود المدرسة أصبح فيها تقليد للعائلات الأرستقراطية، وهو أن ترسل أولادها البنين إلى «فيكتوريا كوليدج» والفتيات إلى الكلية الإنجليزية للفتيات EGC، باتت القصور الملكية العربية تلجأ لمدير الكلية مستر رالف رييد Reed لاستشارته في كيفية تثقيف الأمراء العرب وإعدادهم كملوك في المستقبل.
كانت «فيكتوريا كوليدج» المدرسة الوحيدة في الشرق الأوسط التي كانت تعلِّم أبناءها لعبة الكريكيت، وتعطي وقتًا لرياضة كرة القدم بشكل احترافي في ملاعب قانونية، إلى جانب ألعاب ركوب الخيل والسباحة وألعاب القوى والسلاح والتنس، وأيضًا قاعة جيمنازيوم، بالإضافة إلى مهارات الزراعة والنجارة وتربية النحل والتمثيل.
وكان اليوم الرياضي يومًا مشهودًا في الإسكندرية حيث يتبارى أبناء كبار العائلات ويحضره كبراء رجال الدولة وقناصل الدول. وضمت أول فريق كشافة على مستوى الشرق الأوسط عام 1912، حيث زارها مؤسس الحركة الكشفية العالمية اللورد بادن باول. كان ناموس «فيكتوريا كوليدج» المقدس ينص على عدم التحدث باللغة العربية داخل المدرسة، وكان ذلك يستدعي العقاب بكتابة جملة 100 مرة. فضلاً عن آداب الملبس والهندام، وضرورة استخدام ربطة العنق، والحذاء البراق، والشعر المصفف بعناية، وتحريم التعطر بعطر فواح، أو ارتداء حليّ سواء ذهب أو فضة، والأظافر المقلمة، والهيئة الرياضية وتنسيق قوامه، وآداب المائدة... كل ما يلزم لكي يصبح الطلاب في قمة الأناقة التي تليق بأبناء العائلات الملكية والأمراء.

أبرز الملوك والمشاهير
درس في فيكتوريا كوليدج سيمون الثاني آخر ملوك بلغاريا، وقنسطنطين ملك اليونان وشقيق الملكة صوفيا ملكة إسبانيا، والملك حسين بن طلال ملك الأردن، والأمير عبد الإله بن الملك علي بن الشريف حسين الهاشمي، الذي تولى الوصاية على عرش العراق، وأبناء الملك السنوسي ملك ليبيا، والشريف زيد بن شاكر رئيس وزراء أردني، والزعيم السوداني الصادق المهدي، وأبناء عائلة الخرافي وآل حمد من الكويت، والملياردير السعودي عدنان خاشجقي والشيخ كمال أدهم، مؤسس المخابرات السعودية، وعائلات بن لادن وعبد اللطيف الجميل والشربتلي، وعائلات كبرى من نيجيريا وتشاد. ومن أشهر خريجيها أيضا: مؤرخ القومية العربية جورج أنطونيوس، والمفكر الكبير إدوارد سعيد، والكاتب الكبير محمد سلماوي.
ومن عمالقة السينما العربية والعالمية، الممثل العالمي عمر الشريف، والمخرج العالمي يوسف شاهين، والنجم أحمد رمزي، والمخرج ومصمم الديكور العالمي شادي عبد السلام والمخرج الكبير توفيق صالح، والفنان والإعلامي سمير صبري، ومن الإعلاميين د. إبراهيم الكرداني وعمرو أديب وأسامة كمال. ومن أبرز الساسة المصريين: أمين عثمان باشا، وأحمد حسنين باشا، وفرغلي باشا إمبراطور تجارة القطن، ووزير الدفاع المصري إسماعيل شيرين، زوج الأميرة فوزية، والسياسي الراحل منصور حسن.
وعن فترة دراسته بـ«فيكتوريا كوليدج»، يقول الإمام الصادق المهدي لـ«الشرق الأوسط»: التحقت بفيكتوريا في أواخر أربعينات القرن الماضي، ولكن صار واضحًا لي أن هنالك مشروع غسل أدمغة لأبناء الأسر الكبيرة ليصيروا «أنغلوفون»، وتغرس في نفوسهم القيم البريطانية بما في ذلك الاعتزاز بالإمبراطورية. وفي بداية الخمسينات اشتعلت مصر بمشاعر وطنية كبيرة ضد الوجود البريطاني في قناة السويس، وأقدم بعض الطلبة المصريين تأثرًا بمناخ الحماسة الوطنية على إحراق صورة ملك بريطانيا التي أهداها للكلية، وكانت معلقة في المكتبة، ولاحتواء هذه المشاعر قررت إدارة الكلية أن يردد كل الطلبة نشيدا ألفه المستر «سويبي» فيه إشادة بالإمبراطورية كلماته: «يا فيكتوريا إن اسمنا من اسمك نشيد بإنجازاتك العظيمة». ويضيف: «لم أمكث كثيرًا في فيكتوريا لأن طابعها الثقافي الموجّه صدمني، وتركتها بعد ثلاثة أعوام، ولكن مع ذلك كان لي عدد من الأصدقاء أهمهم الأمير حسين بن طلال والطالب عادل زعزوع، والطالب جون بدريان وكانت بيننا نوادر منها: كان حسين يقرأ كل روايات آرسين لوبين (اللص الظريف) وقال له عادل: أتفكر في تكوين عصابة؟ قال: لا بل لأعرف حيل العصابات لاحتوائها».

نظام التعليم البريطاني
كان بالكلية قسم داخلي يقيم فيه الطلاب من مختلف الدول واعتمدت الكلية على نظام «الأسر المدرسية» (House system)، لخلق الانصهار والانسجام بين آلاف الطلاب المتحدرين من أصول مختلفة ولهم خلفيات ثقافية متضادة ومتصادمة في أحيان كثيرة، وبالفعل كان هذا النظام كفيلاً بتلاقح عقول كل هؤلاء الطلاب العرب من المحيط إلى الخليج، والعرب مع اليهود والأفارقة والأرمن والهنود والأوروبيين وغيرهم.
وكان العقاب من الأمور التي لا هوان فيها من قبل المدرسة حتى إن الملك حسين رحمه الله تم عقابه وفقا لشهادات معاصريه، وقام بجمع أوراق الشجر من فناء المدرسة. كما كان كثير من الطلاب يُحرَمون من الاستمتاع بيوم العطلة خارج المدرسة تمامًا كالكليات العسكرية.
تحولت المدرسة إلى ثكنة عسكرية إبان الحربين العالميتين، لكن الدراسة لم تتوقف فيها وتم نقل الطلاب إلى فندق «سان ستيفانو» وكان من الطريف وجود طلاب المدرسة مع نزلاء الفندق. وإبان الحرب العالمية الثانية، تسببت كثافة الغارات الجوية على الإسكندرية من قبل القوات الألمانية والإيطالية، في افتتاح فرع للمدرسة في منطقة شبرا بالقاهرة، حرصًا من إدارة المدرسة على الحفاظ على حياة طلابها. وكان ذلك سببًا في انتقال الطالب ميشال شلهوب (عمر الشريف فيما بعد) إلى القاهرة، ويتصادف أن يكون رئيس طلاب المدرسة لتفوقه، ويكون متشددا مع الطالب إدوارد سعيد. وكان ذلك سببًا في أن يكتب سعيد عن ذلك في مذكراته، وكانت الكلية تطرد بعض الطلاب الذين تراهم غير جديرين بأن يحملوا لقب Old Victorian»» وكان من بين تلك الأسباب إلى جانب الرسوب سوء الخلق أو سوء التصرف. وقد طرد منها إدوارد سعيد بسبب الشغب لكنه عاد وتخرج فيها بعد تنفيذه للعقوبة. قضى سعيد بفيكتوريا القاهرة عامين قبل رحيله عن مصر، وانضم سعيد في عام 1950 إلى كيتشينر هاوس في «فيكتوريا كوليدج» القاهرة.

تدهور فيكتوريا كوليدج بعد التأميم
وكحال كثير من المؤسسات الأجنبية في مصر تدهورت «فيكتوريا كوليدج» تدريجيًا عقب تأميمها في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، فلم يعد مدير المدرسة إنجليزيًا، وانهار النظام الصارم وقوانين المدرسة التي كانت تُطبّق على الطلاب، دون استثناء أو فروق ما بين الملوك والطلبة العاديين. وفي عام 1967، تم تعديل لائحة القبول بالكلية، وتم قبول الفتيات وأصبحت مدرسة مشتركة، وفي منتصف السبعينات توقف النشاط الثقافي المسرحي، وقد أسهم مجلس أمناء مدارس الإسكندرية في لندن في إحيائه مرة أخرى بدعم مادي كبير. في أواخر الثمانينات تم إلغاء لائحة قبول الفتيات وعادت «فيكتوريا كوليدج» كلية للبنين فقط، وتحولت الكلية لمدرسة لغات ضمن المدارس المنتشرة في مصر وأصبح بها قسم للدبلومة الأميركية.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.