أين دروب الأمل في مواجهة مسالك التعصب والأصولية الغربية؟

تساؤلات في أوروبا

مهاجرون يتم انتشالهم من عرض المتوسط إلى سفينة إنقاذ إيطالية قرب السواحل الليبية (أ.ب)
مهاجرون يتم انتشالهم من عرض المتوسط إلى سفينة إنقاذ إيطالية قرب السواحل الليبية (أ.ب)
TT

أين دروب الأمل في مواجهة مسالك التعصب والأصولية الغربية؟

مهاجرون يتم انتشالهم من عرض المتوسط إلى سفينة إنقاذ إيطالية قرب السواحل الليبية (أ.ب)
مهاجرون يتم انتشالهم من عرض المتوسط إلى سفينة إنقاذ إيطالية قرب السواحل الليبية (أ.ب)

بادئ ذي بدء يجب القول إنه إن كان الخوف من الاختلاف هو العنصر الأساسي لهذه للأصولية، لذا يتوجب علينا السعي من أجل بناء الأسس التربوية والتعليمية لنتخطى هذا الخوف، وذلك عبر بعض المنطلقات، وهي جزء من كل وغير جامعة أو مانعة، بل قابلة للتطوير والإضافة والتحديث والحذف إن لزم الأمر.
إن تعريف ما هو غريب عنا هو الخطوة الأولى للتخلص من الخوف. ويستلزم هذا السلوك المنفتح قدرًا كبيرًا من الحساسية، ولن تكون المعرفة النظرية لعناصر الاختلاف العامل الرئيسي لنمو هذا الإدراك، بل الخبرات الحياتية هي من أهم الأسس التي يقوم عليها. إن الانخراط بنقاش منطقي مع الإنسان الأصولي أمر شبه مستحيل ولا طائل منه، لأن نزعته الراديكالية لا تنظر إلى ما هو منطقي، بل يبقى شغله الشاغل تحقيق أكبر قدر من الأمان الذاتي. في حين أن الخبرة التي يكتسبها الفرد من كل ما هو جديد تساعد على نضوجه الفكري وتنمي قدرته على التخلص من مخاوفه.
* الاهتمام بالتعليم
الأسرة هي المكان الأول الذي يتعلم فيه الإنسان سلوكياته تجاه المجتمع، وفيه يستكشف الطفل كل ما هو جديد داخل الأمان الذي توفره الأسرة، وبخطوات تدريجية وصغيرة ينفتح عالم رائع أمام عينيه. ومن أهم عوامل النمو الفكري للطفل التي يجب الحفاظ عليها عامل الفضول، ومعه يتعلم الطفل كيف يأخذ حذره من التجارب المؤلمة التي تصادفه. من الطبيعي أيضًا أن ينغلق الطفل على نفسه إذا وقع من هذه التجارب أكثر مما يستطيع استيعابه، لكن انطلاقته الأولى نحو التجربة الجديدة تنبع من الاهتمام والفضول وليس من الخوف أو الإدراك.
أعضاء الأسرة أول الناس الآخرين الذين يلتقي بهم الطفل، وهذا الانطباع البدائي عن آخر له تأثير جوهري على الطفل. فإن كان الانطباع سلبيًا فإن شخصًا آخر سيكون بمثابة العدو بالنسبة له. تستمر مهمة تعليم الطفل في المدرسة. وهناك يلتقي بأقرانه، وبطبيعة الأمر يحدث تنافس بينهم. غير أن تجربة الصداقة ستساعد على تنمية الثقة بالآخر أيضًا. ثم مع تجربة اللقاء مع أطفال من جنسيات وأجناس وأعراق مختلفة، إن كانت هذه التجربة إيجابية، سيتعلم الطفل التعامل باحترام ومحبة مع هذا الاختلاف.
وانطلاقًا من النقطة الأخيرة يأتي دور الهيئة التعليمية، وهي المدرسة. وعلينا أن نشجع إنشاء المدارس التي تحتضن الثقافات المختلفة، إذ إنها الركيزة لأجيال المستقبل في مجتمعات العالم التي أصبح فيها تعدد الثقافات والديانات أمرًا واقعًا. والبديل لمدارس متعددة الثقافات هو تنظيم معسكرات صيفية. ويجب أن تكون لنا رؤية مستقبلية وخطة لتوفير كل الإمكانات التي تسهم في بناء علاقة الصداقة والتضامن بين الثقافات والجماعات الإنسانية المختلفة. ومن ثم، عندما يدرك الطفل هذه التجارب الحياتية بطريقة سليمة تبدأ مرحلة إيجابية لتأسيس مفهوم احترام الرأي الآخر، ومن أهم ما يدرس في الغرب: الفلسفة والتاريخ.
* المنطق والانفتاح
في الغرب، الفلسفة تعرّف التساؤل والتدقيق في كل شيء، والبحث عن ماهية الأشياء وقوانينها، وهي محاولة للإجابة عن الأسئلة الأساسية التي يطرحها الوجود والكون. ولأن التساؤلات تتجدد مع كل ظاهرة جديدة في علوم الحياة وتطورها الطبيعي، تتجدد الإجابات التي توصل إليها العقل الفلسفي من قبل. والفكر العملي الواعي يترك دائمًا الباب مفتوحًا لهذه المستجدات، ويتطلع إلى نظرية مختلفة تساعده في التوصل إلى إجابة غير التي توصل إليها، فيكون هذا السلوك مضادًا تمامًا لسلوك ضيق الأفق عند الأصولي.
أما التاريخ فهو يعلم الإنسان أن جميع الحضارات تتغيّر مع مرور الزمان. كما أن التاريخ يظهر أمام أعيننا أن معظم الأعراف التي نثمنها متغيرة أيضًا، وفي ضوء التقدير المبالغ فيه من مصدر معين في حقبة محددة من الزمن تفقد مقولة «هذا ما جرى عليه العرف» الوزن الثقيل الذي نعطيه لها. ثم إن معرفة تاريخ الأشياء والأحداث مهم أيضًا لأنها تكشف لنا عن الجذور التي تربطنا بالماضي وتظهر لنا كيف بدأت الأمور. وتحت قشرة المتغيرات يشكل التاريخ هوية الإنسان التي تنمو من جذور ماضيها، متشربة بخبرات الزمن، ومستفيدة من دروس وأخطاء الماضي.
* إشكالية الهجرة
في بعض دول أوروبا، عندما يولد الإنسان وينشأ داخل حدود دولة ما، فإن هذا يجعله مواطنًا لهذه الدولة، له حقوق وعليه واجبات طبقًا للقوانين السائدة. ولكن عندما يولد أجنبي في البلد نفسه يحرم من الجنسية حتى يمارس الحقوق ويؤدي الواجبات نفسها. وبدلاً من أن ينادي البعض في الغرب بحقوق إنسانية لشعوب خارج حدود الدول الأوروبية - والغرب عمومًا، فإن الأحرى السعي لإعطاء هذه الحقوق للأجانب الذين ولدوا داخل أوروبا بدلاً من تهميشهم، ودفعهم دفعًا نحو التقوقع ثم الراديكالية والإرهاب.
كم من شعوب جاءت إلى أوروبا، تاركة بصمتها الإنسانية؟ إنهم يشكلون جزءًا من هويتها. وحركات الهجرة تثري دائمًا المجتمعات المضيفة، ليس فقط بسبب التبادل الثقافي الذي يحدث، بل لأن معظم المهاجرين يمثلون في معظم الأحوال أفضل الكفاءات في البلدان التي هاجرت منها.
اليوم بعض العقلاء والحكماء في أوروبا، خصوصًا، يتساءلون: «كيف لنا أن نطالب المهاجرين بالاندماج، وفي الوقت نفسه نعزلهم في مناطق - أو غيتوهات - محرومة من الخدمات التي تليق بحياة إنسانية كريمة... وكأننا نلقي بهم لأنياب العنف والإدمان؟».
* لا احتكار للحقيقة
لنأخذ هنا على سبيل المثال شكل المكعب، فنحن نرى من هذا الشكل 3 من جوانبه الأربعة. وفى كل مرة نحركه لرؤية الجانب الرابع من المكعب. نفس الشيء يحدث عندما نناقش الأحداث الحالية: ينظر شخصان لنفس الحدث، ولا يتفقان على رأي واحد، لأنهما ينظران إليه من جانبين مختلفين، وكل جانب يتكون من عدة عوامل يتميز بها عن الآخر، مثل الشخصية، والخلفية التاريخية، والمستوى الاجتماعي، ومكان السكن، وغيرها من الاختلافات. ولكل من هذين الرأيين نصيب من الحقيقة.
الحوار هو الذي يساعدنا على تبادل وجهات النظر المختلفة لنفس الحدث الذي يهم جميع الأطراف المشتركة. ولكن الحوار ليس بالعملية السهلة. فمن أجل أن نفهم وجهة نظر الآخر، يجب أن نترك وجهة نظرنا لفترة وجيزة، ونضع أنفسنا في مكان الآخر. فمن أجل رؤية جانب المكعب الغائب عن أنظارنا، يجب أن نتحرك نحوه، أن نبادر بالمحاولة حتى إن كنا نشعر بالخوف من أن تذهب عنا رؤيتنا الخاصة، والأمان الذي تضمنه قناعاتنا المألوفة لنا.
الديمقراطية التي تطبقها بلدان أوروبا تأسست بداية على مبدأ الحوار. وإذا أرادت الحفاظ عليها لا بد من أن تدرك أهمية هذا المبدأ. وفى الوقت نفسه يتطلب الحوار الحقيقي توفر المساواة بين الأطراف المشتركة، وأن تسعى إلى معرفة الحقيقة. ويعني أيضًا أن التواصل بين الأطراف لا يحدث بوصاية على الآخر، ولا يعني محاولة إقناع طرف برأي الطرف الآخر. وهنا للإعلام دور جوهري في تعزيز الحوار وبنيان الاحترام المتبادل. ولكن الواقع غير ذلك، فنرى أن الإعلام لا يهمه سوى تحقيق السبق الصحافي، الذي كثيرًا ما يسبب تفاقم المشكلات بدلاً من معالجتها.
لا أحد يملك الرؤية المطلقة، ولذلك وجب على الجميع ترك المساحة للآخرين، لأنهم يزيدون ثراء المعرفة بغنى جديد، نابع من خلفيتهم التاريخية وخبراتهم، فالآخر جدير باحترام فرديته.
* الحكمة والتسامح
عندما نعترف بمحدودية رؤيتنا نصل إلى خطوات التسامح، والتأني في التفكير قبل أن نقرر أو نرفض الرأي الآخر. والعصر الحديث يمثل أرضية صالحة لمبدأ الحوار والتسامح، بعد انهيار الآيديولوجيات الكبرى، وانتشار مبدأ النسبية في كثير من ميادين الفكر. غير أننا ما زلنا نواجه خطرًا ناتجًا عن سوء فهم لمبدأ التسامح، بأنه دلالة على ضعف فكري، فيتساءل البعض عن ضرورة ممارسة التسامح وهم في موقف اليقين بصحة فكرهم.
التحدي الذي يواجه الغرب الآن هو خلق التوازن بين قناعته بأنه على حق، وفي الوقت نفسه الاستجابة للرأي الآخر الذي نجد بعض حامليه أيضًا في موقع القناعة بفكره. وربما نستطيع مواجهة هذه المعضلة إذا وضعنا في الاعتبار النقاط التالية:
- هناك مسائل لا تستحق عناء الجدال، فالإنسان الحكيم يستطيع أن يعطي الأشياء حجمها الذي تستحقه دون مغالاة. كما أنه قد لا يتفق مع كثير من الأمور، ولكنه يستطيع تمييز الأمور الأكثر خطورة ويهتم بمواجهتها. وهو يستطيع التغاضي عن بعض الأخطاء حتى لا تسبب مواجهته لها أضرارًا أكبر. أما الأصولي المتزمت فيخاطر بحياته وبحياة الآخرين من أجل أفكار لا تستحق هذا العناء المبالغ فيه، لأنه لا يستطيع أن يضع كل مشكلة في حجمها الحقيقي.
- إن التسامح واحترام كرامة الإنسان تعود بفائدة أسمى من الضمانات الفردية أو تخص جماعة واحدة دون غيرها.
- الإنسان الحكيم يناصر ما هو حق. وطبقًا للقواعد والقوانين المتبعة في نظام ديمقراطي، حتى إن كان هذا يعني إنصاف جماعة أخرى غير تلك التي ينتمي إليها. أما الأصولي فيلجأ إلى أساليب عنيفة، مستغلاً مبدأ الديمقراطية لتجاوزه ويحقق أهدافه وأهداف الجماعة التي ينتمي إليها.
- إذا كان الغرب مسيحي الإيمان بالفعل، فقد أحب عيسى (عليه السلام) الخاطئ لكنه كره الخطيئة، وإذا أدرك ماذا تعني وصيته «أحبوا أعداءكم»، فعلى الغربيين التسامح مع الخاطئ وفي الوقت نفسه رفض الشر.
* هل للتسامح حدود؟
انطلاقًا من العوامل الثلاثة التي تنمي التسامح الناضج، نستطيع أن نتوصل إلى بعض النتائج:
أولاً: التغاضي عن أخطاء لا تمثل أهمية تذكر.
ثانيًا: احترام الآخر دائمًا.
ثالثًا: رفض الشر، وليس فاعله.
طبعًا من الخطأ أن نخلط بين التسامح والتهاون مع سلوكيات وأفعال عنيفة. ولكن أين هو الحد الذي يتوقف عنده التسامح؟ وكيف نحدد الشر ونحد منه؟
نستطيع أن نقول اليوم إن السلوك الذي لا يحترم الحقوق الإنسانية هو الحد الذي عنده يتوقف التسامح. وهى الأدنى من الحقوق التي اتفقت جميع الدول على مراعاتها، من أجل ضمان حياة كريمة للإنسان.



«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.