دعوات في المغرب لمقاضاة وزارة الداخلية جراء حظر النقاب

نشطاء حقوقيون وإسلاميون عدوا القرار غير قانوني

قرار حظر النقاب أثار استياء عدد من الجمعيات الحقوقية والإسلاميين في المغرب (أ.ف.ب)
قرار حظر النقاب أثار استياء عدد من الجمعيات الحقوقية والإسلاميين في المغرب (أ.ف.ب)
TT

دعوات في المغرب لمقاضاة وزارة الداخلية جراء حظر النقاب

قرار حظر النقاب أثار استياء عدد من الجمعيات الحقوقية والإسلاميين في المغرب (أ.ف.ب)
قرار حظر النقاب أثار استياء عدد من الجمعيات الحقوقية والإسلاميين في المغرب (أ.ف.ب)

انتقد حقوقيون وإسلاميون قرار السلطات المغربية حظر بيع وتسويق النقاب، وقالوا إنه «منحرف عن القانون»، ويتعارض مع الحريات التي يكفلها الدستور المغربي، وينطوي على «شطط في استعمال السلطة»، إذ قال المحامي المغربي عبد المالك زعزاع إن قرار «منع خياطة وتسويق النقاب» في المغرب، الذي أعلنت عنه السلطات المغربية في التاسع من يناير (كانون الثاني) الحالي «يمكن الطعن فيه، ومآله الإلغاء»، موضحًا أنه من حق المتضررين إقامة دعوى قضائية ضد وزارة الداخلية.
وذكر زعزاع في ندوة نظمتها اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، مساء أول من أمس، شارك فيها رجال دين إسلاميون وحقوقيون أن القرار «فيه غموض وإبهام، والعيب في الاختصاص. فهل من حق أي وزارة - ليس فقط وزارة الداخلية - أن تتدخل في شأن عام لاستصدار مثل هذه القرارات؟».
كما عاب زعزاع على القرار عدم استشارة المجالس المختصة دينيا وحقوقيا في المغرب، مثل المجلس العلمي الأعلى (الهيئة الرسمية للعلماء المسلمين)، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان وهو هيئة رسمية.
وقال بهذا الخصوص إن «القرار المكتوب والمختوم بخاتم وزارة الداخلية المغربية، الذي وزعه - كما نشرت وسائل التواصل الاجتماعي وصحف مغربية - أعوان السلطات في عدد من مناطق المغرب، والقاضي بمنع المتاجرة وخياطة النقاب استغل فراغا تشريعيا في ظل عطلة البرلمان وغياب الحكومة».
وكانت السلطات المغربية قد طلبت من متاجر متخصصة في بيع النقاب التخلص من مخزونه في «غضون يومين وإلا تعرضوا لعقوبات يمكن أن تصل إلى حد إغلاق محلاتهم». ولم يعقب ذلك أي بيان رسمي من وزارة الداخلية المغربية يشرح خلفيات القرار ودواعيه.
وأثار هذا القرار جدلا كبيرا منذ صدوره قبل أكثر من أسبوع بين مرحب، يرى أنه يكافح «مظاهر التشدد الديني»، ويعزز الإجراءات الأمنية على اعتبار أن النقاب يمكن أن يشكل تهديدات أمنية، ويمكن استغلاله من طرف متطرفين أو مجرمين. كما نوه بيان لحركة المجتمع المدني (تنوير)، ذات التوجهات العلمانية بالقرار، وقالت إنه يمكن «استعمال هذا اللباس في أعمال إجرامية وإرهابية تهدد حياة الأفراد بالنظر لإمكانية صاحب اللباس إخفاء شخصيته، مما يطرح إشكالا أمنيا حقيقيا».
وقال بيان الحركة إن «هذا اللباس الذي يشير إلى التطرف الديني، وثقافة الانغلاق بإخفائه هوية صاحبه، لا يدخل ضمن دائرة حرية اللباس التي تدافع عنها الحركة باعتبارها حرية فردية».
لكن إسلاميين كثيرين وحقوقيين مستقلين قالوا إن حظره يشكل انتهاكا للحرية الشخصية والحق في حرية اللباس والمعتقد.
وقال مرصد الشمال لحقوق الإنسان، وهو هيئة حقوقية مستقلة يوجد مقرها في تطوان بشمال المغرب إن القرار «تعسفي وانتهاك غير مباشر لحق النساء في حرية التعبير، وارتداء اللباس الذي يعد تعبيرا عن هويتهن أو معتقداتهن الثقافية أو السياسية والاجتماعية».
وأوضح زعزاع أن على المتضررين، وخصوصا أصحاب المتاجر، إقامة دعوى قضائية ضد وزارة الداخلية، مبرزا أن القرار «انحراف في القانون وشطط في استعمال السلطة»، وأنه لا يوجد «نص قانوني يمنع استيراد البرقع».
من جهته، قال الداعية المغربي حسن الكتاني، رئيس الرابطة العالمية للاحتساب، إن «المرأة المسلمة هي المستهدفة ضمن حلقة استهداف الإسلام والمسلمين». فيما قال محمد السالمي منسق الهيئة الحقوقية لجماعة العدل والإحسان الإسلامية المغربية (شبه محظورة) إن القرار «لا يستند إلى قانون ولا يراعي الحقوق والحريات، وإنما هو نوع من التفاعل مع ما يريده الغرب».
من جانبه، قال الداعية المغربي عبد االله المكناسي، ردا على من يعتبر أن النقاب دخيل على المجتمع المغربي، إنه بهذا المنطق يكون «الإسلام أيضا دخيلا على المجتمع المغربي لأن الإسلام لم يدخل إلى المغرب من أميركا وأستراليا... النقاب جاء من نفس جهة الإسلام».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.