بعد أقل من 24 ساعة على خطاب رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي، شدد وزير مالية حكومتها فيليب هاموند على أن خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي لا يعني القطيعة مع بروكسل، وإنما الانفتاح على العالم وحلفاء لندن التقليديين.
وقال هاموند في ندوة نظمها المنتدى الاقتصادي العالمي في «دافوس» بشراكة مع «وول ستريت جورنال» أمس، إن التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي، أو «البريكسيت» اختصارا، نتج من الغضب من سياسات الباب المفتوحة والهجرة الحرة التي سمحت بها إدارة رئيس الوزراء السابق توني بلير عام 2004 عند انضمام ثماني دول شرق أوروبية إلى الاتحاد الأوروبي: «لا من معاداة للتجارة أو العولمة». وأضاف هاموند في جلسة شارك فيها إلى جانب رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق ماريو مونتي، ونغير وودز، محاضرة في جامعة «أكسفورد» العريقة، وجيس ستايلي، الرئيس التنفيذي لبنك «باركليز»، أن خروج بريطانيا من السوق الموحدة لا يهدف إلى وقف الهجرة، وإنما إلى السيطرة على الحدود وتخفيض العمالة «الرخيصة» وغير المؤهلة، مشددا: «لن نقبل بمبدأ حرية التنقل بعد اليوم».
وعن التأثير الاقتصادي لـ«البريكسيت» على بريطانيا، قال هاموند إن «قوة الاستهلاك مكنت من تفادي العواقب المباشرة على الاقتصاد الوطني»، إلا أنه حذّر من أن النمو الاقتصادي سيتباطأ خلال العام الحالي بسبب ضعف العملة، وارتفاع التضخم وانخفاض القدرة الشرائية المتوقعة. وأوضح أن «اعتماد عملة مرنة هو آلية انتقال سلسة وفاعلة، للاستجابة بشكل فاعل للغاية للصدمات الخارجية»، إلا أنه استدرك قائلا: «لكن انخفاض قيمة العملة حاليا يغذي التضخم، ما سيؤثر بشكل متزايد في سلوك المستهلك هذا العام»؛ ما يشرح توقعات انخفاض النمو في عام 2017.
من جهتها، لفتت وودز إلى أن استهداف الطلبة في إطار سياسات الهجرة يهدد مكانة بريطانيا بصفتها وجهة أكاديمية بامتياز: «كما يهدد قدرتنا على استقطاب أفضل الشركات العالمية التي تأتي هنا لتوظيف الطلبة المتميزين». وأضافت: «لا يجب أن نضعف أفضل خاصياتنا، وينبغي أن نتبنى سياسات هجرة تقول للعالم إن بريطانيا منفتحة ومرحبة بالمهارات الدولية والمستثمرين، دون فرض أي قيود».
أما ستايلي، فرأى أن ما يجعل لندن مركزا ماليا عالميا هو نظام متكامل، لا حرية التنقل أو التدفق الحر لرؤوس الأموال. وأضاف أن عوامل عدة، أبرزها قانونية وضريبية، تضمن بقاء «السيتي» إحدى العواصم المالية، لافتا إلى أن «قرار أحد المصارف بنقل ألف وظيفة من عاصمة إلى أخرى» لا يعتبر مؤشرا على انخفاض جاذبية مركز مالي.
وجاء تصريح رئيس «باركليز» التنفيذي بعد أيام على كشف صحيفة ألمانية أن المصرف الأميركي «غولدمان ساكس» يريد إعادة تنظيم عمله في إطار عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وينوي خصوصا نقل ألف وظيفة إلى فرانكفورت. وكتبت صحيفة «هاندلسبلات» نقلا عن مصادر مالية لم تكشف عنها: إن «عدد العاملين في بريطانيا يفترض أن يخفض بمقدار النصف ليصل إلى نحو ثلاثة آلاف؛ لأن هذه المؤسسة تريد نقل وظائف داخل أوروبا، وإلى مقرها في نيويورك». وأضافت أن المصرف «ينوي نقل عدد قد يصل إلى ألف موظف إلى فرانكفورت، بينهم موظفون مرتبطون بعمليات الوساطة، ومصرفيون رفيعو المستوى» من أجل الاستفادة من وجود سلطة الإشراف المصرفية الأوروبية التابعة للبنك المركزي الأوروبي في العاصمة المالية لألمانيا.
وعودة إلى هاموند، فقال معلقا على تسبب «البريكسيت» في خلق الكثير من الشك في البيئة الاستثمارية البريطانية إن «الخروج من الاتحاد الأوروبي خلق جوا من الشك، إلا أن تسلم الإدارة الأميركية الجديدة مهامها يخلق المزيد (من الشك)». وعن الفترة التي سيستغرقها الخروج التام من الاتحاد الأوروبي، قال هاموند إن العملية ستبدأ في مارس (آذار) المقبل، لتنتهي بحلول 2019»، إلا أن بعض جوانب العملية الانتقالية (من الجانب البريطاني) قد تطول لسنوات.
وفي خطابها الخميس الماضي، قالت ماي إن بلادها تواجه فترة تغير مهمة بعد قرارها الانسحاب من الاتحاد الأوروبي وأنها في حاجة إلى صياغة دور جديد لها في العالم. وأضافت أن بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي ستخطو للأمام نحو الاضطلاع بدور قيادي جديد بوصفها مناصرا قويا للأعمال، وللأسواق الحرة والتجارة الحرة. وتابعت: «دعونا لا نقلل من شأن هذا القرار. إن على بريطانيا مواجهة فترة تغير مهمة؛ وهو ما يعني أنه ينبغي علينا أن نخوض مفاوضات صعبة ونصيغ دورا جديدا لأنفسنا في العالم.. وهذا يعني القبول بأن الطريق الذي نسير فيها ربما لا يكون واضحا في بعض الأحيان». وأضافت رئيسة الوزراء التي واجهت حضورا مشككا أن «بريطانيا بدأت مناقشة مستقبل علاقاتها التجارية مع عدد من الدول، من بينها نيوزيلندا وأستراليا والهند».
هاموند يوجه اللوم لحكومة بلير على مستويات الهجرة المرتفعة
رئيس «باركليز»: مدينتنا لن تفقد مكانتها بصفتها إحدى العواصم المالية
هاموند يوجه اللوم لحكومة بلير على مستويات الهجرة المرتفعة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة