فرنسا قلقة من عودة «إرهابييها» من ميادين القتال في سوريا والعراق

اجتماعات دورية مكثفة لمجلس الدفاع الأعلى برئاسة هولاند

جنود فرنسيون أسفل برج إيفل ضمن الإجراءات المفروضة التي فرضت عقب هجمات باريس نوفمبر2015 واستمرت لشهور («الشرق الأوسط»)
جنود فرنسيون أسفل برج إيفل ضمن الإجراءات المفروضة التي فرضت عقب هجمات باريس نوفمبر2015 واستمرت لشهور («الشرق الأوسط»)
TT

فرنسا قلقة من عودة «إرهابييها» من ميادين القتال في سوريا والعراق

جنود فرنسيون أسفل برج إيفل ضمن الإجراءات المفروضة التي فرضت عقب هجمات باريس نوفمبر2015 واستمرت لشهور («الشرق الأوسط»)
جنود فرنسيون أسفل برج إيفل ضمن الإجراءات المفروضة التي فرضت عقب هجمات باريس نوفمبر2015 واستمرت لشهور («الشرق الأوسط»)

لم تعد تحصى أعداد اجتماعات المجلس الأعلى للدفاع التي يدعو إليها أسبوعيا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لـ«تقييم» المخاطر الإرهابية المحدقة بالبلاد، التي عادت بقوة إلى الواجهة عقب مقتلة عملية الدهس، في برلين بداية العام الجديد. وعنوان المخاوف الفرنسية يختصره رقم 700 وهو عدد «المتطرفين» الفرنسيين الذين يقاتلون في صفوف «داعش» أو «النصرة» في سوريا والعراق، والذين تتخوف باريس من عودتهم إلى الأراضي الفرنسية مع ما يحملونه من تهديدات أمنية.
ومع تقلص رقعة الأراضي التي تخضع لـ«داعش» وتقهقرها، وخصوصا مع الخسائر التي لحقت به في الموصل والمعركة المنتظرة في الرقة عقب الانتهاء من استعادة المدينة الثانية في العراق، تتوقع الأجهزة الأمنية الفرنسية عودة متسارعة لمن سيبقى منهم حيا إلى فرنسا، وتفيد هذه الأجهزة بأن المؤشرات أصبحت متواترة على صورة عودة عائلات وأطفال المتطرفين بطرق ملتوية إلى الأراضي الفرنسية.
من بين الـ12 ألف مقاتل إلى جانب «داعش»، يعد الفرنسيون أو المقيمون على الأراضي الفرنسية الأكثر عددا من بين البلدان الأوروبية والغربية كافة، فيما تحل بلجيكا في المقام الثاني. وتفيد الإحصائيات المتوافرة بأن ما لا يقل عن 250 فرنسيا قتلوا في سوريا والعراق. وبحسب لويك غارنيه، مسؤول وحدة تنسيق مكافحة الإرهاب التابعة لوزارة الداخلية، فإن الراغبين في الالتحاق بـ«داعش» يربو عددهم على الألف.
يعد الهجوم بشاحنة تبريد يبلغ وزنها 19 طنا على المتنزهين على كورنيش مدينة نيس الساحلية ليلة 14 يوليو (تموز) آخر عملية إرهابية عرفتها فرنسا في عام 2016، وبحسب أكثر من مصدر فرنسي أمني، فإن عام 2017 الذي سيشهد حصول الانتخابات الرئاسية والتشريعية في شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران) لن تتضاءل نسبة المخاطر فيه، بل على العكس فإنها ستكون إلى تزايد. وما يثير قلق المسؤولين الفرنسيين الذين يؤكدون أنهم أحبطوا في العام الماضي 17 مشروعا إرهابيا، «مقابل 7 محاولات في عام 2015»، قدرة الإرهابيين على «ابتداع» وسائل وطرق جديدة لارتكاب أعمالهم وإشاعة الخوف في نفوس المواطنين، هذا من جانب، ومن جانب آخر القدرات والمهارات العسكرية والتفجيرية التي اكتسبوها في ميادين القتال وخصوصا التفخيخ والتفجير. يضاف إلى ذلك أمران اثنان، الأول: بقاء الحدود الأوروبية «مخترقة» والدليل على ذلك أن أنيس العامري الذي ارتكب مقتلة برلين، نجح في عبور حدود ألمانيا مع هولندا ثم انتقل إلى بلجيكا ومنها إلى فرنسا قبل أن يقتل عرضا في إيطاليا، بمناسبة عملية تفتيش روتينية قامت بها الشرطة الإيطالية قرب ميلانو. أما الأمر الثاني: فيتمثل في «الخلايا النائمة» التي تكونت وفق المصادر الفرنسية بمناسبة وصول مئات الآلاف من اللاجئين إلى البلدان الأوروبية في العامين 2015 و2016. يبقى أن التخوف الأكبر اليوم في فرنسا هو أن يعمد «الإرهابيون» إلى استخدام الطائرات الصغيرة من دون طيار «درون» من خلال تحميلها مواد متفجرة وإرسالها إلى أهداف حساسة، أكان ذلك التجمعات، أم المواقع والإنشاءات.
في السابع عشر من الشهر الحالي، عمدت صحيفة «لو فيغارو» إلى إجراء تحقيق واسع حول موضوع «العائدين» يفهم منه أن السلطات الفرنسية كثفت اجتماعاتها الأمنية في الشهرين الأخيرين من أجل إعداد الخطط الكفيلة بتدارك عودة هؤلاء والتعاطي معهم في حال عودتهم بالاستناد إلى ما تسمح به القوانين المعمول بها، وخصوصا كيفية التعاطي مع الأطفال والقاصرين. وما زالت فرنسا تعيش في ظل حالة الطوارئ التي فرضت عقب الاعتداء الكبير الذي استهدف ملهى الباتاكلان وعددا من مقاهي ومطاعم باريس في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 وعمدت الحكومة، بموافقة البرلمان، إلى تمديد العمل به ثلاث مرات. وللمرة الأولى منذ إعلان الجمهورية الخامسة، ستجرى الانتخابات الرئاسية والتشريعية في ظل القانون المذكور الذي لم يعرف بعد متى سينتهي العمل به، لكن الواضح أن الرئيس هولاند، الذي يؤخذ عليه أنه لم ينجح في حماية المواطنين الفرنسيين، يريد، بأي ثمن، أن يتلافى حصول أعمال إرهابية جديدة. وقد عمدت حكومة مانويل فالس إلى استصدار مجموعة من القوانين التي توفر القاعدة القانونية الضرورية لعمل الأجهزة الأمنية والقضاء على الإرهاب، وخصوصا استباق الأعمال الإرهابية. وبعد خروج مانويل فالس من رئاسة الحكومة للتحضير للانتخابات الرئاسية، كلف الرئيس هولاند وزير الداخلية السابق برنا ركازنوف مهمة الحلول مكانه مع أولوية مطلقة، هي الأمن. كما أن هولاند نفسه، عندما أعلن بداية ديسمبر (كانون الأول) الماضي عزوفه عن الترشح لولاية ثانية، برر قراره برغبته في تكريس جميع جهوده للأشهر المتبقية له للاستمرار في مكافحة الإرهاب والحفاظ على أمن المواطنين، علما أن تكرار هذه الأعمال كان أحد الأسباب التي هبطت بشعبيته إلى الحضيض ووفرت لليمين واليمين المتطرف حجة ذهبية لمهاجمته. هكذا ينطلق عام 2017 في فرنسا وعينها من جهة على ما يجري في الجبهات الخارجية «العراق، وسوريا، وليبيا، ومالي، وبلدان الساحل الأفريقي»، وأيضا على ما يحصل في جبهتها الداخلية، وكلاهما تحت عنوان واحد، هو محاربة الإرهاب.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.