لحظات فاصلة في تاريخ التنصيب

جيمي كارتر أول رئيس يمشي إلى البيت الأبيض مع عائلته بعد تنصيبه (غيتي)
جيمي كارتر أول رئيس يمشي إلى البيت الأبيض مع عائلته بعد تنصيبه (غيتي)
TT

لحظات فاصلة في تاريخ التنصيب

جيمي كارتر أول رئيس يمشي إلى البيت الأبيض مع عائلته بعد تنصيبه (غيتي)
جيمي كارتر أول رئيس يمشي إلى البيت الأبيض مع عائلته بعد تنصيبه (غيتي)

في الـ20 من يناير (كانون الثاني) عام 1953، أثار الرئيس الأميركي السابق دوايت أيزنهاور جلبة عندما خالف الأعراف المعمول بها خلال مراسم حفل التنصيب ورفض ارتداء المعطف الرسمي والقبعة التقليدية وفضل ارتداء معطف غير رسمي وقبعة «هومبورغ» كالتي كان يرتديها رئيس الوزراء البريطاني السابق وينستون تشرتشل. لكن عناد أيزنهاور دفع أعضاء مجلس الشيوخ إلى تقليده وشراء قبعات مماثلة بعدما انتقدوه قبلها. ومع أن الجدل اعتبره الوسط السياسي الأميركي جديا آنذاك، إلا أنه اليوم، وبعد 64 عاما تشهد الولايات المتحدة حفل تنصيب مسكون بالجدل، وهنا الملابس ليست هي السبب، بل هو الرئيس المنتخب إذ تخطط عشرات المجموعات إلى الاحتجاج على حفل التنصيب... والرئيس الجديد. وقد شهدت الولايات المتحدة 57 حفل تنصيب، وسيكون الحفل الذي سيلقي فيه الرئيس المنتخب دونالد ترامب القسم الرئاسي هو الـ58، بينما تتأهب وسائل الإعلام لأي لقطة غير معتادة في هذا الحفل.
وفي تاريخ الولايات المتحدة، لا يوجد سوى اثنين من الرؤساء السابقين الذين اقترب الجدل حول حفل تنصيبهما من حفل تنصيب ترامب وهما ريتشارد نيكسون وجورج بوش الابن. إذ تزامن تنصيب نيكسون في عام 1969 مع كشف خطته السرية بإنهاء حرب فيتنام، والتي أشعلت الاحتجاجات قبل أيام على الحفل. أما بوش الابن فشابت مراسم تنصيبه للمرة الأولى عام 2001 انخفاض حاد في التأييد الشعبوي أمام منافسه آل غور.
وكل حفل لمراسم التنصيب الرئاسية في أميركا له طابعه الخاص، ويكون نتاج هذا الحفل التاريخي أحيانا لحظات لا تنسى. وفيما يلي أبرزها:

أوباما يصنع التاريخ في عام 2009
سحر خاص صاحب حفل تنصيب باراك أوباما. حيث إنه أول رئيس للولايات المتحدة الأميركية من أصول أفريقية. ولذلك كانت الحشود المتابعة تعتمل في صدورها مشاعر الفرح والأمل. وحضرها 1.8 مليون شخص، وهو رقم قياسي يفوق أي حفل لمراسم التنصيب من قبل. ومع ذلك لم يخلُ الحفل من الهفوات إذ تعثر جون روبرتس قاضي المحكمة العليا الأميركية أثناء تلاوة صيغة اليمين خلال التنصيب. ومع أن الخطأ كان طفيفا، إلا أنه دفع أوباما نفسه للارتباك وتلاوة نص القسم ارتجالا.

كلينتون ثالث أصغر رؤساء أميركا
بعد نهاية حرب العراق الأولى، كانت إعادة انتخاب الرئيس جورج بوش الأب مسألة شبه محسومة. إلا أن انتخابات عام 1993 فتحت أبواب البيت الأبيض إلى بيل كلينتون. وشكل حفل تنصيبه بداية لتجديد دماء الحزب الديمقراطي وعودته القوية الشابة فإن كلينتون ثالث أصغر رؤساء الولايات المتحدة سنا الذين يؤدون يمين الولاء. وغطى جيريمي باكسمان المذيع في برنامج نيوز - نايت على قناة «بي بي سي» حفل مراسم تنصيب كلينتون في دورته الأولى، واصفا الاحتفالات بأنها عاطفية، و«ساذجة»، ولكنها مبهجة برغم ذلك. كما وصف خطاب الرئيس يومئذ بأنه كان أفضل من المتوقع لشاب صغير.

ريغان مل من المراسم وأراد العودة إلى البيت
في 20 يناير من عام 1985، أصبح رونالد ريغان البالغ من العمر 73 عاما آنذاك أكبر رؤساء الولايات المتحدة سنا يوم التنصيب لفترة الرئاسة الثانية. وكان يوم تنصيبه واحدا من أبرد أيام السنة على الإطلاق في العاصمة واشنطن. وأراد الرئيس العودة إلى المنزل للاحتماء من البرد القارس. وعهد إلى أحد زوار البيت الأبيض قائلا: إنه تمنى لو أن الاحتفالات والتقاليد المطولة تنتهي سريعا حتى أتمكن من العودة إلى البيت الأبيض والتركيز على رئاسة البلاد.

كارتر.... «رئيس الشعب» ومشى بينهم
اتخذ جيمي كارتر قراره بوضوح قبل ثلاثة أسابيع من حفل مراسم التنصيب عام 1977 بأنه سوف يعود بعد انتهاء المراسم إلى البيت الأبيض ماشيا على قدميه، أمر لم ينفذه أي رئيس من قبله. ولقد كانت من اللحظات الاستثنائية بكل تأكيد... إذ غلب شعور بأن كارتر هو بالفعل رئيس الشعب الأميركي، خصوصا عن مقارنة تواضعه وقراره بالمشي بين الناس بالحرس «الإمبراطوري» الذي أحاط نيكسون يوم تنصيبه. ولقد نفذ وعده ومشى سائرا نحو البيت الأبيض، وبجواره كريمته الأولى إيمي تسير إلى جواره. وكان هناك شعور عام من الحماسة، وإحساس بأن شيئا مميزا وفريدا من نوعه يجري هناك.

تنصيب كيندي وسط لهب النار
كان حفل تنصيب جون كيندي في 20 يناير من عام 1961 عبارة عن سلسلة كوميدية من الأخطاء. فعندما كان الكاردينال ريتشارد كوشينغ يتلو ابتهالات التنصيب، اشتعلت النار في المنصة بسبب قصور في المحرك الكهربائي المستخدم في ضبط ارتفاع المنبر. وهرعت فرقة من عملاء الخدمة السرية المرافقة للرئيس إلى إخماد النيران المشتعلة في المنصة، ولكن كيندي حافظ على هدوئه – وكان رد فعله عبارة عن ابتسامة واسعة وهادئة.
وأبرز ما يمكن تذكره عن خطاب كيندي قوله: إن الشعلة (النيران المشتعلة) قد انتقلت إلى الجيل الجديد الذي يمثله بنفسه اليوم. فلقد كان يصغر الرئيس دوايت أيزنهاور، بـ22 عاما كاملة، وكانت الوعود التي امتلأ بها خطاب التنصيب تدعو إلى العمل، والحركة، والطاقة الجديدة القادمة إلى حكومة البلاد.

روزفلت وخطابا الحرب العالمية الثانية
من أهم لحظات حفل تنصيب فرنكلين روزفلت الأول عام 1933 عبارة خلدت في التاريخ ومن أهم خطابات القرن المنصرم وهي «علينا ألا نخاف إلا من الخوف نفسه». وخلال حفل تنصيبه الثاني عام 1945 وكانت الحرب العالمية الثانية لا تزال تدور رحاها، قرر روزفلت الاستغناء عن العرض التقليدي والحفل الكبير. إذ قال: من لديه المقدرة على الاحتفال ونحن في حالة حرب؟ واكتفى بتنصيب بسيط في البيت الأبيض. ولم تساعد حالته الصحية ومعاناته من قصور في عضلة القلب أن يخطب مطولا، لذلك لم يتجاوز خطاب التنصيب الخمس دقائق.

لينكولن و700 كلمة لتضميد جراح الأمة
من أكثر خطابات التنصيب شهرة ومن أوجزها على الإطلاق كان لا يتجاوز 700 كلمة فقط وهو خطاب أبراهام لينكولن عام 1865. وكانت الأهمية التاريخية للخطاب كبيرة بحق: حيث كانت الحرب الأهلية الأميركية في نهاياتها وقبيل اغتيال لينكولن بنحو شهر. وكان الخطاب الذي تلاه من بين أقوى الخطابات التي ألقيت في تاريخ السياسة.
ومن أبرز عبارات الخطاب: «من دون ضغينة تجاه أحد، وبمودة للجميع، وبالحزم في الحق، كما يريه الله لنا حقا، دعونا نجدّ في إنجاز العمل الذي نحن بصدده، ولنضمد جراح الأمّة».

أطول خطاب وأقصر فترة رئاسية
إنه لأمر محزن أن يتذكر الأميركيون ويليام هاري هاريسون ليس لخدمته العسكرية قبل توليه المهام الرئاسية، ولكن لحقيقة مفادها أنه ألقى أطول خطاب تنصيب رئاسي في تاريخ الولايات المتحدة عند تنصيبه عام 1841 لكنه حظي بأقصر فترة رئاسية. إذ أصر هاريسون على عدم ارتداء المعطف التقليدي أثناء المراسم. وكانت الأجواء شديدة البرودة في ذلك اليوم من العام، فأصيب بالالتهاب الرئوي جراء ذلك وسرعان ما وافته المنية.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».