القوات العراقية تلاحق «داعش» في آخر جيوبه شرق الموصل

300 ألف طفل عالقون غرب المدينة يواجهون حصارا وحشيا

أطفال عراقيون مع أهاليهم فروا من منازلهم في الموصل والحويجة بسبب القتال لدى وصولهم إلى كركوك أمس قبل أن يتم نقلهم الى معسكر اللاجئين ( أ.ف.ب).
أطفال عراقيون مع أهاليهم فروا من منازلهم في الموصل والحويجة بسبب القتال لدى وصولهم إلى كركوك أمس قبل أن يتم نقلهم الى معسكر اللاجئين ( أ.ف.ب).
TT

القوات العراقية تلاحق «داعش» في آخر جيوبه شرق الموصل

أطفال عراقيون مع أهاليهم فروا من منازلهم في الموصل والحويجة بسبب القتال لدى وصولهم إلى كركوك أمس قبل أن يتم نقلهم الى معسكر اللاجئين ( أ.ف.ب).
أطفال عراقيون مع أهاليهم فروا من منازلهم في الموصل والحويجة بسبب القتال لدى وصولهم إلى كركوك أمس قبل أن يتم نقلهم الى معسكر اللاجئين ( أ.ف.ب).

واصلت القوات العراقية أمس عمليات تطهير ومطاردة أتباع «داعش» في آخر جيوب لهم في الجانب الشرقي للموصل غداة إعلان «تحرير» تلك الجهة من المدينة حيث توجهت الأنظار إلى جزئها الغربي الذي يتوقع أن يشهد معارك طويلة.
وقال الفريق الركن عبد الغني الأسدي قائد قوات جهاز مكافحة الإرهاب لوكالة الصحافة الفرنسية إن قواته تقوم بمساعدة الجيش في استعادة منطقتين متبقيتين تحت سيطرة «داعش» بينها القصور الرئاسية وفندق.
ويقع الفندق والقصور على الضفة الشرقية لنهر دجلة الذي يقسم مدينة الموصل إلى جانبين.
وقال الفريق الركن الأسدي إنه حتى أمس، لا تزال هناك اشتباكات بقناصة وأسلحة ثقيلة، موضحا أنه «تم التعامل معهم من قبل طيران التحالف الدولي فيما تستعد القوات العراقية للتقدم لإكمال عمليات التطهير».
وأعلنت قيادة العمليات المشتركة في بيان اقتحام قوات الجيش لبلدة تلكيف الواقعة شمال الموصل والتي كانت تحت الحصار من قبل القوات العراقية لعدة أسابيع.
ويتوقع أنه فور الانتهاء بشكل كامل من تأمين الضفة الشرقية للموصل، ستتوجه القوات العراقية لمهاجمة «داعش» في الضفة الغربية وهي أصغر مساحة لكن الكثافة السكانية فيها أكبر.
من جانبه، قال باتريك مارتن وهو محلل مهتم بشؤون العراق ويعمل لصالح معهد دراسات الحرب، إن الأسوأ لم يأت بعد. وأوضح أنه «على قوات التحالف وقوات الأمن العراقية أن تخطط لمعركة شرسة في غرب الموصل».
وتابع أن «المناطق أكثر كثافة عمرانية والأحياء قديمة والشوارع ضيقة مما يجعل عملية تطهيرها صعبة جدا».
وأضاف أن «تنظيم داعش لديه مناطق دعم قديمة في الموصل»، محذرا من أن القوات الاتحادية المتقدمة في الشوارع، قد تتعرض لعدوانية من قبل السكان أكثر مما حصل في الجانب الشرقي.
وبحسب إحصائيات من قبل الأمم المتحدة، ما زال نحو 750 ألف شخص يعيشون في الجانب الغربي من الموصل الذي يضم المدينة القديمة ومواقع مهمة بينها المسجد الذي أعلن أبو بكر البغدادي منه إقامة دولته المزعومة، في يونيو (حزيران) 2014.
من جانبه، قال المتحدث باسم التحالف الدولي الكولونيل جون دوريان إن التحالف ضرب أكثر من ألف صاروخ على أهداف تنظيم داعش في الموصل، منذ بداية العملية، مشيرا إلى أن المعركة ستكون صعبة.
لكنه أكد على أن أتباع «داعش» ضعفوا بشكل كبير منذ أكتوبر (تشرين الأول)، وأضاف قائلا: «خسروا الكثير من المقاتلين والكثير من المصادر، والسيارات المفخخة والمتفجرات والأسلحة خلال الجزء الأول من هذه المعركة». وأضاف أن «المدينة محاصرة من جميع الجهات وهم غير قادرين للحصول على الإمدادات أو تعزيز ما تبقى».
خلافا لأغلب المعارك السابقة لاستعادة المدن العراقية من تنظيم داعش، لم تخل الموصل في الهجوم الحالي من سكانها.
وكانت الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة أخرى استعدت لاستقبال أكثر من مليون نازح. لكن نحو 150 ألف شخص فقط فروا نتيجة المعارك.
ويثير وجود الكثير من المدنيين في الضفة الغربية لمدينة الموصل التي يستميت تنظيم داعش للاحتفاظ بها، مخاوف كذلك.
وقالت ميستي باسويل من منظمة «سيف ذي تشيلدرن» إن «الكثير من العائلات فرت إثر الخوف من مدينة الموصل».
وأضافت: «لكن نحو 300 ألف طفل ما زالوا عالقين في الجانب الغربي من المدينة، والآن يواجهون احتمال حصار وحشي لأن أغلب المدنيين محاصرون من قبل قناصة وألغام تنظيم داعش».
وتابعت باسويل أن «الأطفال دفعوا ثمنا باهظا خلال المعارك في الجانب الشرقي حيث شكل الضحايا المدنيون إثر القتال أكثر من نصف عدد الضحايا».
وتابعت أن «الأطفال في الشوارع الضيقة وذات الكثافة السكانية في الجانب الغربي من مدينة الموصل معرضون لخطر أكبر لأنهم عالقون في الاشتباكات ومعرضون للإصابة بالمتفجرات».
على ذات الصعيد أعلن قائممقام قضاء تلكيف بمحافظة نينوى العراقية باسم يعقوب أمس الخميس أن قوات مشتركة من الجيش العراقي ومكافحة الإرهاب اقتحمت القضاء وحررت خمسة أحياء، لافتا إلى أن القوات كبدت تنظيم داعش خسائر كبيرة. وقال يعقوب إن «قوات من الفرقة 16 والفرقة التاسعة ومكافحة الإرهاب اقتحمت قضاء تلكيف شمال المحافظة»، مبينا أن «القوات حررت خمسة أحياء وسط القضاء وقتلت عددا كبيرا من عناصر داعش».
وأضاف يعقوب أن «اقتحام القضاء تم من عدة محاور، وتم تحقيق نجاحات كبيرة»، مشيرا إلى أن «القوات الآن وسط القضاء وسوف نعلن خلال الساعات المقبلة تحريره».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.