رئيس البرلمان الألماني يمتدح موقف المسلمين ويدعوهم إلى حوار داخلي مع الدين

النواب يقفون دقيقة حدادًا على أرواح عملية الدهس الإرهابية ببرلين

أكاليل من الورود على أرواح الضحايا قي حادث الدهس 19 ديسمبر وسط برلين أمس («الشرق الأوسط»)
أكاليل من الورود على أرواح الضحايا قي حادث الدهس 19 ديسمبر وسط برلين أمس («الشرق الأوسط»)
TT

رئيس البرلمان الألماني يمتدح موقف المسلمين ويدعوهم إلى حوار داخلي مع الدين

أكاليل من الورود على أرواح الضحايا قي حادث الدهس 19 ديسمبر وسط برلين أمس («الشرق الأوسط»)
أكاليل من الورود على أرواح الضحايا قي حادث الدهس 19 ديسمبر وسط برلين أمس («الشرق الأوسط»)

في جلسة خاصة للبرلمان الألماني، حضرتها المستشارة أنجيلا ميركل ورئيس الجمهورية يواخيم غاوك وممثلون عن عائلات ضحايا عملية الدهس الإرهابية ببرلين، طالب رئيس البرلمان الألماني نوربرت لاميرت المسلمين بحوار داخلي حول الدين الإسلامي.
وقال لاميرت أمس، في كلمة ألقاها أمام البرلمان، بعد مرور شهر على العملية الإرهابية، إن الإرهاب لم يكن يومًا دينيًا وإنما سياسيا، ولهذا فإن الرد لا بد أن يكون سياسيا. وأضاف «إننا، كدولة تضمن حرية الأديان وحقوق الإنسان، نجد أن من حقنا، بل ولزامًا علينا، أن ندعو المسلمين إلى حوار داخلي حول الدين الإسلامي بالعلاقة مع الإيمان والعنف المتطرف».
وامتدح لاميرت موقف المسلمين في ألمانيا وإدانتهم للعملية الإرهابية ببرلين يوم 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وقال: إن رئيس المجلس الأعلى للمسلمين «فعل ذلك بشكل نموذجي يقتدى به». وأضاف أن هذا الموقف «يستحق الاحترام والتقدير».
وكان أيمن مزايك، رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، دان عملية برلين بشدة وقال: إن الإسلام بريء من الإرهاب. وقال: إن من يجند المسلمين لمصلحة «داعش»، أو يدعو إلى ذلك، مكانه خلف القضبان، لأن القران لا يتعارض مع الدستور الألماني. وأضاف أن المسلمين يتضامنون مع ضحايا الإرهاب في بلدهم ألمانيا، ويتمنون أن تبقى العاصمة برلين منفتحة ومسالمة ومتسامحة كما عهدوها. كما دعا مزايك المسلمين إلى حوار داخلي حول الإرهاب والعنف مشيرًا إلى أن هذا هو أفضل وقت لممارسة النقد الذاتي. وكان التونسي أنيس العامري (24 سنة) قاد شاحنة ضخمة في سوق أعياد المياد، في ساحة براينشادت في العاصمة برلين، وأوقع 12 ضحية وأكثر من 48 جريحًا. وألقي القبض على التونسي، بعد نجاحه في الهروب، في إيطاليا بعد ثلاثة أيام من العملية، حيث أرداه شرطيان إيطاليان قتيلاً قرب محطة للقطار في ميلانو.
وأكد لاميرت في كلمته على مكافحة التطرف بكل الوسائل التي تتيحها دولة القانون، مشيرًا في ذات الوقت إلى «نحن لا نحارب الإسلام وإنما التشدد، ونحن لا نقاتل الدين وإنما التطرف». وهذا لا يسري على ألمانيا فقط، من وجهة نظره، وإنما على البلدان الأوروبية الجارة التي تعرضت إلى عمليات إرهابية مماثلة.
وحذر رئيس البرلمان الألماني أيضًا من تعميم وصمة التطرف على الناس بسبب هويتهم ودينهم، لأنهم أنفسهم من ضحايا الإرهاب وهاربون منه. وأضاف أن مرتكب الجناية أنيس العامري قدم نفسه كمسلم ومقاتل في صفوف «داعش»، لكن هذا لا يجب أن ينطلي علينا، خصوصًا أننا مجتمع متعدد الأديان ومنفتح ويؤمن بقضايا حقوق الإنسان.
وأشاد رئيس البرلمان الألماني، وهو من الحزب الديمقراطي المسيحي، بمواقف سكان برلين بعد الاعتداء الإرهابي الذي استهدف سوقًا لأعياد الميلاد في العاصمة برلين.
وقال رئيس «البوندستاغ» إن «الإرهاب يهدف إلى زعزعة المجتمعات الديمقراطية... لكن الإرهابيين عجزوا عن الوصول إلى هدفهم هذا في ألمانيا». وأضاف لاميرت في كلمته لتخليد ضحايا الاعتداء أن «الشعب تعامل بحكمة بعد الاعتداء الإرهابي».
وفي ضوء المعلومات التي أصبحت متوفرة الآن عن منفذ الهجوم، الذي كان معروفًا لدى الكثير من الأجهزة الأمنية والسلطات المعنية بالأجانب في ألمانيا، قال لاميرت إن ذلك يجبر صناع القرار السياسي على «مراجعة البنية الأمنية في بلادنا» مضيفًا: «لم تفشل دولة القانون كدولة قانون ولكنها لم تستنفد جميع وسائلها». وأكد أن على السياسة أن لا تموه على الأحداث، وأن الأوان حان لكشف كافة الأخطاء وبواطن الضعف البنيوية في أجهزة الدولة، ولا بد من تحمل كافة العواقب التي قد تنجم عن ذلك.
وشدد لاميرت على ضرورة التركيز خلال النقاش الذي أصبح ضروريًا الآن بشأن سبل مواجهة الإرهاب، وعلى سبل الحفاظ على التوازن الصعب بين الاستحقاقات الأمنية ووعود الحرية التي تبشر بها دولة القانون.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.