بعد التلويح بإغلاق إنجرليك... «التحالف» وموسكو يدعمان معركة الباب

أول عملية جوية روسية تركية مشتركة بالاتفاق مع النظام

تلاميذ يتفحصون أمس ما تبقى من محتويات مدرستهم التي تحولت إلى سجن في بلدة الراعي بعد أن تم طرد تنظيم داعش منها من خلال «درع الفرات» (رويترز)
تلاميذ يتفحصون أمس ما تبقى من محتويات مدرستهم التي تحولت إلى سجن في بلدة الراعي بعد أن تم طرد تنظيم داعش منها من خلال «درع الفرات» (رويترز)
TT

بعد التلويح بإغلاق إنجرليك... «التحالف» وموسكو يدعمان معركة الباب

تلاميذ يتفحصون أمس ما تبقى من محتويات مدرستهم التي تحولت إلى سجن في بلدة الراعي بعد أن تم طرد تنظيم داعش منها من خلال «درع الفرات» (رويترز)
تلاميذ يتفحصون أمس ما تبقى من محتويات مدرستهم التي تحولت إلى سجن في بلدة الراعي بعد أن تم طرد تنظيم داعش منها من خلال «درع الفرات» (رويترز)

تلقت تركيا دفعة كبيرة من روسيا والتحالف الدولي للحرب على «داعش»، في إطار عملية «درع الفرات» التي تنفذها في شمال سوريا منذ 24 أغسطس (آب) الماضي، وتتركز معاركها منذ نحو شهرين على مدينة الباب، معقل «داعش» الحضري الأخير في ريف حلب.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أن طائرات حربية روسية تشارك طائرات تركية في استهداف عناصر «داعش» الذين يسيطرون على مدينة الباب، على بعد نحو 40 كيلومترا شمال شرقي حلب.
وهذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها القوات الجوية الروسية والتركية بعمل مشترك بالاتفاق مع الحكومة السورية.
وقالت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط»، إن الطائرات الروسية قامت من قبل بقصف جوي لعناصر «داعش» جنوب الباب، لكن لم يكن ذلك في إطار عمل مشترك مع الطيران التركي، وأن هذا القصف جاء في الفترة التي أوقف فيها التحالف الدولي دعمه لتركيا في هذه العملية، ما دفع أنقرة إلى مطالبة واشنطن ودول التحالف بالقيام بمسؤولياتهما في الحرب على «داعش».
وأضافت المصادر أن تركيا لوحت بإغلاق قاعدة إنجرليك جنوب البلاد، التي يستخدمها التحالف الدولي في ضرباته ضد «داعش»؛ لأنها لم تتلق المساعدة الضرورية من جانب التحالف.
ولفتت المصادر إلى أن أنقرة كثفت اتصالاتها بالجانب الأميركي في الفترة الأخيرة، إضافة إلى التوافق مع روسيا بشأن الموقف ضد التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها «داعش».
في الوقت نفسه قال المتحدث باسم التحالف الدولي للحرب على «داعش» جون دوريان، إن التحالف نفذ ضربات جوية في سوريا ضد أهداف لتنظيم داعش محل اهتمام من جانب كل من واشنطن وأنقرة، قرب مدينة الباب، وذلك عقب انتقادات من تركيا لعدم كفاية الدعم الأميركي لعملية برية تشنها. وقال دوريان إن التحالف أطلق 4 ضربات في الأيام الأخيرة ضد أهداف لـ«داعش»، وإنها محل اهتمام مشترك من البلدين. مضيفا: «لاحظنا فرصة كان من مصلحتنا المشتركة فيها تدمير تلك الأهداف».
وأبدت تركيا غضبها من سياسة الولايات المتحدة في سوريا، لا سيما دعمها للمقاتلين الأكراد الذين تسعى تركيا لإبعادهم عن حدودها. كما اتهمت واشنطن بالتقاعس عن تقديم ما يكفي من الدعم لحملتها لطرد «داعش» من الباب، رغم أن أنقرة تسمح للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة باستخدام قاعدة جوية لشن عمليات في سوريا.
وكان رئيس هيئة أركان الجيش التركي، خلوصي أكار، دعا حلف شمال الأطلسي «الناتو» لتحمل مسؤوليات أكبر بخصوص مكافحة الإرهاب، وتقديم مزيد من الدعم لتركيا ضمن هذا الإطار، خلال كلمة في اجتماع اللجنة العسكرية لـ«الناتو» الخاص برؤساء الأركان العامة، في بروكسل، الثلاثاء.
وفي تصريحات، أمس، بدا منها أن أنقرة ترغب في إيصال رسالة إلى واشنطن و«الناتو» حول الحفاظ على العلاقات معهما، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، إن تقارب بلاده مع روسيا لا يعني بالضرورة تأثيره سلبا على علاقاتها مع كل من واشنطن وأوروبا.
وأضاف: «كذلك الأمر ينطبق على عضويتنا في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، حيث إن ذلك لا يعني أننا سنقطع علاقاتنا بشكل نهائي مع روسيا والصين والدول الأفريقية وأميركا اللاتينية».
وأكد أنه من غير الممكن حصر السياسة الخارجية داخل معسكر واحد في ظل الشروط الراهنة، موضحا أن بلاده تتبع سياسة متوازنة بين الغرب والشرق.
من جانبه، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن تركيا تشاطر روسيا الرأي، بخصوص مشاركة الولايات المتحدة في المحادثات السورية المرتقبة في آستانة المزمع إجراؤها الاثنين المقبل.
ولفت جاويش أوغلو إلى أن مفاوضات آستانة ستعقد في 23 يناير (كانون الثاني)، وأن المحادثات سيسبقها اجتماع تركي، روسي، إيراني على مستوى الخبراء. وبشأن فرض عقوبات على منتهكي هدنة وقف إطلاق النار في سوريا، أشار جاويش أوغلو خلال لقاء مع أكاديميين أتراك في أنقرة، إلى أن العمل جارٍ على وثيقة فرض العقوبات، وأنها لم تكتمل بعد.
وأوضح جاويش أوغلو أن مشاركة الأمم المتحدة، وتركيا، وروسيا، وإيران، والولايات المتحدة، باتت شبه مؤكدة في محادثات آستانة، وسيتم توجيه الدعوة للدول المذكورة من قبل كازاخستان الدولة المستضيفة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».