إسرائيل متفائلة من موقف روسي يضمن لها «حضورًا خفيًا» في آستانة

سرعت أخيرًا الحوار الذي تجريه مع موسكو حول سوريا

مقاتلون سوريون ضمن حملة «درع الفرات» ضد «داعش» يتدفأون قرب بلدة الباب التي يسيطر عليها التنظيم في ريف حلب (رويترز)
مقاتلون سوريون ضمن حملة «درع الفرات» ضد «داعش» يتدفأون قرب بلدة الباب التي يسيطر عليها التنظيم في ريف حلب (رويترز)
TT

إسرائيل متفائلة من موقف روسي يضمن لها «حضورًا خفيًا» في آستانة

مقاتلون سوريون ضمن حملة «درع الفرات» ضد «داعش» يتدفأون قرب بلدة الباب التي يسيطر عليها التنظيم في ريف حلب (رويترز)
مقاتلون سوريون ضمن حملة «درع الفرات» ضد «داعش» يتدفأون قرب بلدة الباب التي يسيطر عليها التنظيم في ريف حلب (رويترز)

عمم مسؤولون إسرائيليون سياسيون وعسكريون، أمس، تقديرات إسرائيلية متفائلة حول موقف روسيا حيال مصالح إسرائيل. وقالوا، في تصريحات لوسائل الإعلام العبرية، إن روسيا أعطت عدة إشارات تدل على تفهم روسي للمصالح الإسرائيلية في سوريا.
وأضافوا: «حتى لو لم تحضر إسرائيل مؤتمر الآستانة لتسوية القضية السورية، فإن موقفها سيكون حاضرًا بقوة، أولاً بسبب عمليات القصف المنسوب إلى إسرائيل قرب دمشق، وثانيًا بفضل التطور الإيجابي في العلاقات بين الرئيس فلاديمير بوتين وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو».
وكانت إسرائيل سرعت في الأسابيع الأخيرة الحوار الذي تجريه مع الروس، حول سوريا، سواء على المستوى الدبلوماسي أو المستوى العملي الميداني. وما زال نتنياهو يتحدث بشكل متواصل مع بوتين، قبل وبعد عمليات القصف، في نهاية الأسبوع المنصرم على مطار المزة العسكري في منطقة دمشق، والتي تم نسبها إلى إسرائيل.
وذكرت مصادر إسرائيلية رفيعة أن هاتين القناتين (القصف على المزة ومكالمات نتنياهو مع بوتين)، تتوجهان نحو مكان واحد: طاولة المفاوضات حول مصير سوريا التي ستبدأ في 23 الحالي في آستانة في كازاخستان.
وأضافت: «لم تتم دعوة إسرائيل إلى هذا المؤتمر، لكنها تصر على أن يتم الشعور بوجودها هناك، ولذلك فإنها تبث، عبر كل القنوات: أنتم لا يمكنكم التوصل إلى أي اتفاق، وبالتأكيد ليس حول مصير هضبة الجولان، من دون أخذ المصالح الإسرائيلية في الاعتبار».
وتابعت: «على مدار فترة طويلة، منذ اللحظة التي انتشر فيها الروس في سوريا في سبتمبر (أيلول) 2015، توقفت تمامًا التقارير الإعلامية الدولية حول شن هجمات إسرائيلية في أعماق سوريا. ولكن في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، انتهى الصمت، مع سلسلة من التقارير حول الهجمات التي تواصلت حتى الأسبوع الأول من ديسمبر (كانون الأول) والتي نسبت لإسرائيل. ولم تتم الإشارة في وسائل الإعلام الروسية أو التقارير العسكرية الروسية إلى أي من هذه الهجمات التي جرت في خضم الجهود الروسية لاحتلال حلب.
وبعد سقوط حلب، بدأ الروس الإعداد لمؤتمر القمة في كازاخستان، ومرة أخرى جاء تقرير حول هجوم إسرائيلي، وفجأة اقتبست كل وسائل الإعلام الروسية البيان الرسمي السوري حول الهجوم الإسرائيلي. ولكن الأهم من ذلك أنه للمرة الأولى يتطرق مسؤول حكومي روسي مباشرة إلى الهجوم المنسوب لإسرائيل، ولبالغ المفاجأة، يظهر تفهما لإسرائيل.
ففي صحيفة «إزفستيا» شبه الرسمية، تم اقتباس أندري كليموف، نائب رئيس لجنة العلاقات في مجلس الشيوخ الروسي، قائلاً: «إسرائيل تستخدم القوات المسلحة من أجل محاربة التنظيمات التي تعتبرها تشكل خطرًا على أمنها». كما وجه أصبع الاتهام إلى تنظيم «حزب الله»، دون أن يذكر اسمه: «تل أبيب، بطبيعة الحال، تحارب تنظيمات الإرهاب التي تشارك في الحرب السورية».
وقال مسؤولون في إسرائيل، أمس، إن «هذه ليست زلة لسان. إنه تلميح رسمي روسي للإيرانيين و(حزب الله) الذين يختلفون مع روسيا بشأن الترتيبات في سوريا. إسرائيل تملك هنا مصلحة واضحة: صد المحاولات التي يقوم بها النظام السوري للعودة إلى هضبة الجولان، سواء بواسطة الحرب أو الحوار مع الفصائل المعارضة.
فالسوريون، أيضًا، يحاولون تحقيق مكاسب سياسية من هذا الهجوم خلافًا لما حدث في الماضي، ويشيرون الآن إلى إسرائيل، ويتوجهون إلى مجلس الأمن ويسربون بأن طائرات F - 35 هي التي نفذت الهجوم الأخير. لكن طائرات F - 35 لا تتمتع بأية ميزة زائدة عن القدرات التي تملكها إسرائيل، اليوم، لضرب العمق السوري، وإسرائيل ليست بحاجة إلى استخدام الطائرات التي وصلت قبل شهر ولم تكتسب الخبرة العملية في أي مكان في العالم. ويبدو أن السوريين يحاولون إحراج الإدارة الأميركية: أنتم سلمتم أسلحة متطورة للإسرائيليين، وها هم يستخدمونها فورًا لتأجيج الصراع في الشرق الأوسط».
وأضاف مسؤول آخر أن «المواقع التي استهدفتها إسرائيل، والتي بلغ عددها، بحسب المصادر الأجنبية، بين عشرة إلى خمسة عشر هدفًا خلال السنوات الثلاث الأخيرة، هي مخازن وقوافل سلاح متطور، كمنظومات الدفاع الجوي، منظومات توجيه وسبر للصواريخ، صواريخ أرض بحر وغيرها، تقوم إيران وسوريا بتزويد «حزب الله» بها. وروسيا تصمت. ومن المثير جدًا فهم هذا الصمت الروسي». فالمتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية حذر في الماضي الولايات المتحدة وقوات التحالف، العاملة هي الأخرى في سماء سوريا، من عدم مهاجمة أهداف للنظام السوري، أما بخصوص الهجمات الإسرائيلية، فإن موسكو تتجاهلها حتى اللحظة. هذا كله يقود للتقدير بأن هناك تفاهمات صامتة ما بين تل أبيب وموسكو. فحوى هذه التفاهمات غير واضح، باستثناء منظومة تلافي الاحتكاك والاصطدامات بين طائرات الجيشين. وقد تم إنجاز هذه التفاهمات في لقاءات ومكالمات بين نتنياهو وبوتين، خلال العام والنصف العام الأخير، وخصوصا أثناء لقاء قائد سلاح الجو الإسرائيلي، الجنرال أمير إيشل، مع رئيس هيئة الأركان الروسي، ومع قائد سلاح الجو التابع له ومع بوتين بنفسه. يبدو، وبناء على حقيقة إطلاق الصواريخ التي تمت من الأراضي الإسرائيلية قرب طبريا - من دون أن تعمل الطائرات في السماء السورية - فإنها تلبي جانبًا معينًا من حرية حركة تتمتع بها إسرائيل. بالإمكان الاستنتاج أن روسيا تفهم ما هي الخطوط الحمراء الإسرائيلية وما هي المصالح الإسرائيلية في سوريا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».