سيناريوهات ما بعد مرجعية السيستاني

قراءة دينية وسياسية

سيناريوهات ما بعد مرجعية السيستاني
TT

سيناريوهات ما بعد مرجعية السيستاني

سيناريوهات ما بعد مرجعية السيستاني

تطرح الأوضاع العامة في كل من العراق وإيران علامات استفهام حول مستقبل المرجعيات الدينية، ولا سيما، في ظل التقارير عن الوضعين الصحيين لعلي خامنئي «مرشد الثورة» في إيران، وعلي السيستاني، المرجعية الأبرز في النجف الأشرف بالعراق. والحقيقة، أنه لم يُطرح السؤال عن خليفة المرجع الديني لدى الشيعة الإمامية، النجف تحديدًا، بالزخم الذي أخذ يُطرح به بعد قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية عام 1979. والسبب، على ما يبدو، أن «الولي الفقيه» الذي مقره طهران، هو المرجع «الديني» و«الدنيوي» الرسمي بمنزلة «نائب الإمام الغائب المنتظر»، وغدا منافسًا لبقية المراجع. وعلى غير العادة التي يبرز فيها المرجع الديني، أنه يأتي بتعيين مثلما حدث بعد وفاة آية الله الخميني عام 1989، وعُين مرشد الثورة حالي علي خامنئي، الذي يجمع بين زعامة السلطة والدين معًا.
كذلك الأمر له علاقة بالموقف من فكرة «ولاية الفقيه» نفسها؛ إذ الكثير من مراجع الشيعة الإمامية الكبار، لا يُقرون بها، بل يُقرون بولاية الفقيه «الحُسبية»، ما يخص أموال القاصرين والتقليد في الفروع دون الأُصول؛ فالأُصول لا تقليد فيها، أي يكون مرجع التقليد المعروف مثلما درجت عليه العادة منذ زمن بداية المرجعية الدينية. أما «ولاية الفقيه» فلم يقرّها لا الأولون ولا المتأخرون، حتى المرجع الحالي آية الله علي السيستاني. كذلك، لا يقرها مراجع يعيشون بمدينة قم الإيرانية نفسها، أما تبريرها بمشهورة أبي خُديجة وصحيحة ابن حنظلة عن الإمام جعفر الصادق فهذا يخص «الحسبية» الخاصة وليست «الولاية العامة» التي هي «ولاية الفقيه».
من غير الصحيح أن يُحدد الخلاف بين أصحاب فكرة «ولاية الفقيه» ومخالفيها بين قم والنجف؛ لأن قم نفسها، وهي مكان الحوزة الدينية التي نشأت حديثًا، أي في العقد الثاني من القرن العشرين (1921)، على يد الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي (ت1937)، لم تُسلم فقهيًا بـ«ولاية الفقيه». وليس من تقاليد هذه الحوزة والمرجعيات التي نشأت فيها الإقرار بهذه الولاية، فإذا أخذنا كبار الفقهاء المراجع السابقين فيها، كحسين البروجردي (ت1961) ومحمد كاظم شريعتمداري (ت1985)، مثلاً، نجد أنهما لم يقرّا بها، إنما إذا أُريد أن يُعبر عن هذا الخلاف بين «المدرستين» أن يكون بين طهران والنجف لا بين قُم والنجف؛ فـ«ولاية الفقيه» معلنة ومركزها في العاصمة الإيرانية طهران.

مراجعة تاريخية
منذ تأسيس المرجعية الدينية الشيعية في بغداد على يد محمد بن محمد النعمان، المعروف بابن المعلم الشيخ المفيد (ت413هـ)، وهو عربي من منطقة عكبرى، القريبة من بغداد، لم يُعرف هناك أزمة في خلافة مرجعية المذهب. ولقد حصل تأسيس الشيخ المفيد للمرجعية آنذاك بعد انتهاء فترة النواب أو «سفراء المهدي المنتظر» الأربعة، وقد تولوا زمن «الغيبة الصغرى» (260 - 329هـ)، وهم: عثمان العمري الأسدي (ت280هـ)، ونجله محمد بن عثمان (ت305هـ)، وحسين النوبختي (ت 326هـ)، وعلي السيمري (ت 329 هـ). وبوفاة الأخير بدأ زمن «الغيبة الكبرى»، وعهد المراجع واجتهاد الرأي، وانتهى العمل بالسياسة المباشرة، فهي من شأن الإمام الغائب (انظر: الطوسي: «كتاب الغيبة»).
بعد الشيخ المفيد والشريف المرتضى (ت 436هـ) انتقلت المرجعية إلى النجف، وأعاد تأسيسها عام 448هـ هناك محمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، المعروف بـ«شيخ الطائفة»، وذلك بعد النزاع الطائفي في العهد السلجوقي (بدأ 447هـ). ويمكن اعتبار النجف منذ ذلك التاريخ جامعة متفردة للفقه الإمامي، ومركزًا للحوزة الدينية ومقرًا للمرجعية، وكم تأسست حوزات دينية خارجها، لكن الطامح بالاجتهاد ظل يشرئب إليها، وكأن لا اعتراف به من دون الدراسة فيها، وصارت من أكثر المدن حفاظًا على العربية وآدابها؛ لأن تعليمها أساس الدراسة.
ولم يجر الحديث، حتى في الزمن القريب، عن «خلافة المرجعية» مثلما اليوم، فيذكر أنه بعد وفاة البروجردي أبرق شاه إيران إلى السيد محسن الحكيم (ت1970) معزيًا. وعُد ذلك، في وقتها، دعمًا للحكيم في تولي المرجعية واعتراف إيران به (رافسنجاني، حياتي)؛ وذلك كي يمنع شاه إيران وصول من يعارض سياسته كآية الله عبد الهادي الشيرازي (ت1962)، المتفوق علمًا وحضورًا. وبعد وفاة المراجع الذين يعدون أعلم أو مساوين للحكيم تراه تفرد بها، بمعنى أصبح البارز بين بقية المراجعة؛ لأن التقليد الشيعي لا يحصر أو يشترط المرجعية بفقيه واحد، إنما يبرز أكثر من غيره، حسب سعة التقليد وكثرة الطلبة. ولما توفي الحكيم تولى المرجعية، بلا أي نزاع، أبو القاسم الخوئي (ت1992)، وكان ذلك قبل تفجر الثورة الإيرانية.

بعد وفاة الخوئي
لكن بعد وفاة الخوئي كثر الجدل عن المرجعية؛ فالدولة العراقية كانت تحاول دعم صعود مرجع عربي، وحقًا دعمت البعض بهذا الاتجاه، لكنها لم تفلح بذلك؛ لأن تقاليد المرجعية لها علاقة بالأعلمية أولاً، وثانيًا ليس من تقاليدها الأخذ بالعرق سببا لها، أما لماذا هيمن الأعاجم على المرجعية؟ فهذا له علاقة بالدراسة والتفرغ لها تمامًا وتحصيل الخمس وسعة التقليد والشهرة في التدريس.
وما يخص خلافة السيد أبي القائم الخوئي (ت1992)، وقبل تسلم مقاليد المرجعية من قبل آية الله السيستاني، فإن هناك منْ أشار إلى آية الله السيد نصر الله، المستنبط (ت 1985)، الذي كان أحد من العلماء الكبار، ومن أساتذة الحوزة في العقائد، إلا أنه توفي في حياة الخوئي.
كذلك، كان بين الخوئي ومرجعية السيستاني مجتهد آخر كبير، هو أبو الأعلى السبزواري (ت1993)، لكن مرجعيته لم تطل سوى بضعة شهور بعد الخوئي. وقيل أن السلطة في بغداد كانت تُضيق كثيرًا على مرجعيته، حتى هُجّر بعض أولاده إلى خارج العراق. وبديهي أن قوة المرجع تُحسب بتخويله من قبل السلطة قبول الطلبة الأجانب والبت بإقاماتهم، وهذا ما سُحب من المراجع بعد الخوئي، وسُلمت إلى من يُراد أن يكون بديلاً.

مرجعية السيستاني
بعد وفاة السبزواري تولى المرجعية السيستاني، وكانت الظروف صعبة للغاية، فعندها اغتيل المجتهدان الشيخ مرتضى البروجردي والميرزا علي الغروي (عام 1998)، وهما من المراجع الموازين للسيستاني، وكانا يمكن أن يكونا المرشحين لخلافته أو يكفلا حضورًا موازيًا له.
بعد ذلك، حصرت المرجعية في النجف بأربعة مراجع، هم: آية الله إسحاق فياض (أفغاني الأصل)، وبشير النجفي (باكستاني)، ومحمد سعيد الحكيم (عراقي) ورابعهم والأعلى بينهم علي السيستاني (إيراني). وكل واحد من هؤلاء الثلاثة الأجانب اتخذ من النجف مستقرًا، ومن يتخذ النجف مستقرًا يصبح العراق مستقره، فالمذهب مثلما هو الدين عابر الحدود والجغرافيا. ولكلٍ من هؤلاء مقلدوه من الهند وإيران والخليج على العموم، وحيث يعيش الشيعة الإمامية. وكم من مرجع عربي كان مؤثرًا في ملوك إيران، مثل الشيخ جعفر الكبير (ت1812) جد أسرة كاشف الغطاء العراقية المعروفة.
منذ قدم آية الله علي السيستاني إلى النجف عام 1951، فإنه غادرها في شبابه إلى إيران لستة شهور فقط، ثم غادرها لفريضة الحج مرتين ومرة أخرى للعلاج في العاصمة البريطانية لندن، أما عدا ذلك فظل قابعًا بها حتى يومنا هذا. بل والكثير من المراجع وصلوها صبيانًا ودفنوا في تربتها شيوخًا، لتصبح وطنًا، ومنها يكون الاهتمام بالشأن العراقي عند الضرورة، مثلما حدث بعد 9 أبريل (نيسان) 2003.
واليوم يجري كلام كثير عما يميز النجف عن إيران، ولا نقول قُم لأن في قُم من لا ينسجم من فقهاء المذهب، مع «ولاية الفقيه»، أي «الدولة الدينية»، مثلما تقدم الحديث.

لا «ولاية فقيه» في النجف
ليس لنا عند الحديث عن توجه مرجعية النجف مما يُقال في الإعلام، أو ما يُكتب بلا علمٍ ودراية، على أنها تطرح «ولاية الفقيه» أو أنها مع «دولة دينية»، بل نستقي الخبر من الفتاوى والتصريحات الصادرة من الدار المتواضعة في زقاق من أزقة النجف، وهي ما زالت مؤجرة وليست ملكًا (الصغير، أساطين المرجعية العليا). ويستطيع المهتم أن يُتابع تلك الفتاوى والتصريحات وخُطب الوكلاء من الموقع الرسمي للمرجعية، ثم صدرت جميعها (2003 - 2013) في «النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية» أعده ممثلها حامد الخفاف.
قدمت لنا تلك النصوص أن المرجعية في النجف مع دولة مدنية، وهذا غير منسجم مع فكرة «ولاية الفقيه»، وليست دينية مثلما يصبو الإسلام السياسي الحاكم بالعراق حاليًا. وحقًا، توجهها مخالف لفكرة «الولي الفقيه» مثلما تتخذها إيران نظرية للحُكم. وهنا تأتي خطورة أن يتولى أحد المراجع القريبين من حزب «الدعوة الإسلامية» مثل الشاهرودي والحائري، فهما يتبعان «ولاية الفقيه» الإيرانية، وهذا ما يسعى إليه أتباع طهران العراق في حالة فراغ المرجعية، ولقد سمى أحد الخطباء الحاليين هذا السعي من قبل الدعوة بـ«استيراد المراجع»! وردت مرجعية السيستاني على استفسار «هل تحبون أن تكون دولة العراق مثل دولة إيران الإسلامية»؟ بالنفي القاطع. وعندما سُئلت المرجعية عن دورها السياسي جاء الجواب من مكتبها مكررًا «سماحة السيد لا يُطالب موقعًا في الحُكم والسلطة، ويرى ضرورة ابتعاد علماء الدين عن مواقع المسؤوليات الإدارية والتنفيذية».

تحدي المستقبل
يبلغ آية الله علي السيستاني من العمر (87 سنة)، وهذا ما يدفع كثيرون إلى الحديث عن خلافته في هذا الظرف الصعب، والتنافس بين مراجع التقليد والمراجع، الذين يمكن اعتبار غالبيتهم منهم بالسياسيين، مع وجود تأثير كبير لـ«ولاية الفقيه» عليهم. وبطبيعة الحال، ليس هناك من ينفي رغبة طهران أن يبرز مرجع داخل النجف متوافق معها، فكرًا وتوجهًا سياسيا، لكن هذا على ما يبدو غير موجود في المراجع الثلاثة، الذين يؤلفون المرجعية مع السيستاني.
كذلك، للأحزاب الدينية مراجعها، وهم من تلاميذ محمد باقر الصدر (أعدم 1980) ومحمد محمد صادق الصدر (قُتل 1999)، وهؤلاء يطرحون أنفسهم بصفتهم مراجع وآيات الله، وبعضهم يتحدث ضد المرجعية الدينية الحالية، يُشيرون إليها بـ«الساكتة» أو «الصامتة». على أن المرجعية التي ينشدونها هي المرجعية «الحركية» أو ما يُطلق عليها بـ«الرشيدة». وهذا نقاش نشط إبان حياة محمد باقر الصدر، الذي كان يعتبر آية الله الخميني مثله الأعلى (انظر: النعماني: «السيد الصدر سنوات المحنة وأيام الحصار»).
على صعيد آخر، وكما سبقت الإشارة، إذا علمنا أن كل مجتهد يبرز إلى المرجعية لا بد أن يحتاج إلى دعمين مادي ومعنوي، مع توافر الشروط فيه، من ناحية الأعلمية والنقاوة والورع، وغيرها من الصفات. ولقد دعمت «مؤسسة الإمام الخوئي» مرجعية السيستاني، في الخارج والداخل وبقوة، وبشرت به مرجعًا (حسب تقرير الشعبة الخامسة عشرة في مديرية الأمن العامة والمختصة بالمرجعية الدينية). ومعلومٌ أن مكانته العلمية كانت مناسبة للمرجعية، وهذا الدعم يحتاج إليه المرجع – وبالأخص – بوجود منافسين وظرف استثنائي، مثلما كان حال العراق والمرجعية الدينية عند وفاة الخوئي.

بدائل سابقًا ولاحقًا
كان يمكن اعتبار السيد محمد باقر الحكيم (قُتل 2003) مرشحًا وبقوة، بعد السيستاني، لو كان على قيد الحياة؛ إذ عاد من إيران وتفرغ للمرجعية الدينية، يدعمه تاريخ مرجعية والده محسن الحكيم، وتراث الأسرة بالنجف. ومنذ خطابه الأول بعد العبور من إيران إلى العراق تحدث عن دولة مدنية، وهو الذي كان يجد نفسه قرينًا لعلي خامنئي، ولم يكن يشعر بأن خامنئي أعلم منه، ولئن كان يلتزم به كـ«ولي المسلمين» داخل إيران، فهو بعد سقوط النظام العراق السابق صار في حلٍ من ذلك. لكن الأمر انتهى وانتهت أحلام إعادة مرجعية إلى آل الحكيم بشخص محمد باقر عندما قتل في تفجير كارثي بالنجف خلال شهر أغسطس (آب) عام 2003.
اليوم يطرح محمد علي اليعقوبي، فقيه حزب الفضيلة، نفسه مرجعًا، وعلى وجه الخصوص في حزبه. ولكن يصعب اعتباره من المنافسين على المرجعية العليا، أو أن يرنو إلى الحلول محل السيستاني. وهناك السيد محمود الحسني الصرخي، وهو أيضًا يطرح نفسه مرجعًا على جماعة من أتباعه، وكثيرًا من يتحدث ضد المرجعية الممثلة بالسيستاني، بيد أنه أيضًا ليس بالموقف الذي يؤهله لطرح اسمه أو التصدي للمرجعية العليا. وتجدر الإشارة إلى أن الصرخي واليعقوبي كانا مهندسين أكملا الدراسة في كلية الهندسة، ثم اتجها إلى الدراسة الدينية عند محمد محمد صادق الصدر. واعتمرا العمامة، في أجواء الحملة الإيمانية التي أطلقها النظام السابق (1993).
وبطبيعة الحال، لا عمار الحكيم ولا مقتدى الصدر، على الرغم من حضورهما السياسي في جماعتيهما، ومن أنهما من معتمري العمائم ومن أبناء أُسرتين دينيتين عريقتين، من الخيارات الواردة أو المحتملة، إذ يعتبران خارج نطاق التصدي للمرجعية تمامًا.

الحائري والشاهرودي
في ضوء هذا الواقع يبقى في الميدان فقيهان سياسيان، انتظما في حزب الدعوة الإسلامية، ومن تلاميذ محمد باقر الصدر، هما محمد كاظم الحائري ومحمود الهاشمي الشاهرودي.
الأول إيراني ولد في مدينة كربلاء العراقية، ويعيش منذ أواسط السبعينات بإيران. والثاني اعتقل داخل العراق في السبعينات ثم هاجر إلى إيران، وينسب إليه التنسيق مع محمد باقر الصدر بعد نجاح الثورة الإيرانية، وتولى بعد الثورة منصب رئاسة القضاء الإيراني، وقبل ذلك أصبح رئيسًا للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، لعام واحد (ولعله 1982 - 1983).
هذان الفقيهان السياسيان مدعومان من قبل حزب الدعوة، ولهما مكاتب في كل من قًم والنجف، غير أنهما يبقيان حزبيين، مع تفرغهما للاجتهاد. ولقد كان الحائري فقيه حزب الدعوة، بعد الثورة الإيرانية، ثم اختلفت القيادة معه، عندما أراد أن يكون القرار النهائي بيد الفقيه (الشامي، المرجعية من الذات إلى المؤسسة)، وهذا جزء من الإيمان بولاية الفقيه. وبعدها خرج من التنظيم الحزبي، لكنه ظل معه معنويًا، وعندما ضُيق على نوري المالكي (2010) أصدر فتوى بتحريم انتخاب العلماني، وكانت إشارة إلى رفضه ترؤس إياد علاوي الوزارة، بعد فوز قائمته آنذاك.
وهكذا، نجد أمام هذه الشخصيات صعوبات جمة، رغم الدعم الحزبي، في تولي المرجعية الدينية. ومثلما هو معروف، فإن ظهور المرجع لا يتحقق بتعيين. وليس هناك «دخان أبيض» يظهر علامة لاختيار المرجع، كما هو الحال مع انتخاب بابا الفاتيكان. ثم إن «خلطة» السياسة والحزبية عادة ما تكون حائلاً مع التقليد الديني، لكن ربما تسهل الأحزاب، كحزب الدعوة، الأمر ومن مركز المال والقوة، وعلى وجه الخصوص باحتواء العشائر الشيعية.

تغير الأحوال
لقد تغيرت أحوال المرجعية الدينية، كتغير بقية مناحي الحياة داخل العراق. ومن الجائز أن تصيبها حال الفوضى، لأنها مبنية أساسًا على اللانظام؛ إذ ليس هناك من تقليد يحميها من التشرذم والفوضى. وهنا نشير إلى أنه عندما تسلم السيستاني المرجعية من الخوئي استطاع حمايتها من السياسة، إلى جانب أعلميته وعدم وجود منافس له، بل إن الجميع من تلاميذه. لكن الأمر يختلف بعد السيستاني، وإذا ما تسلمها أحد المراجع الثلاثة (فياض والنجفي وسعيد الحكيم) الذين تقترب أعمارهم من عمر السيستاني، فلن يكون له مكانة السيستاني، بل وحتى أعلميته وحظوته في المجتمع الشيعي الإمامي. لكن يبقى المرشح الأقوى بين هؤلاء آية الله محمد سعيد الحكيم، سبط المرجع المعروف السيد محسن الحكيم، وبخاصة أنه المدعوم من المجلس الأعلى الإسلامي في العراق بحكم الصلات الأُسرية، مقابل دعم حزب الدعوة الإسلامية للحائري أو الشاهرودي المحسوبين على طهران.
في كل الأحوال، ستواجه المرجعية الدينية أزمة حادة بعد السيستاني، قد لا تبقى مركزية عليا فيها، وهذا وارد جدًا. وما نراه اليوم، حتى بوجود السيستاني، مؤشر إلى أن المركزية العليا تكاد تهتز، وتغلب عليها الأحزاب الدينية وكثرة مراجعها، فكيف الحال بغياب السيستاني، الذي ما زال صمام الأمان لمرجعية النجف؟ هذا، ولا يعول متابعو الوضع على الكلام الذي تتناقله بعض الجهات، من أن إيران ستحسم الأمر بمرجع مباشر من دوائرها. فهذا غير وارد، وإذا تحقق فسيُعد تدميرًا للشيعة في العراق.



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».