التشاؤم والتفاؤل بالقدر نفسه في توحيد قبرص

مفاوضات «تاريخية» في جنيف بحضور عدد من الدول الضامنة

التشاؤم والتفاؤل بالقدر نفسه في توحيد قبرص
TT

التشاؤم والتفاؤل بالقدر نفسه في توحيد قبرص

التشاؤم والتفاؤل بالقدر نفسه في توحيد قبرص

عبر عدد من المشاركين في مفاوضات السلام القبرصية الحالية في جنيف عن تفاؤلهم، وبالقدر نفسه عن تشاؤمهم، بخصوص نجاح توحيد شطري الجزيرة، المقسمة منذ أكثر من أربعين عاما، بين جمهوريتين، إحداها عضو في الاتحاد الأوروبي وتسكنها الأكثرية اليونانية، وأخرى للقبارصة الأتراك، معترف بها فقط من قبل أنقرة.
وبعد ثلاثة أيام من المفاوضات، التي بدأت الثلاثاء الماضي بين الوفدين القبرصيين، اليوناني والتركي حول دولة فيدرالية مقبلة في الجزيرة، فالمتحدث باسم الحكومة القبرصية اليونانية نيكوس خريستودوليدس قال إن التوصل إلى اتفاق «هو في متناول اليد، (لكننا) قريبون منه بمقدار ما نحن بعيدون منه». أما رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر فقال إن المفاوضات التي بدأت رسميا في جنيف أمس بحضور عدد من الدول الضامنة لأمن الجزيرة، وهي اليونان وتركيا والمملكة المتحدة، وبريطانيا، الممثلة بوزراء خارجيتها نيكوس كوتسياس ومولود تشاويش أوغلو وبوريس جونسون، إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، تشكل «الفرصة الأخيرة». وستحضر المؤتمر أيضا وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني.
وقال يونكر، في مؤتمر صحافي في فاليتا خلال إطلاق رئاسة مالطا الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي: «أعتقد حقا، من دون الرغبة في التهويل بشكل مفرط، أن ما يحدث في جنيف هو الفرصة الأخيرة» لإعادة توحيد الجزيرة. وأضاف: «من واجب رئيس المفوضية أن يكون حاضرا، ويحاول تقريب وجهات النظر بين الطرفين. لن أكون مسرورا لو بقيت جانبا». وختم يونكر: «عندما يكون السلام على المحك، فإن من يمتنع عن المخاطرة يكون عرضة للمخاطر أكثر من غيره».
بريطانيا القوة الاستعمارية السابقة في قبرص رحبت بالمفاوضات، وعرضت التخلي عن 50 في المائة من الأراضي التي ما زالت تحتفظ بها في قبرص، والمعروفة بمناطق السيادة، لتسهيل التوصل إلى اتفاق. وقال وزير خارجيتها بوريس جونسون، في تعليقات أوردها وكالة «رويترز»: «أرحب بالشجاعة المتواصلة والالتزام الذي أظهره الجانبان... المحادثات في جنيف بشأن التسوية القبرصية توفر للجانبين فرصة فريدة لإيجاد حل». وأضاف أن بريطانيا مستعدة للمساعدة بأي طريقه تستطيع القيام بها.
ولأول مرة منذ عقود تبحث الدول الثلاث (بريطانيا وتركيا واليونان) معاهدة أبرمت عام 1960 تسمح بالتدخل في قبرص، وهي الذريعة التي استخدمتها دولة واحدة على الأقل من الدول الثلاث للتدخل في الجزيرة في الماضي.
ويرمي هذا الاجتماع «التاريخي»، الذي سيرعاه البرتغالي أنطونيو غوتيريس في أول تنقل له خارج الولايات المتحدة منذ أن خلف الكوري الجنوبي بان كي مون في الأول من يناير (كانون الثاني). ولأول مرة منذ تقسيم الجزيرة تم تبادل خرائط دولة فيدرالية مقبلة بين الوفدين اليوناني والتركي، التي سلمت بدورها إلى الأمم المتحدة. وفي هذه المرحلة الأخيرة في المفاوضات في قصر الأمم، المقر الأوروبي للأمم المتحدة، ستتم عملية التبادل في جلسة مغلقة بحضور خمسة أشخاص فقط، كما قال وسيط الأمم المتحدة النرويجي أسبن بارت إيدي، وقال إيدي، لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «لقد أثبتا درجة من الإرادة والقيادة التي لم نرها منذ فترة طويلة جدا جدا»، مضيفا أن اتفاق السلام الأخير لإنهاء خمسة عقود من الصراع في كولومبيا، أعطى أملا في أنه من الممكن أن يحقق الزعيمان القبرصيان إنجازا مماثلا.
ومن المقرر أن تستمر المفاوضات ثلاثة أيام، وأن يعرض كل طرف الخرائط التي تتضمن مقترحاته بشأن تقسيم الأراضي ضمن النظام الفيدرالي المقترح من منطقتين. وقال الوسيط الدولي، خلال مؤتمر صحافي، إن الخرائط «ستعرض في قاعة خاصة بحضور المسؤولين (الرئيس القبرصي اليوناني نيكوس أناستاسياديس والزعيم القبرصي التركي مصطفى أكينجي) وحضور خبيري خرائط من الجانبين». وأضاف: «ستنقل لاحقا إلى خزينة وستبقى في عهدة الأمم المتحدة»، موضحا أن «الخريطة النهائية ستحدد في ختام العملية التفاوضية». وأضاف: «إنها لحظة مهمة جدا وتاريخية. لم يتم إطلاقا في الماضي تبادل خرائط أو عرض خرائط وضعها الوفدان القبرصيان».
وأوضح الوسيط إيدي الذي يتابع جميع المفاوضات منذ تحريك عملية السلام في مايو (أيار) 2015، أن هذه الوثائق لن تنشر «بسبب الحساسية الكبرى لهذه المسألة». والجزيرة المتوسطية مقسمة منذ أن احتلت القوات التركية شمالها عام 1974، ردا على انقلاب دبره القبارصة اليونانيون القوميون لإلحاقها باليونان. ومذ ذلك التاريخ لا تبسط جمهورية قبرص التي انضمت في 2004 إلى الاتحاد الأوروبي سلطتها سوى على القسم الجنوبي من الجزيرة، حيث يقيم القبارصة اليونانيون. ويقيم القبارصة الأتراك في الشمال حيث «جمهورية شمال قبرص التركية» المعلنة من جانب واحد، ولا تعترف بها سوى أنقرة.
وأدى التقسيم إلى تهجير عشرات الآلاف من القبارصة اليونانيين والأتراك بين الشمال والجنوب، وهم يأملون في حال التوصل إلى اتفاق، في استعادة ممتلكاتهم. ويرفض البعض الآخر الانتقال بعد أربعة عقود لبدء حياة جديدة كما هي الحال بالنسبة إلى مدينة مورفو (شمال).
وقال إيدي، إن الخلاف بين الوفدين حول ترسيم حدود الدولة الفيدرالية المقبلة يتعلق بنسبة «واحد في المائة». ورغم أنهم أقلية في قبرص، يسيطر القبارصة الأتراك حاليا على 36 في المائة من الجزيرة. وبحسب الإعلام القبرصي فإن الجانب اليوناني مستعد لمنحهم 28.2 في المائة من الدولة المقبلة، في حين أنهم يطالبون بـ29.2 في المائة.
ويبدو أن الطريق لا يزال طويلا قبل التوصل إلى اتفاق حول عودة النازحين ودفع التعويضات المالية وتقاسم أراض مترامية تشمل مدنا بكاملها، وأيضا حول مستقبل قواعد الجيش التركي في الشطر الشمالي من الجزيرة.
وقال الوسيط النرويجي، إنه تم التطرق إلى «جميع القضايا» خصوصا «الأصعب» كإدارة الدولة المقبلة وأمن الكيانين والأملاك المصادرة وترسيم الحدود. وقال: «إنني مقتنع تماما بأنها الفرصة الأفضل» لتوحيد الجزيرة، مؤكدا أن الدولة القبرصية المقبلة ستكون عضوا في الاتحاد الأوروبي. وذكر إيدي بأن أي اتفاق سلام سيخضع لاحقا لاستفتاء في شطري الجزيرة. وقال ردا على سؤال: «لسنا بحاجة إلى تحديد موعد للاستفتاء قبل مغادرة جنيف».
وكانت الجولة السابقة من المحادثات في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، انتهت دون حدوث أي تقدم. ويريد أكينجي إبقاء عدد القبارصة الأتراك، الذين سوف يتم إعادة توطينهم، منخفضا قدر المستطاع، في ظل اتفاقات إعادة التوطين، بينما يريد أناستاسيادس عودة أكبر عدد ممكن من القبارصة الأتراك إلى موطنهم. إلى جانب أنه لم يتم حل مسائل التعويض المالي بعد. وقالت مصادر من الوفود لوكالة الأنباء الألمانية، إن الزعيمين سوف يناقشان مثل هذه القضايا المالية، وكذلك تفاصيل نظام حكم مستقبلي. وقال أناستاسيادس لصحيفة «دي فيلت» الألمانية: «إنها المرة الأولى التي سيتحتم فيها على تركيا الاضطلاع بمسؤوليتها. وسوف يتحتم عليها إثبات ما إذا كان سيتبع وعودها العامة بحل الصراع القبرصي إجراءات ملموسة».



14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

سقط ما لا يقل عن 14 قتيلاً في أرخبيل مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي الذي ضربه السبت إعصار شيدو القوي جداً، على ما أظهرت حصيلة مؤقتة حصلت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم (الأحد) من مصدر أمني.

صور التقطتها الأقمار الصناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار شيدو فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وقال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن 9 أشخاص أصيبوا بجروح خطرة جداً، ونقلوا إلى مركز مايوت الاستشفائي، في حين أن 246 إصابتهم متوسطة.

الأضرار التي سبَّبها الإعصار شيدو في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

وترافق الإعصار مع رياح زادت سرعتها على 220 كيلومتراً في الساعة. وكان شيدو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً؛ حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرنس- ميتيو).

آثار الدمار التي خلفها الإعصار (أ.ف.ب)

وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، ما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل. ويقيم ثلث سكان الأرخبيل في مساكن هشة.