تركيا وإسرائيل تستأنفان حوارًا سياسيًا استراتيجيًا

بعد 6 سنوات من الانقطاع... كلاهما يتطلع إلى تطبيع العلاقات

تركيا وإسرائيل تستأنفان حوارًا سياسيًا استراتيجيًا
TT

تركيا وإسرائيل تستأنفان حوارًا سياسيًا استراتيجيًا

تركيا وإسرائيل تستأنفان حوارًا سياسيًا استراتيجيًا

بعد انقطاع دام أكثر من ست سنوات، استؤنف في أنقرة، أمس، الحوار السياسي الاستراتيجي بين إسرائيل وتركيا، على مستوى المديرين العامين لوزارة الخارجية. وقال مصدر إسرائيلي، إن هذا الحوار هو ارتقاء درجة عالية في تطبيع العلاقات بين البلدين، يبشر ببدء مرحلة جديدة من الصداقة والتعاون.
وقد عقدت لقاءات تمهيدية أمس، بغرض الأعداد لزيارة المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، يوفال روتم، إلى العاصمة التركية، بعد نحو أسبوعين، من أجل إدارة حوار معمق بين حكومتي البلدين. وستكون هذه هي المرة الأولى التي يجري فيها حوار سياسي بين وزارتي الخارجية في البلدين، منذ أحداث أسطول مرمرة في مايو (أيار) 2010، وقال مسؤول إسرائيلي رفيع، إن المحادثات بين روتم ونظيره التركي، يفترض أن تعالج قضايا سياسية مثل الحرب الأهلية في سوريا، والعلاقات مع روسيا، والوضع في قطاع غزة والضفة الغربية. لكنها ستركز أيضا، على صياغة خطة عمل لتحريك العلاقات بين البلدين، والتي شهدت جمودا عميقا خلال السنوات الست الماضية، بل تراجعت في بعض المجالات السياسية والأمنية والعسكرية.
وحسب ما قالته مصادر دبلوماسية إسرائيلية وتركية، فإن هناك الكثير من القضايا المطروحة، اليوم، على جدول البحث بين البلدين مثل: تعديل اتفاق التجارة الحرة، الذي جرى توقيعه قبل 20 عاما، واتصالات لإعفاء المواطنين الأتراك من الحصول على تأشيرة دخول إلى إسرائيل. وحسب أقوال المسؤول الإسرائيلي الرفيع، سيصل في السابع من فبراير (شباط) إلى إسرائيل وزير السياحة والثقافة التركي، نابي أوجي، للمشاركة في معرض للسياحة الدولية في تل أبيب. وسيكون أوجي أول وزير تركي يزور إسرائيل منذ أكثر من سبع سنوات، وسيلتقي خلال الزيارة مع نظيره الإسرائيلي ياريف ليفين.
وكانت صحيفة «ديلي صباح» التركية، قد ذكرت أمس، أن أنقرة تفحص إمكانية أن يكون الوزير التركي التالي، الذي سيزور إسرائيل، هو وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو. وستكون هذه الزيارة رمزية جدا، علما بأن وزير الخارجية التركي الأخير، الذي زار إسرائيل، كان عبد الله غول، قبل نحو عشر سنوات. وظهرت في وسائل الإعلام التركية، خلال الأيام الأخيرة، تقارير حول مخططات الحكومة التركية لدفع العلاقات مع إسرائيل. وقال مسؤول إسرائيلي رفيع، أن التصريحات التي أدلى بها مسؤولون أتراك لوسائل الإعلام لم تنسق مع إسرائيل، وتشير إلى رغبة تركية حقيقية للتقدم بسرعة في تطبيع العلاقات.
وكان وزير الخارجية التركي قد قال، خلال مؤتمر السفراء الذي انعقد في وزارة الخارجية التركية، في مطلع الشهر الحالي، بأن تطبيع العلاقات مع إسرائيل هو إحدى النقاط الأساسية في سياسة الخارجية التركية. وقال دبلوماسيون أتراك لوسائل الإعلام، إن دفع العلاقات مع إسرائيل لا يغير الموقف التركي الأساسي في الموضوع الفلسطيني. وحسب أقوالهم، فإن الفلسطينيين سيكونون الرابح الأساسي من تحسين العلاقات الإسرائيلية - التركية. وأشار الدبلوماسيون إلى اعتنائهم بدفع العلاقات مع إسرائيل في مجالات السياحة، والثقافة، والرياضة، التي تواصلت حتى خلال فترة الأزمة الطويلة بين البلدين. كما قالوا إن تركيا معنية بتحسين التعاون السياسي والعسكري والاقتصادي.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».