اتفق وزير العدل الألماني هايكو ماس، ووزير الداخلية الاتحادية توماس دي ميزيير، على «حزمة» جديدة من القوانين والإجراءات المشددة الرامية لفرض الرقابة الشاملة على المصنفين من قبل القوى الأمنية كـ«خطرين».
وأعلن ماس المنتمي إلى الحزب الديمقراطي الاشتراكي، ودي ميزيير المنتمي إلى الحزب الديمقراطي المسيحي، مساء الثلاثاء (أول من أمس)، بعد لقاء طويل ضم الاثنين في العاصمة برلين، أنهما توصلا إلى برنامج من عشر نقاط لتشديد الحرب على الإرهاب. واعتبر الوزيران اتفاقهما تعبيرًا عن «وحدة» التحالف الحاكم الذي يضم الحزبين بقيادة المستشارة أنجيلا ميركل.
ودعا الوزيران القوى الأمنية والقانونية إلى العمل على وضع «الخطة العشرية» الجديدة قيد التنفيذ، وتوقعا أن الإجراءات تلقت معارضة كثيرين. كما دعيا وزارات العدل والداخلية في الولايات الألمانية الـ16 إلى تعديل القوانين في الولايات بما يتناسب مع الإجراءات الجديدة.
وسبق أن أشارت المستشارة أنجيلا ميركل، في كلمة ألقتها الاثنين الماضي، أمام مؤتمر موظفي الدولة، إلى أنها تنتظر «عواقب» سريعة ومدروسة في أعقاب عملية إرهابية نفذها التونسي أنيس العامري (24 سنة) في سوق لأعياد الميلاد ببرلين يوم 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ودهس خلالها بشاحنة ضخمة عشرات المواطنين.
ويركز برنامج النقاط العشر، الذي أعلنه الوزيران، على فرض رقابة مشددة على المصنفين كـ«خطرين» أو كـ«مشاريع إرهابيين»، بحيث لا يستطيعون الإفلات من الرقابة البوليسية. وكانت دائرة حماية الدستور الاتحادية (الأمن العامة) صنفت أنيس العامري ضمن قائمة الخطرين، وفرضت عليه رقابة دائمة، إلا أنه عرف كيف يفلت من هذه الرقابة، واستغل غفلة الشرطة لتنفيذ عمليته الإرهابية. وما زالت أحزاب المعارضة البرلمانية، مثل حزبي الخضر واليسار، تتهم السلطات الأمنية بالعجز في قضية العامري وتطالب بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية خاصة في الموضوع.
كما تضمنت النقاط العشر وضع المهاجرين غير الشرعيين الذين صنفوا «خطرين» في مراكز ترحيل لفترة لا تتجاوز 18 شهرًا، بغض النظر عن مدى تجاوب البلدان الأصلية في توفير الأوراق اللازمة لترحيلهم. إلى ذلك، تشمل الخطة مراقبة الخطرين بواسطة قيود إلكترونية لتحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية، واللجوء إلى هذا الإجراء حتى إذا ثبتت براءته. كما أوصت وزارتي العدل والداخلية ترحيل جميع اللاجئين الذين يدلون بمعطيات كاذبة عن جنسياتهم وبلدانهم الأصلية والبلدان التي وصلوا إلى ألمانيا عبرها.
ووضع وزير العدل تهديداته السابقة ضد بلدان الشمال الأفريقي موضع التطبيق، واقترح فرض عقوبات اقتصادية، تشمل تقليص المساعدات التنموية للبلدان التي ترفض استقبال «الخطرين» الذين تود ألمانيا تسفيرهم قسرًا إلى البلدان التي وفدوا منها. وتأتي هذه النقطة ضمن بند «تسريع الترحيل القسري» من الخطة بحق الذين رفضت طلبات لجوئهم، وتتهمهم الدولة بارتكاب جرائم عادية أو التحريض على الكراهية.
وتتيح التعديلات الجديدة على قوانين الإرهاب تجميع اللاجئين في معسكرات حدودية إلى حين التأكد من هوياتهم. وتجري في هذه المعسكرات دراسة حق طالب اللجوء في الحصول على حق اللجوء أم لا، ومن ثم تسفير المرفوضة طلباتهم مباشرة إلى البلدان التي وفدوا منها.
وفي قضية منح القوى الأمنية الاتحادية اليد العليا على القوى الأمنية المحلية (في الولايات)، نجح دي ميزيير في إقناع زميله الوزير الاشتراكي ماس بالإجراء. وتشمل الإجراءات الأمنية الجديدة منح الشرطة الاتحادية حق نقل القضايا الأمنية الخطيرة من مسؤولية الولايات إلى مسؤوليتها.
وتتضمن الإجراءات الأخرى توسيع نشر الرقابة بواسطة كاميرات الفيديو، لتشمل الأماكن العامة والأسواق ومناطق الاحتفالات، وتوسيع استخدام أنظمة التعرف على الوجود على الكومبيوتر، وغيرها من الإجراءات الأمنية.
وفي أول رد فعل على الخطة الجديدة، اتهم بيرند ريكسنغر، من قيادة حزب اليسار، الحزب الديمقراطي الاشتراكي بالتبعية لـ«المتشددين» في الحزب الديمقراطي المسيحي. وقال ريكسنغر، إن المشكلة في قضية العامري لم تكن في نقص القوانين والإجراءات، وإنما في إخفاق الشرطة في تنفيذها، وأن على الوزير دي ميزيير تحمل المسؤولية الشخصية عن هذا الإخفاق.
أما عن القيود الإلكترونية ومراكز الترحيل، قال ينز غينزا، رئيس نقابة القضاة الألمان، إن القيود الإلكترونية «تراقب ولا تمنع»، وإنها نفعت فعلاً في فرض الرقابة على مكرري الجرائم الجنسية ضد الأطفال، ولا يعرف ما إذا كانت ستنفع كثيرًا في الحرب على الإرهاب. وأضاف أن الهدف من مراكز الترحيل في السابق كان تسريع عملية تسفير غير المرغوب بهم، في حين أن المطلوب منها في الحرب على الإرهاب «الوقاية» من خطر الإرهابيين.
ألمانيا تقر خطة من 10 محاور لمحاربة الإرهاب على أراضيها
تشمل فرض قيود إلكترونية وإنشاء مراكز ترحيل
ألمانيا تقر خطة من 10 محاور لمحاربة الإرهاب على أراضيها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة