الكرملين يؤكد تحضيرات مكثفة لـ«آستانة»... وتشوركين يدافع عن نجاحها

لندن تشكك بنجاح اللقاء وتؤكد الحاجة لمفاوضات في جنيف

لاجئون يقفون في طابور للخبز خارج مستودع مهجور في بلغراد بصربيا، أمس، حيث ينتظرون فتح الحدود لاستكمال رحلتهم إلى دول أوروبية أخرى (غيتي)
لاجئون يقفون في طابور للخبز خارج مستودع مهجور في بلغراد بصربيا، أمس، حيث ينتظرون فتح الحدود لاستكمال رحلتهم إلى دول أوروبية أخرى (غيتي)
TT

الكرملين يؤكد تحضيرات مكثفة لـ«آستانة»... وتشوركين يدافع عن نجاحها

لاجئون يقفون في طابور للخبز خارج مستودع مهجور في بلغراد بصربيا، أمس، حيث ينتظرون فتح الحدود لاستكمال رحلتهم إلى دول أوروبية أخرى (غيتي)
لاجئون يقفون في طابور للخبز خارج مستودع مهجور في بلغراد بصربيا، أمس، حيث ينتظرون فتح الحدود لاستكمال رحلتهم إلى دول أوروبية أخرى (غيتي)

قال مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، إن الحديث في المفاوضات المتوقعة بين النظام والمعارضة السورية يوم 23 يناير (كانون الثاني) الحالي، سيدور حول «تعزيز نظام وقف الأعمال العدائية، والمضي في العملية السياسية»، لافتًا في تصريحات أمس إلى قرار مجلس الأمن رقم «2254»، ومشددا على أن «هذا هو جدول أعمالنا» في «آستانة».
وكان تشوركين قد وجه انتقادات حادة أمس لمن وصفهم بالمشككين في نجاح مفاوضات آستانة، وذلك في رده على تصريحات ماثيو رياكروفت، مندوب بريطانيا لدى الأمم المتحدة الذي قال إنه «لدى لندن شكوك بخصوص اتفاقية وقف إطلاق النار التي تم التوصل إليها بوساطة روسيا وتركيا»، معربا عن «قلق بريطانيا من العدد الكبير لانتهاكات وقف إطلاق النار». كما شكك مندوب بريطانيا بإمكانية أن تؤدي مفاوضات آستانة إلى حل القضايا المتعلقة بإطلاق العملية السياسية لتسوية الأزمة السورية، مشددا على «الحاجة لاستئناف تلك العملية برعاية الأمم المتحدة، وهو ما يعني مفاوضات في جنيف التي دعا إليها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا»، حسب قول رياكروفت.
وفي رده على تلك التصريحات وصف تشوركين موقف المندوب البريطاني بأنه تصريحات عن «الذين لا يؤمنون» بالنجاح، مشددا على أن «اللقاء في آستانة مرحلة مهمة في عملية التسوية السورية».
إلا أن تصريحات تشوركين لم تحمل أي وضوح بشأن آخر التطورات الفعلية حول التحضيرات للقاء آستانة، كما كان عدم الوضوح طابعا مميزا للتصريحات بهذا الصدد من العاصمة الروسية موسكو؛ إذ أكد ديمتري بيسكوف، المتحدث الصحافي باسم الرئاسية الروسية، في تصريحات صحافية أمس، أن التحضيرات جارية لجولة المفاوضات السورية في آستانة، وأشار إلى أنه «من غير الواضح الفترة التي ستستمر خلالها المفاوضات»، مؤكدًا أن «التحضيرات تجري بصورة مكثفة بما فيه الكفاية لتلك المفاوضات»، موضحًا أن المشاركة الروسية فيها ستكون على مستوى الخبراء، رافضًا الإفصاح عن أي معلومات أو تفاصيل أخرى بشأن الدعوات والمشاركين وجدول الأعمال.
من جانبه، كشف قدري جميل، رئيس «الجبهة الشعبية للتحرير والتغيير»، أن المعارضة السياسية السورية لم تحصل حتى الآن على دعوات إلى آستانة. وفي تصريحات نقلتها عنه وكالة «ريا نوفوستي»، قال جميل إن «الدعوات كانت قد وُجهت لممثلي الفصائل (المعارضة) المسلحة فقط من جانب واحد، وللنظام من الجانب الآخر، برعاية تركيا وروسيا»، لافتًا إلى أن «تشكيل وفد موحد للمعارضة» مسألة ضرورية لإطلاق مفاوضات مباشرة مع النظام، معربا عن قناعته بأن «وجود عدد كبير من الوفود يعطل عمليا وفعليا بدء المفاوضات المباشرة».
في الشأن الميداني، واصلت وزارة الدفاع الروسية أمس نشر تقاريرها الصادرة عن مركز حميميم لمراقبة وقف إطلاق النار، بعد أن أضافت لها منذ مطلع العام الحالي فقرة لتسجيل انتهاكات وقف إطلاق النار بموجب اتفاق أنقرة. وأمس جاء في التقرير أن «الجانب الروسي في ممثلية اللجنة الروسية - التركية المشتركة الخاصة بالنظر في المسائل المتصلة بانتهاكات الاتفاقية الموحدة، قد سجل خرقا واحدا لوقف إطلاق النار، وذلك في اللاذقية»، أما «الجانب التركي في ممثلية اللجنة المشتركة فقد سجل 13 انتهاكًا (خرقا)؛ هي: 4 في دمشق، و3 في حماه، واثنان في حلب، واثنان في حمص، وانتهاكا واحدا في درعا، ومثله في إدلب»، وفق ما جاء في نص التقرير على الموقع الرسمي لوزارة الدفاع الروسية. ويسجل الجانب الروسي الانتهاكات من جانب المعارضة بينما يسجل الجانب التركي انتهاكات النظام والقوى التي تقاتل إلى جانبه، لوقف إطلاق النار.
في غضون ذلك، وفي الوقت الذي تواصل فيه قوات الأسد والجماعات الطائفية الموالية لإيران قصفها وادي بردى الخاضع لسيطرة المعارضة السورية، دون أن تخوض أي معارك مع إرهابيي «داعش» في القلمون ومناطق انتشارهم الأخرى في محيط دمشق، قال فاليري غيراسيموف رئيس الأركان العامة للقوات الروسية إن «عمليات تطهير مناطق ريف دمشق من الإرهابيين تشارف على النهاية». وفي اجتماع أمس عبر دائرة تلفزيونية مغلقة لكبار ضباط وزارة الدفاع الروسية، قدم غيراسيموف عرضا لنتائج العمليات في سوريا، وقال إن «المجموعات المسلحة الكبرى في مناطق حماه وحمص تم القضاء عليها خلال هذه الفترة، ويجري تطهير محافظة اللاذقية من المسلحين، بينما تشارف على الانتهاء عملية تحرير مناطق ريف دمشق من الإرهابيين»، حسب غيراسيموف الذي أشار إلى أن «المقاتلات الروسية نفذت منذ بدء العملية العسكرية في سوريا 19 ألفا و160 طلعة جوية قتالية، وجهت خلالها 71 ألف ضربة لمواقع البنى التحتية للإرهابيين. فضلا عن تحرير 12.36 ألف كيلومتر مربع، و466 منطقة سكنية في سوريا من الجماعات الإرهابية».
كما قدم وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو عرضا كذلك لنتائج العمليات الروسية في الاجتماع ذاته، وقال إن القوات الجوية الروسية نفذت خلال العام الماضي في سوريا المهمة التي كلفها بها الرئيس الروسي، معربا عن أسفه لعدم تقديم التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي تقوده الولايات المتحدة أي دعم للقوات الروسية، لافتًا إلى أن تنفيذ تلك المهمة «تطلب تركيز مجموعة جوية جدية في سوريا، وتحريك مجموعة سفن حاملة الطائرات، فضلا عن قوات إضافية من القوات الجوية الفضائية، وجذب الشرطة العسكرية» للمشاركة في العمليات في سوريا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.