لا تزال وتيرة الاغتيالات في صفوف المعارضين، من عناصر وقياديين، في إدلب تثير ريبة المعارضين في ظل الغموض الذي يحيط بهذه العمليات التي تتّهم بها المعارضة ما تصفه بـ«الثلاثي» «تنظيم داعش والنظام وما يسمى (حزب الله)» وترى فيها «خطة بديلة» لإنهاء الثورة في المنطقة.
وتعتمد هذه التصفيات على أسلوبين، أما الاغتيال بمسدسات كاتمة للصوت، حيث باتت هناك ظاهرة الجثث الملقاة على قارعة الطريق، أو عبر زرع عبوات ناسفة على الطرقات، أو في السيارات، بحسب ما يشير القيادي في «الجيش الحر» في إدلب، أبو علي عبد الوهاب، لافتا إلى أن أصابع الاتهام تتجه بشكل أساسي إلى خلايا «داعش» و«النظام» في المنطقة وبشكل غير مباشر إلى «حزب الله» اللبناني،؛ نظرا إلى عدم تواجده في منطقة الشمال. ويوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بقوله «إذا كان هدف (داعش) عبر عناصر (جند الأقصى) في إدلب إشعال الفتنة بين الفصائل، فإن هدف النظام و«حزب الله» هو إنهاء الثورة من خلال تصفية عناصرها وقيادييها في وقت ليس من مصلحته شن حملة عسكرية على المنطقة في الوقت الحالي».
وكانت صحيفة «إيزفيستيا» الروسية، أشارت في تقرير لها أواخر الشهر الماضي، إلى أن ما يسمى «حزب الله» اللبناني هو من ينفذ «العمليات الخاصة» في إدلب، بعد أن مدته المخابرات الإيرانية ومخابرات النظام السوري بالمعلومات الكاملة عن أماكن تمركز الفصائل.
ويقول عبد الوهاب «النظام وحلفاؤه أذكى من أن يورطوا أنفسهم في معركة خاسرة في الوقت الحالي، ولا سيما أن إدلب لا تهمه بصفتها منطقة استراتيجية محاذية لتركيا، وبالتالي يلجأون من خلال هذه العمليات إلى محاولة القضاء شيئا فشيئا على الثورة ورموزها في المنطقة، في حين يستفيد (داعش) من بعض الخلافات بين الفصائل المعارضة، ويقوم بهذه العمليات لزرع المزيد من الفرقة فيما بينها بحيث يصبح كل فصيل يتّهم الفصيل الآخر».
ويلفت إلى أن عمليات الاغتيالات والتصفيات تزداد بشكل كبير في الفترة الأخيرة، وتحديدا منذ نحو الشهر، بحيث باتت تسجّل يوميا عملية أو عمليتان ويسقط نتيجتها ليس فقط عناصر أو قياديون عسكريون إنما أيضا من مدنيين.
كذلك، أكد أبو يوسف، من القوة التنفيذية لـ«جيش الفتح» بمدينة إدلب، لـ«شبكة شام» المعارضة، أن القوة التنفيذية تملك أدلة على أن خلايا «داعش» تقف خلف العمليات التي استهدفت المقاتلين الذين تعرضوا لعمليات تصفية، لافتا إلى أنها تقوم بالاغتيال إما من خلال خلايا ترتبط بالتنظيم مباشرة، أو عن طريق جهات متسترة على هذه الخلايا كـ«جند الأقصى».
ولم يبرئ أبو يوسف النظام من التورط في بعض هذه العمليات التي تمت، ومع إمكانية أن يكون له ضلوع فيها من خلال بعض المتعاونين معه، ولكن في الوقت ذاته يجد قدرة النظام وأعوانه في الأرض ضعيفة، ولا يملكون هذه الإمكانات لتنفيذ كل هذه العمليات. ومن ضمن الأسباب الأخرى لعمليات القتل، حسب «أبو يوسف»، وجود المصالح الشخصية في بعض حالات القتل، مثل المال أو الثأر أو الغايات القديمة، وبخاصة أن الفرصة سانحة بسبب وجود الفراغ الأمني الحاصل.
من جهته، أرجع الرائد حسين خالد الحسيان، رئيس فرع الإعلام في قيادة شرطة إدلب الحرة، انتشار ظاهرة الاغتيالات بشكل كبير في هذه المرحلة، إلى أسباب عدة، منها غايات شخصية (تصفية حسابات) في ظل الفوضى التي تنتشر حاليا بشكل كبير في المنطقة، لافتا في تصريح لـ«شبكة شام» إلى «أن المنطقة حاليا باتت بيئة خصبة لتنشط فيها أجندة النظام التي تعمل على تصفية المدنيين والقادة العسكريين، إضافة إلى إحداث نوع من البلبلة في الشارع حاليا وضرب الفصائل بعضها ببعض؛ الأمر الذي يؤدي إلى إضعاف الجميع».
ويعزو أبو يوسف أسباب الفلتان الأمني إلى غياب الدعم لما يعرف بـ«السلك الأمني» في إدلب الذي لا يتلقى إلا القليل من الدعم من قبل الفصائل التي تعاني بدورها مشكلات مادية، وبخاصة في الآونة الأخيرة بسبب التضييق الدولي عليها، مؤكدا في الوقت عينه أن مسألة ضبط الأمن في المدينة خاصة وفي الريف عامة ليس بالأمر الصعب، وتم تجريبه سابقًا، ولكن عندما كانت المسببات موجودة من مال وتكاتف وغيره، وتحديدا من خلال دعم السلك الأمني.
وشهدت الأسابيع الأخيرة عشرات حوادث القتل والتصفية طالت عناصر من «فتح الشام» و«حركة أحرار الشام»، وفصائل «الجيش الحر»، توزعت في غالبيتها على أطراف مدينة إدلب وبنش وبلدات الريف الجنوبي وجبل الزاوية، دون التمكن من الكشف عن الجهة التي تقوم بتنفيذ هذه العمليات التي تشترك في توقيتها، الذي يكون غالبًا في ساعات متأخرة من الليل.
وإضافة إلى التصفيات الفردية أحدثت بعض العمليات وقعًا في الشمال السوري؛ نظرا إلى أنها أدت إلى سقوط عدد كبير من القتلى، أبرزها تلك التي وقعت في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حين تم اغتيال تسعة عناصر من نقطتي تفتيش تابعتين لفصيلي «فيلق الشام» و«جبهة فتح الشام» في بلدة معر شورين في ريف إدلب، واغتيل العناصر التسعة بأسلحة كاتمة للصوت وفي وقت واحد، ومعظم الضحايا قتلوا بطلقة واحدة في الرأس ومن مسافة قريبة.
وفي 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قتل قياديان من «جيش إدلب الحر» في بلدة معرة حرمة في ريف إدلب الجنوبي بأسلحة كاتمة للصوت، بعد أن هاجم مسلحون مقرًا عسكريًا للفصيل خلال ساعات الفجر. كذلك، وقبل أيام قليلة عثر على ثلاث جثث لشباب من ريف إدلب الجنوبي، على الطريق الواصل بين قرية التمانعة ومدينة مورك شمال حماة.
حرب تصفيات تستهدف فصائل المعارضة في إدلب
لا تخلو من «ثارات» ... والمعارضة تتهم الثلاثي «داعش» والنظام و«حزب الله»
حرب تصفيات تستهدف فصائل المعارضة في إدلب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة