حرب تصفيات تستهدف فصائل المعارضة في إدلب

لا تخلو من «ثارات» ... والمعارضة تتهم الثلاثي «داعش» والنظام و«حزب الله»

عناصر من الجيش السوري الحر يقاتلون ضمن «درع الفرات» يلتقطون صورة تذكارية أمس قرب بلدة قباسين شرق الباب معقل {داعش} في المنطقة (أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوري الحر يقاتلون ضمن «درع الفرات» يلتقطون صورة تذكارية أمس قرب بلدة قباسين شرق الباب معقل {داعش} في المنطقة (أ.ف.ب)
TT

حرب تصفيات تستهدف فصائل المعارضة في إدلب

عناصر من الجيش السوري الحر يقاتلون ضمن «درع الفرات» يلتقطون صورة تذكارية أمس قرب بلدة قباسين شرق الباب معقل {داعش} في المنطقة (أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوري الحر يقاتلون ضمن «درع الفرات» يلتقطون صورة تذكارية أمس قرب بلدة قباسين شرق الباب معقل {داعش} في المنطقة (أ.ف.ب)

لا تزال وتيرة الاغتيالات في صفوف المعارضين، من عناصر وقياديين، في إدلب تثير ريبة المعارضين في ظل الغموض الذي يحيط بهذه العمليات التي تتّهم بها المعارضة ما تصفه بـ«الثلاثي» «تنظيم داعش والنظام وما يسمى (حزب الله)» وترى فيها «خطة بديلة» لإنهاء الثورة في المنطقة.
وتعتمد هذه التصفيات على أسلوبين، أما الاغتيال بمسدسات كاتمة للصوت، حيث باتت هناك ظاهرة الجثث الملقاة على قارعة الطريق، أو عبر زرع عبوات ناسفة على الطرقات، أو في السيارات، بحسب ما يشير القيادي في «الجيش الحر» في إدلب، أبو علي عبد الوهاب، لافتا إلى أن أصابع الاتهام تتجه بشكل أساسي إلى خلايا «داعش» و«النظام» في المنطقة وبشكل غير مباشر إلى «حزب الله» اللبناني،؛ نظرا إلى عدم تواجده في منطقة الشمال. ويوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بقوله «إذا كان هدف (داعش) عبر عناصر (جند الأقصى) في إدلب إشعال الفتنة بين الفصائل، فإن هدف النظام و«حزب الله» هو إنهاء الثورة من خلال تصفية عناصرها وقيادييها في وقت ليس من مصلحته شن حملة عسكرية على المنطقة في الوقت الحالي».
وكانت صحيفة «إيزفيستيا» الروسية، أشارت في تقرير لها أواخر الشهر الماضي، إلى أن ما يسمى «حزب الله» اللبناني هو من ينفذ «العمليات الخاصة» في إدلب، بعد أن مدته المخابرات الإيرانية ومخابرات النظام السوري بالمعلومات الكاملة عن أماكن تمركز الفصائل.
ويقول عبد الوهاب «النظام وحلفاؤه أذكى من أن يورطوا أنفسهم في معركة خاسرة في الوقت الحالي، ولا سيما أن إدلب لا تهمه بصفتها منطقة استراتيجية محاذية لتركيا، وبالتالي يلجأون من خلال هذه العمليات إلى محاولة القضاء شيئا فشيئا على الثورة ورموزها في المنطقة، في حين يستفيد (داعش) من بعض الخلافات بين الفصائل المعارضة، ويقوم بهذه العمليات لزرع المزيد من الفرقة فيما بينها بحيث يصبح كل فصيل يتّهم الفصيل الآخر».
ويلفت إلى أن عمليات الاغتيالات والتصفيات تزداد بشكل كبير في الفترة الأخيرة، وتحديدا منذ نحو الشهر، بحيث باتت تسجّل يوميا عملية أو عمليتان ويسقط نتيجتها ليس فقط عناصر أو قياديون عسكريون إنما أيضا من مدنيين.
كذلك، أكد أبو يوسف، من القوة التنفيذية لـ«جيش الفتح» بمدينة إدلب، لـ«شبكة شام» المعارضة، أن القوة التنفيذية تملك أدلة على أن خلايا «داعش» تقف خلف العمليات التي استهدفت المقاتلين الذين تعرضوا لعمليات تصفية، لافتا إلى أنها تقوم بالاغتيال إما من خلال خلايا ترتبط بالتنظيم مباشرة، أو عن طريق جهات متسترة على هذه الخلايا كـ«جند الأقصى».
ولم يبرئ أبو يوسف النظام من التورط في بعض هذه العمليات التي تمت، ومع إمكانية أن يكون له ضلوع فيها من خلال بعض المتعاونين معه، ولكن في الوقت ذاته يجد قدرة النظام وأعوانه في الأرض ضعيفة، ولا يملكون هذه الإمكانات لتنفيذ كل هذه العمليات. ومن ضمن الأسباب الأخرى لعمليات القتل، حسب «أبو يوسف»، وجود المصالح الشخصية في بعض حالات القتل، مثل المال أو الثأر أو الغايات القديمة، وبخاصة أن الفرصة سانحة بسبب وجود الفراغ الأمني الحاصل.
من جهته، أرجع الرائد حسين خالد الحسيان، رئيس فرع الإعلام في قيادة شرطة إدلب الحرة، انتشار ظاهرة الاغتيالات بشكل كبير في هذه المرحلة، إلى أسباب عدة، منها غايات شخصية (تصفية حسابات) في ظل الفوضى التي تنتشر حاليا بشكل كبير في المنطقة، لافتا في تصريح لـ«شبكة شام» إلى «أن المنطقة حاليا باتت بيئة خصبة لتنشط فيها أجندة النظام التي تعمل على تصفية المدنيين والقادة العسكريين، إضافة إلى إحداث نوع من البلبلة في الشارع حاليا وضرب الفصائل بعضها ببعض؛ الأمر الذي يؤدي إلى إضعاف الجميع».
ويعزو أبو يوسف أسباب الفلتان الأمني إلى غياب الدعم لما يعرف بـ«السلك الأمني» في إدلب الذي لا يتلقى إلا القليل من الدعم من قبل الفصائل التي تعاني بدورها مشكلات مادية، وبخاصة في الآونة الأخيرة بسبب التضييق الدولي عليها، مؤكدا في الوقت عينه أن مسألة ضبط الأمن في المدينة خاصة وفي الريف عامة ليس بالأمر الصعب، وتم تجريبه سابقًا، ولكن عندما كانت المسببات موجودة من مال وتكاتف وغيره، وتحديدا من خلال دعم السلك الأمني.
وشهدت الأسابيع الأخيرة عشرات حوادث القتل والتصفية طالت عناصر من «فتح الشام» و«حركة أحرار الشام»، وفصائل «الجيش الحر»، توزعت في غالبيتها على أطراف مدينة إدلب وبنش وبلدات الريف الجنوبي وجبل الزاوية، دون التمكن من الكشف عن الجهة التي تقوم بتنفيذ هذه العمليات التي تشترك في توقيتها، الذي يكون غالبًا في ساعات متأخرة من الليل.
وإضافة إلى التصفيات الفردية أحدثت بعض العمليات وقعًا في الشمال السوري؛ نظرا إلى أنها أدت إلى سقوط عدد كبير من القتلى، أبرزها تلك التي وقعت في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حين تم اغتيال تسعة عناصر من نقطتي تفتيش تابعتين لفصيلي «فيلق الشام» و«جبهة فتح الشام» في بلدة معر شورين في ريف إدلب، واغتيل العناصر التسعة بأسلحة كاتمة للصوت وفي وقت واحد، ومعظم الضحايا قتلوا بطلقة واحدة في الرأس ومن مسافة قريبة.
وفي 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قتل قياديان من «جيش إدلب الحر» في بلدة معرة حرمة في ريف إدلب الجنوبي بأسلحة كاتمة للصوت، بعد أن هاجم مسلحون مقرًا عسكريًا للفصيل خلال ساعات الفجر. كذلك، وقبل أيام قليلة عثر على ثلاث جثث لشباب من ريف إدلب الجنوبي، على الطريق الواصل بين قرية التمانعة ومدينة مورك شمال حماة.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.