الرجل الذي تعتذر من أجله إسرائيل لبريطانيا

الرجل الذي تعتذر من أجله إسرائيل لبريطانيا
TT

الرجل الذي تعتذر من أجله إسرائيل لبريطانيا

الرجل الذي تعتذر من أجله إسرائيل لبريطانيا

من هو الشخص الذي اعتذرت إسرائيل من أجله إلى المملكة المتحدة؟ يبدو أن قصر الإجابة على مواقف الوزير البريطاني لشؤون الأميركتين وأوروبا السير ألان دانكن حول القضية الفلسطينية، لا يعد جوابا «مشبعا»؛ فشخصية «السير» تستحق رصد ومضات من مسيرته.
في يوليو (تموز) 2016، كان هناك 3 أخبار مهمة. استقال رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون وخلفته وزيرة الداخلية تيريزا ماي إثر نجاح الـ«بريكسيت»، واختير أحد أركان الداعين لخروج بريطانيا وعمدة لندن السابق المثير للجدل بوريس جونسون وزيرا للخارجية، وسمي دانكن وزيرا للدولة لشؤون الأميركتين وأوروبا.
وتتجاوز مهام الوزير البريطاني حدود مسماه الجغرافية، فهو يشير إلى الأميركتين وأوروبا، لكن مسؤولياته تمتد وتشمل «الأميركتين (بما في ذلك كوبا)، وأوروبا (بما في ذلك الدول المتفككة عن الاتحاد السوفياتي)، والناتو، وجزر فوكلاند، إضافة إلى المناطق القطبية، وشؤون الهجرة، وشؤون منظمة الأمن والتعاون، والاتحاد الأوروبي.
لا يقتصر تجاوز مهام دانكن خريطة منصبه وحسب، بل حتى الحدود الإدارية، فهو مسؤول المالية والبروتوكول في الخارجية البريطانية، إضافة إلى الموارد البشرية والعلاقات مع البرلمان.
يتكئ السير ألان على 60 عاما من العمر، ودرس في أرقى جامعتين في العالم، أكسفورد (1976 - 1979) وهارفارد (1981 - 1982).
انطلقت حياته المهنية في عالم النفط، وعمل مع شركة «رويال داتش شل» منذ عام 1979، واستمر في العمل خبيرا ومستشارا نفطيا لنحو 13 عاما، عندما قرر توسيع مهامه والدخول في دهاليز السياسة.
بدأ دانكن حياته السياسية قبل 25 عاما، عندما انتخب للمرة الأولى نائبا بمجلس العموم (البرلمان البريطاني) في الانتخابات العامة عام 1992، وحصل على ترقيات عدة على مقاعد البدلاء في حزب المحافظين حتى انضم في نهاية المطاف إلى حكومة الظل بعد الانتخابات العامة عام 2005.
وتوسد قبل تعيينه وزيرا للتنمية من عام 2010 وحتى عام 2014، 9 حقائب للظل، وهي «الصحة، والتجارة، والصناعة، والخارجية، والشؤون الدستورية، والتنمية الدولية، والنقل، وشؤون الأعمال والمشاريع والإصلاح التنظيمي، وشؤون مجلس العموم، والسجون».
يقول عميد السلك الدبلوماسي العربي في لندن السفير الكويتي خالد الدويسان «يعد السير ألان دانكن من أهم أصدقاء الخليج في بريطانيا، وهو خبير في تاريخ الخليج ويحبه، ورغم أنه وزير دولة لشؤون أميركا وأوروبا، فإنه محافظ على علاقاته مع الدول العربية والخليجية، ونعتبره كسفراء عرب أحد الهامات البريطانية التي تستطيع أن تتفهم وتتعاطف مع مشكلاتنا»، مضيفا: «تعرض (دانكن) لضغوط كبيرة من أجهزة الإعلام البريطانية؛ لأن له مواقف واضحة ودقيقة بالنسبة للقضايا العربية. ولم يتراجع عن مواقفه وتعاطفه مع القضية الفلسطينية وبخاصة بناء المستوطنات غير الشرعية ومعاملة الإسرائيليين غير الإنسانية».
وقبل أن يتسلم مهامه في الخارجية البريطانية للشؤون الأوروبية والأميركية يوليو 2016، عين دانكن مبعوثا خاصا لليمن في أواخر عام 2011.
ويقول السفير اليمني لدى المملكة المتحدة، الدكتور ياسين نعمان: كان «له موقف طيب ورافض فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ورغم عدم تعاملي معه بشكل مباشر كثيرا، لكن التقيته خلال عمله مبعوثا لليمن مرتين. كان يحمل أفكار البريطانيين فيما يخص الحوار والحل السلمي في اليمن... هو رجل ذكي، ولديه استيعاب أفضل، كنت أتمنى لو كان بقي مبعوثا».
«كان يحضر السير ألان مجلس السفراء العرب في لندن، وهو ملم بقضايا المنطقة العربية بشكل ممتاز»، ويقول الدكتور نعمان: «وجدته مستوعبا لأوضاع المنطقة بشكل كبير؛ إذ كان عميقا في نقاشاته، ومتواضعا تستطيع وصفه بالمريح في السجال وتداول الأفكار. إنه رجل علاقات عامة من طراز رفيع».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.