أكثر من 60 قتيلاً في انفجار ضخم استهدف أعزاز

المعارضة السورية تتحدث عن ضبط سيارة مفخخة ثانية في بلدة الراعي

أعمدة دخان وذعر بعد التفجير الضخم الذي استهدف وسط مدينة أعزاز بشمال محافظة حلب أمس (أ.ف.ب)
أعمدة دخان وذعر بعد التفجير الضخم الذي استهدف وسط مدينة أعزاز بشمال محافظة حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

أكثر من 60 قتيلاً في انفجار ضخم استهدف أعزاز

أعمدة دخان وذعر بعد التفجير الضخم الذي استهدف وسط مدينة أعزاز بشمال محافظة حلب أمس (أ.ف.ب)
أعمدة دخان وذعر بعد التفجير الضخم الذي استهدف وسط مدينة أعزاز بشمال محافظة حلب أمس (أ.ف.ب)

قُتل أكثر من 60 شخصا وجُرح العشرات، في تفجير ضخم استهدف سوقا مزدحمة في مدينة أعزاز بشمال محافظة حلب، قرب الحدود التركية. وفي حين وجهت أصابع الاتهام مباشرة نحو تنظيم داعش، تحدثت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن وجود عدد كبير من مسلحي «أحرار الشام» من بين ضحايا التفجير، لافتة إلى أن نحو 50 منهم سقطوا بين قتيل وجريح. ومن جانب آخر، ذكرت مصادر سورية معارضة، أن الجيش السوري الحر تمكن أمس من ضبط سيارة مفخخة جنوب بلدة الراعي في ريف حلب الشمالي.
أدت قوة الانفجار وما خلفه من دمار كبير في وسط مدينة أعزاز، إلى خروج منشآت المحكمة المركزية ومقر الهلال الأحمر، والمكتب الإعلامي، ومركز المعوقين، ومبنيي البريد والبلدية عن الخدمة بشكل كامل، وفق مصادر في المعارضة تحدثت إلى «الشرق الأوسط». وأفادت شبكة «بي بي سي» البريطانية، بأن الانفجار وقع في سوق مزدحمة خارج مقر المحكمة المركزية بالمدينة، الواقعة على بعد نحو 7 كيلومترات من الحدود التركية، بينما أشارت وكالة أنباء «دوغان» التركية الخاصة إلى أن دوي الانفجار سُمع في مدينة كيليس التركية الحدودية. ولفتت المصادر إلى أن ارتفاع عدد الضحايا وحجم الأضرار هو نتيجة «ازدحام المدينة بعشرات آلاف النازحين، ومنهم من العراقيين الذين قضى عدد منهم يوم أمس بالتفجير». وعلم أنّه جرى نقل معظم الجرحى إلى المستشفيات التركية القريبة من الحدود مع سوريا. وحسب المصادر التركية وصل 23 مصابًا إلى أحد مستشفيات محافظة كيليس التركية، المتاخمة للحدود السورية.
من ناحية ثانية، تشير التقارير الواردة من أعزاز إلى أن كل أصابع الاتهام تتجه إلى تنظيم داعش، الذي قيل إنه استخدم صهريجًا من نوع «إنترناشيونال» حمّله بكمية كبيرة جدًا من المتفجرات، بهدف إيقاع أكبر عدد من الضحايا. وفي حين أشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى أن غالبية القتلى هم من المدنيين، مقابل 6 من مسلحي الفصائل المعارضة، فإنه لفت إلى وجود جثث متفحمة لم يتسن التعرف عليها بعد. غير أن وكالة «سبوتنيك» الروسية أشارت لوجود «عدد كبير» من مسلحي «أحرار الشام» من بين ضحايا التفجير، لافتة إلى أن نحو 50 منهم سقطوا بين قتيل وجريح. وفي هذه الأثناء، نقلت وكالة «الأناضول» التركية للأنباء، عن طبيب يعمل في أعزاز قوله، إن عدد القتلى بلغ 60، والجرحى 50. بينما نقلت وكالة «رويترز» عن أحد السكان قوله إنه شاهد نحو 30 جثة في المستشفى المحلي.
هذا، وأظهر فيديو لمكان التفجير تصاعد أعمدة الدخان، وتناثر الحطام في الشوارع. كما شوهدت سيارات الإطفاء والدفاع المدني المحلي في المكان، إضافة إلى جرافات تحاول رفع الأنقاض.
وكانت الحصيلة الأولية، حسب مصدر طبي في مستشفى الهلال الأزرق في أعزاز لوكالة الأنباء الألمانية «د.ب.أ»، قد أشارت إلى سقوط 32 قتيلاً، إضافة إلى وجود أشلاء لنحو 9 جثث، وإصابة أكثر من 55 آخرين، حالة 15 منهم حرجة.
من ناحية أخرى، أعلنت مصادر المعارضة أن عناصر الجيش السوري الحر، تمكنت أمس من ضبط سيارة مفخخة جنوب بلدة الراعي، وتولى خبراء المتفجرات تفكيك عبوة ناسفة في السيارة التي كان يقودها عنصر من «داعش»، وذلك على الطريق الواصل بين قريتي الوقف وتلعار قبل انفجارها.
هذا التفجير يعد الأكثر دموية في أعزاز، علما بأنه يأتي ضمن سلسلة هجمات تعرضت لها المدينة والمنطقة المحيطة بها خلال الأشهر الأخيرة. ففي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قتل 17 شخصا على الأقل، غالبيتهم من فصائل المعارضة المسلحة، في انفجار سيارة مفخخة عند نقطة تفتيش تابعة لتلك الفصائل قرب أعزاز، التي يشكل التركمان نسبة عالية من سكانها. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قتل 25 شخصا في انفجار سيارة مفخخة استهدف أحد مقار «حركة نور الدين زنكي» المعارضة في المدينة، وفق ما أفادت به الحركة، التي اتهمت يومذاك «داعش» بالوقوف وراء الهجوم. وللعلم، لا يحتكر أي فصيل معارض بعينه السيطرة على المدينة، بل توجد فيها عناصر من حركة «أحرار الشام»، و«الجبهة الشامية»، و«فيلق الشام»، و«حركة نور الدين الزنكي»، إضافة إلى فصائل الجيش السوري الحر.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».