«داعش» يسعى لإنهاك القوات العراقية في شمال الموصل

ينتظر وصولها إلى أهدافها قبل شن هجمات مضادة

قادة عسكريون عراقيون يعاينون خريطة في حي الزهور بالجانب الأيسر من الموصل خلال مواجهات مع «داعش» أمس (رويترز)
قادة عسكريون عراقيون يعاينون خريطة في حي الزهور بالجانب الأيسر من الموصل خلال مواجهات مع «داعش» أمس (رويترز)
TT

«داعش» يسعى لإنهاك القوات العراقية في شمال الموصل

قادة عسكريون عراقيون يعاينون خريطة في حي الزهور بالجانب الأيسر من الموصل خلال مواجهات مع «داعش» أمس (رويترز)
قادة عسكريون عراقيون يعاينون خريطة في حي الزهور بالجانب الأيسر من الموصل خلال مواجهات مع «داعش» أمس (رويترز)

صباح أول من أمس كانت المعنويات مرتفعة بين القوات العراقية التي تقاتل تنظيم داعش من أجل استعادة السيطرة على الموصل، وهي تتقدم من الطرف الشمالي للمدينة بمساعدة سيل من صواريخ التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. لكن بمرور الوقت ساد التوتر الموقف على سطح أحد المباني خلف جبهة القتال الأمامية، حيث ينسق قادة عراقيون مع مستشارين أميركيين سير المعركة، فيما يواجهون تحديات خوض معركة في محيط حضري ومع تفجير المتشددين سيارة ملغومة.
وقال مستشار أميركي: «إنه ذلك الوقت من اليوم»، فيما هرع رفاقه العراقيون للتواصل مع رجالهم على الأرض عبر اللاسلكي عقب الانفجار.
ولأنهم أقل عددًا بكثير وأقل قوة عسكرية؛ تبنى متشددو «داعش» استراتيجية انتظار وصول القوات العراقية لهدفها قبل أن يشنوا هجومًا مضادًا عندما يكون خصمهم قد وصل لمرحلة من الإنهاك بعد يوم من القتال.
والمشهد من سطح المبنى الذي يبعد بضعة كيلومترات عن أرض المعركة أثبت تكرار ذلك النهج وسمح بإلقاء نظرة سريعة على العلاقة بين القادة العراقيين وشركائهم الأميركيين.
وبدأت القوات العراقية هجومها على مجمع الحدباء السكني في وقت مبكر من أول من أمس الجمعة، وهو ما أدخلها الحدود الشمالية للمدينة للمرة الأولى منذ بدء الحملة لاستعادة آخر معقل كبير للمتشددين في العراق قبل نحو ثلاثة أشهر.
وحسب وكالة «رويترز»، واصلت القوات تقدمها أمس، واقتربت من نهر دجلة الذي يجري في وسط الموصل.
ودخلت القوات الخاصة التابعة لجهاز مكافحة الإرهاب المدينة من الشرق في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن وحدات الجيش النظامي مثل الفرقة السادسة عشرة المنتشرة شمال المدينة، حققت تقدما أبطأ مما عطل الحملة. وجددت القوات العراقية هجومها قبل ما يزيد قليلاً عن أسبوع، وأحرزت تقدمًا سريعًا في أحياء الموصل الشرقية بمساندة من القوات الأميركية التي يمكن رؤيتها حاليًا في أماكن قريبة جدًا من خطوط القتال الأمامية.
ورغم أن الوجود الأميركي الحالي أقل عددًا بكثير وأكثر تحفظًا مما كان عليه بعد اجتياح العراق في 2003 يظل تأثيره واضحًا جليًا.
صاح علي الفريجي، قائد الجبهة الشمالية، في أحد ضباطه على الأرض عبر اللاسلكي في المراحل المبكرة من هجوم الجمعة، قال: «ألم يخبرك الأميركيون أمس بمكان الطرق الخالية من الألغام». وتابع: «كلما أطلت عزز العدو صفوفه. الهدف استغلال ضعف العدو».
وحدق جنود أميركيون على طرف السطح عبر نظارات مكبرة لمتابعة الموقف في الموصل التي أمكن رؤية العلم العراقي يرفرف في المنطقة الأمامية فيها مباشرة. وفي الخلفية ظهرت راية أكبر لـ«داعش».
وحلقت طائرات هليكوبتر، فيما وجه القادة العراقيون قواتهم على الأرض، وأبلغهم مستشار أميركي بأن التحالف يستعد لإطلاق 24 صاروخ «هيمارس» طويل المدى من قاعدة في القيارة جنوب الموصل. وأمر الفريجي أحد القادة على الأرض عبر اللاسلكي قائلاً: «عندما تضرب الصاروخ الرابع والعشرين تقدم بأقصى سرعة نحو الهدف»، وجاء صوت عبر الطرف الآخر من اللاسلكي قائلاً: «علم... علم».
بعدها انتظروا الصواريخ التي ضربت هدفها في تعاقب سريع؛ مما أثار سحابة كثيفة من غبار الأنقاض في الهواء. وقال اللواء نجم الجبوري إن هذه هدية من القوات الخاصة الأميركية.
وإضافة إلى نحو 5260 جنديًا أميركيًا منتشرين حاليًا في العراق، هناك نحو مائة من قوات العمليات الخاصة ينفذون مداهمات سرية تستهدف قادة بارزين في «داعش».
ومهدت الصواريخ الطريق أمام القوات العراقية لدخول المجمع السكني، محققة نصرًا صغيرًا آخر في أكبر حملة عسكرية في البلاد منذ اجتياح العراق الذي قادته الولايات المتحدة قبل أكثر من عقد. ثم بدأت مهمة أخرى لا تقل صعوبة لتأمين المناطق التي تمت السيطرة عليها من أي هجمات مضادة قبل سدول الظلام.
وقال ضابط عراقي عبر اللاسلكي: «أسرع.. أسرع. لديك أقل من ساعة قبل الغروب».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».