احتفلت أمس مدن الحوض المنجمي (الرديف والمتلوي وأم العرائس) في ولاية (محافظة) قفصة (جنوب غربي) بمرور تسع سنوات على الانتفاضة التي قادها محتجون ضد نظام بن علي. فيما تهدد أكثر من منطقة تونسية، ومن بينها مدن الحوض المنجمي، بتنظيم إضرابات عن العمل واحتجاجات اجتماعية للمطالبة بالمطالب نفسها التي اندلعت لأجلها انتفاضة الحوض المنجمي قبل سنوات.
وقال عدنان الحاجي، نائب البرلمان عن منطقة قفصة، إن المكاسب التي حققتها الفئات المهمشة في عهد نظام بن علي تم السطو عليها حاليا، على غرار ما وقع لعمال الحضائر وشركات المناولة وتشغيل الفئات الشابة، حيث لم تتغير الأوضاع الاجتماعية نحو الأفضل، على حد قوله، ودعا الحكومة الحالية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وإدخال إصلاحات فورية لتحسين الأوضاع الاجتماعية المتدهورة في مدن الخوض المنجمي، مؤكدا أن تحقيق السلم الاجتماعي واستتباب الأمن والاستقرار مشروط بتحقيق عدد من المطالب الاجتماعية والاقتصادية. تجدر الإشارة إلى أن انتفاضة الحوض المنجمي هذه استمرت أكثر من ستة أشهر وسقط ضحيتها خمسة تونسيين في ظل تعتيم إعلامي كامل من نظام بن علي.
وتبحث حكومة يوسف الشاهد عن حلول عاجلة لجملة من المشكلات الاجتماعية المتراكمة، وبخاصة في المناطق التي شكلت بداية اندلاع الثورة ضد النظام السابق. وعلى الرغم من نجاحها في إخماد احتجاجات عدة وتفادي الإضراب العام عن العمل، الذي دعت إليه نقابة العمال، فإن تحول الاحتجاجات السلمية في القصرين إلى مواجهات مع قوات الأمن، والمطالب بالتنمية والتشغيل وعودة شعار «الشعب يريد الثورة من جديد»، مثلت دليلا على مدى استياء سكان المناطق التي كانت وراء اندلاع الشرارة الأولى للثورة، على غرار القصرين وسيدي بوزيد ومدن الخوض المنجمي، وبعثت رسالة قوية إلى حكومة الشاهد بعد مرور أكثر من مائة يوم على تسلمها السلطة.
ونجحت حكومة يوسف الشاهد في إلغاء الإضراب العام، الذي كان مبرمجا أمس في مدينة جلمة (سيدي بوزيد) للمطالبة بتحسين الوضع الصحي، ودفع التنمية والتشغيل بالمنطقة، إثر جلسة عمل انعقدت بمقر المحافظة حول الوضع التنموي بالمنطقة. وخلال هذه الجلسة، تم الاتفاق على انطلاق الدراسات الخاصة بإحداث مستشفى جهوي، وإحداث دار للخدمات، ووكالة تجارية للشركة التونسية للكهرباء والغاز، علاوة على تركيز مكتب خدمات الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، وإحداث مكتب تشغيل، وتجهيز المستشفى الحالي بالمعدات والسيارات الضرورية.
وفي المحافظة نفسها، لوح الاتحاد المحلي للشغل (نقابة العمال) في المكناسي بتنفيذ إضراب عام في 12 من يناير (كانون الثاني) الحالي للمطالبة بالتنمية، وبقاء مشروعات عدة معطلة، مثل أشغال منجم الفوسفات، رغم تسوية كل الملفات العقارية لانطلاق الـمشروع، وإصدار قائمة بالأشخاص المنتظر تشغيلهم في المنجم، غير أن نشاط هذا المنجم لم ير النور. وتأتي هذه الاحتجاجات امتدادا لاحتجاجات مماثلة عرفتها قبل أيام مدينة القصرين المجاورة؛ ما أدى إلى تدخل وحدات من الجيش لتأمين مؤسسات الدولة ضد النهب والتخريب. ودعت تنسيقية الحركات الاجتماعية (منظمة حقوقية مستقلة) إلى رفع وتيرة الاحتجاجات الاجتماعية خلال هذا الشهر للضغط على الحكومة من أجل الإيفاء بتعهداتها في مجالي التنمية والتشغيل. فيما يرى عدد من المتابعين للشأنين الاقتصادي والاجتماعي أن توجه الحكومة الحالية لإخماد الاحتجاجات دون تقديم بديل تنموي يقضي على التفاوت بين الجهات سيجعلها في مرمى الاحتجاجات من جديد.
حكومة الشاهد تدرس سبل مواجهات الاحتجاجات الشعبية
تزامنًا مع احتفالات التونسيين بانتفاضة 2008
حكومة الشاهد تدرس سبل مواجهات الاحتجاجات الشعبية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة