حكومة الشاهد تدرس سبل مواجهات الاحتجاجات الشعبية

تزامنًا مع احتفالات التونسيين بانتفاضة 2008

حكومة الشاهد تدرس سبل مواجهات الاحتجاجات الشعبية
TT

حكومة الشاهد تدرس سبل مواجهات الاحتجاجات الشعبية

حكومة الشاهد تدرس سبل مواجهات الاحتجاجات الشعبية

احتفلت أمس مدن الحوض المنجمي (الرديف والمتلوي وأم العرائس) في ولاية (محافظة) قفصة (جنوب غربي) بمرور تسع سنوات على الانتفاضة التي قادها محتجون ضد نظام بن علي. فيما تهدد أكثر من منطقة تونسية، ومن بينها مدن الحوض المنجمي، بتنظيم إضرابات عن العمل واحتجاجات اجتماعية للمطالبة بالمطالب نفسها التي اندلعت لأجلها انتفاضة الحوض المنجمي قبل سنوات.
وقال عدنان الحاجي، نائب البرلمان عن منطقة قفصة، إن المكاسب التي حققتها الفئات المهمشة في عهد نظام بن علي تم السطو عليها حاليا، على غرار ما وقع لعمال الحضائر وشركات المناولة وتشغيل الفئات الشابة، حيث لم تتغير الأوضاع الاجتماعية نحو الأفضل، على حد قوله، ودعا الحكومة الحالية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وإدخال إصلاحات فورية لتحسين الأوضاع الاجتماعية المتدهورة في مدن الخوض المنجمي، مؤكدا أن تحقيق السلم الاجتماعي واستتباب الأمن والاستقرار مشروط بتحقيق عدد من المطالب الاجتماعية والاقتصادية. تجدر الإشارة إلى أن انتفاضة الحوض المنجمي هذه استمرت أكثر من ستة أشهر وسقط ضحيتها خمسة تونسيين في ظل تعتيم إعلامي كامل من نظام بن علي.
وتبحث حكومة يوسف الشاهد عن حلول عاجلة لجملة من المشكلات الاجتماعية المتراكمة، وبخاصة في المناطق التي شكلت بداية اندلاع الثورة ضد النظام السابق. وعلى الرغم من نجاحها في إخماد احتجاجات عدة وتفادي الإضراب العام عن العمل، الذي دعت إليه نقابة العمال، فإن تحول الاحتجاجات السلمية في القصرين إلى مواجهات مع قوات الأمن، والمطالب بالتنمية والتشغيل وعودة شعار «الشعب يريد الثورة من جديد»، مثلت دليلا على مدى استياء سكان المناطق التي كانت وراء اندلاع الشرارة الأولى للثورة، على غرار القصرين وسيدي بوزيد ومدن الخوض المنجمي، وبعثت رسالة قوية إلى حكومة الشاهد بعد مرور أكثر من مائة يوم على تسلمها السلطة.
ونجحت حكومة يوسف الشاهد في إلغاء الإضراب العام، الذي كان مبرمجا أمس في مدينة جلمة (سيدي بوزيد) للمطالبة بتحسين الوضع الصحي، ودفع التنمية والتشغيل بالمنطقة، إثر جلسة عمل انعقدت بمقر المحافظة حول الوضع التنموي بالمنطقة. وخلال هذه الجلسة، تم الاتفاق على انطلاق الدراسات الخاصة بإحداث مستشفى جهوي، وإحداث دار للخدمات، ووكالة تجارية للشركة التونسية للكهرباء والغاز، علاوة على تركيز مكتب خدمات الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، وإحداث مكتب تشغيل، وتجهيز المستشفى الحالي بالمعدات والسيارات الضرورية.
وفي المحافظة نفسها، لوح الاتحاد المحلي للشغل (نقابة العمال) في المكناسي بتنفيذ إضراب عام في 12 من يناير (كانون الثاني) الحالي للمطالبة بالتنمية، وبقاء مشروعات عدة معطلة، مثل أشغال منجم الفوسفات، رغم تسوية كل الملفات العقارية لانطلاق الـمشروع، وإصدار قائمة بالأشخاص المنتظر تشغيلهم في المنجم، غير أن نشاط هذا المنجم لم ير النور. وتأتي هذه الاحتجاجات امتدادا لاحتجاجات مماثلة عرفتها قبل أيام مدينة القصرين المجاورة؛ ما أدى إلى تدخل وحدات من الجيش لتأمين مؤسسات الدولة ضد النهب والتخريب. ودعت تنسيقية الحركات الاجتماعية (منظمة حقوقية مستقلة) إلى رفع وتيرة الاحتجاجات الاجتماعية خلال هذا الشهر للضغط على الحكومة من أجل الإيفاء بتعهداتها في مجالي التنمية والتشغيل. فيما يرى عدد من المتابعين للشأنين الاقتصادي والاجتماعي أن توجه الحكومة الحالية لإخماد الاحتجاجات دون تقديم بديل تنموي يقضي على التفاوت بين الجهات سيجعلها في مرمى الاحتجاجات من جديد.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.