الجيش الأميركي يسمح بالعمائم واللحى والحجاب في صفوفه

استجابة لدعاوى قضائية تبناها السيخ واستفاد منها المسلمون

ضابطة مسلمة بالجيش الاميركي («الشرق الاوسط})
ضابطة مسلمة بالجيش الاميركي («الشرق الاوسط})
TT

الجيش الأميركي يسمح بالعمائم واللحى والحجاب في صفوفه

ضابطة مسلمة بالجيش الاميركي («الشرق الاوسط})
ضابطة مسلمة بالجيش الاميركي («الشرق الاوسط})

بعد أيام قليلة من إعلان شرطة نيويورك قرارها بالسماح لأفرادها المتدينين بارتداء العمائم وتربية اللحى بما يتناسب مع معتقداتهم الدينية أو خياراتهم الشخصية، أصدر الجيش الأميركي لائحة جديدة تتضمن طائفة من القواعد والنظم، من بينها قرار مشابه لما اتخذته شرطة نيويورك. وتضمنت اللائحة العسكرية الجديدة ضمن ما تضمنته في قائمة المسموحات السماح كذلك لعناصر الجيش الأميركي من النساء بارتداء الحجاب، إذا كانت ديانة من تخدم في الجيش الأميركي تشترط ذلك.
الجدير بالذكر هنا أن ارتداء الحجاب أو العمامة أو تربية اللحية لم يكن ممنوعا بشكل قطعي في الجيش الأميركي، ولكن كان يسمح به بعد دراسة كل حالة بصورة منفردة لاتخاذ قرار بشأنها. ولم يكن قرار الجيش الأميركي مجرد تقليد لما اتخذته شرطة نيويورك، وإنما جاء بعد رفع دعاوى قضائية كثيرة ضد الجيش الأميركي خلال العام الماضي 2016. ومن اللافت أن أبرز الدعاوى القضائية بهذا الخصوص رفعها أفراد ينتمون لطائفة السيخ، وهي طائفة هندية يعرف أفرادها بحرصهم على ارتداء العمائم المميزة لهم عن غيرهم، فضلا عن تربية لحاهم بصورة مميزة أيضا.
ورغم أن السيخ الراغبين في أداء الخدمة في صفوف الجيش الأميركي، هم أكثر من تبنى المطالبة بحق الظهور بالمظهر الذي تفرضه عليهم ديانتهم، فإن الفائدة من القواعد الجديدة لا تقتصر على السيخ وحدهم، بل ستعود كذلك على أتباع الديانات الأخرى بمن فيهم المسلمون. لكن اللائحة التي أصدرها الجيش الأميركي استبقت شرطا استدراكيا، وهو ضرورة مصادقة قائد الوحدة العسكرية، سواء كانت كتيبة أو لواء أو فرقة، على ظهور أي عنصر من العناصر الخاضعة لإمرة ذلك القائد بمظهر مختلف يميزه عن زملائه، وهو ما يعني أن بإمكان القائد عمليا أن يحجب الحق الممنوح لأي فرد بارتداء العمامة أو تربية اللحية أو ارتداء الحجاب بالنسبة للنساء.
وتعطي القواعد الجديدة التي سنها الجيش الأميركي الصلاحية لقائد الوحدة العسكرية، بمنع تربية اللحى أو ارتداء الحجاب أو العمامة، إذا كان ذلك يمكن أن يترتب عليه أي خطر من أي نوع على سلامة الفرد أو الأفراد المحيطين به، سواء كان هذا الخطر أمنيا أو صحيا.
ففيما يتعلق بالمخاطر الصحية، يبرر الجيش الأميركي هذا الاستثناء بأن الخدمة في المواقع التي توجد بها معدات كيماوية، على سبيل المثال لا الحصر، تتطلب حلق اللحية حتى لا تعلق بها أي نفايات خطرة على صحة الفرد. أما المخاطر الأمنية فلم توضحها اللائحة، غير أن البعض يعتقد أنها تعني الحرص على سلامة الفرد من تعدي زملائه حاملي السلاح عليه، أو عليها، في حال وجود عداء مكنون تجاه الديانة التي ينتمي إليها الفرد، ويقصد بها هنا الإسلام. كما يخشى الجيش الأميركي على بعض أفراده من أن يصبحوا هدفا أسهل للقنص، أثناء خدمتهم الميدانية في بلدان معينة، تعتبر الخدمة العسكرية في الجيش الأميركي خيانة دينية أو وطنية للبلد الأصلي الذي ينتمي إليه عنصر الجيش الأميركي.
ومع وجود هذه التحفظات لدى بعض قادة الجيش الأميركي، فإن عضو الكونغرس الأميركي عن ولاية نيويورك، جو كراولي، اعتبر قرار الجيش، في بيان على موقعه على الإنترنت، نصرا كبيرا، ليس لطائفة السيخ فقط، ولكن للجيش الأميركي المؤلف من مختلف الطوائف والأديان. وقال النائب الأميركي: «إن هؤلاء أميركيون يحبون هذا البلد، ويريدون فرصا عادلة لخدمة بلادهم على قدم المساواة مع بقية الأميركيين». وأضاف: «اللائحة الجديدة للجيش الأميركي سوف تساعد على تحقيق ذلك».
ومن المفارقات، أنه في الوقت الذي يستفيد فيه المسلمون الأميركيون من جهود أتباع طائفة السيخ في تحقيق المساواة داخل المجتمع الأميركي، فإن السيخ الأميركيين كثيرا ما يقعون ضحايا للعنصرية عن طريق الخطأ، لاعتقاد مستهدفيهم أنهم مسلمون. ومع أن العنصرية سلوك ممقوت، سواء في حق المسلمين أو غيرهم، فإن من الواضح أن عمائم السيخ ولحاهم ولون بشرتهم المشابهة لمظهر بعض المسلمين، كانت سببا لاستهداف كثير منهم. ويقع بعض الأميركيين في فخ الربط بين اللحية والعمامة، للاستنتاج أن صاحبهما مسلم أو متطرف محتمل ينتمي لتنظيم داعش أو القاعدة. ومن أبرز الأمثلة على هذه الحوادث ما تعرض له بعض أفراد السيخ عقب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) مباشرة، حيث ذهب عدد من سائقي سيارات الأجرة السيخ ضحية الظن أنهم مسلمون. كما تعرض أقباط مصريون ومسيحيون عرب من لبنان وفلسطين لاعتداءات عنصرية للسبب ذاته، دون أن يدرك مهاجموهم أن 71 في المائة على الأقل من عرب أميركا ليسوا مسلمين. ويبدو أن هذه النسبة لم يدركها سوى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الذي كثيرا ما يردد على مسامع مؤيديه معلومة غائبة عن كثير منهم، وهي: «ليس كل عربي مسلمًا، وليس كل مسلم عربيًا».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».