لبنان يستكمل تراخيص استخراج النفط وجنبلاط: ممنوع الاستسلام

حمادة: إبقاء صلاحيات استثنائية مع وزير واحد يفتح باب المحاصصة

لبنان يستكمل تراخيص استخراج النفط وجنبلاط: ممنوع الاستسلام
TT

لبنان يستكمل تراخيص استخراج النفط وجنبلاط: ممنوع الاستسلام

لبنان يستكمل تراخيص استخراج النفط وجنبلاط: ممنوع الاستسلام

أعلن وزير الطاقة والمياه، المهندس سيزار أبي خليل، اكتمال المنظومة التشريعية والقانونية لقطاع البترول في لبنان من خلال توقيع مجلس الوزراء على المرسومين اللذين يسمحان باستكمال دورة التراخيص اللبنانية الأولى وصولا إلى الاستكشاف والإنتاج للنفط في المياه اللبنانية للدخول إلى القطاع وإلى العصر النفطي العالمي، موضحًا أن هناك 46 شركة متقدمة، فيما سيعرض لبنان 5 بلوكات بحرية من ضمن دورة التراخيص الأولى.
غير أن هذه الاحتفالية اللبنانية بتجاوز عقبات أساسية كانت تحول دون الاستفادة من الملف، لما يزيد على 3 سنوات، ووجهت باعتراضات رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، إضافة إلى حزب «الكتائب» اللبنانية، وهو الحزب غير الممثل في الحكومة اللبنانية.
وبعد اعتراض وزيري «التقدمي الاشتراكي» في الحكومة اللبنانية على إقرار المرسومين، قال جنبلاط أمس: «بعد جلسة أمس (الأول من أمس) ما العمل؟ إن خيبة الأمل كبيرة لكن ممنوع الاستسلام». بينما قال النائب نديم الجميل: «على ما يبدو بدأ توزيع الحصص النفطية عند الطبقة الحاكمة وبذلك تكون اكتملت الصفقة الرئاسية»، في إشارة إلى التفاهمات التي أفضت إلى انتخاب الرئيس ميشال عون رئيسًا. وأضاف أن «البند الأول من الصفقة الرئاسية أخذ مجراه إلى التطبيق مع الأمل في أن يستفيد الشعب اللبناني من هذه الثروة وليس فقط المنتفعون».
وأوضح وزير التربية مروان حمادة (من حصة الحزب التقدمي الاشتراكي في الحكومة) في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه «كما كنا قد عارضنا القانون لدى إقراره في البرلمان، فإن الأسباب نفسها هي التي حملتنا للتصويت ضد المراسيم في الحكومة»، أول من أمس، مشددًا على «أننا سنستمر بالمعارضة الديمقراطية وسنبقى حريصين على حماية الثروة الوطنية من خلال صندوق سيادي وشركة وطنية، وتقليص الصلاحيات المطلقة للوزير (الطاقة) لصالح الهيئة الوطنية».
وإذ نفى حمادة اتهام أي طرف بالمحاصصة، شدد على «أننا نفكر بالمستقبل، والعقود الطويلة، ولبنان سيحتاج لهذه الثروة لإطفاء الدين العام وتأمين مستقبل للأجيال المقبلة»، مشيرًا إلى أن «أي قانون يفتقد إلى هذه الضمانات، سيفتح الأبواب مستقبلاً للمحاصصة». وأكد: «إننا مع عدم حصر صلاحيات غير طبيعية واستثنائية لوزير واحد، لأن إبقاءها معه قد يفتح باب المحاصصة».
وأشار حمادة إلى أنه في إقرار المرسومين، أول من أمس: «سجل بعض الزملاء ملاحظات، لكنها لم تكن كافية بالنسبة لنا فسجلنا اعتراضنا» مشيرًا إلى أنه «لا يزال هناك مرسومان آخران بصدد مناقشتهما في الجلسة الحكومية المقبلة، وعند مناقشتهما فلكل حادث حديث».
وقال وزير الطاقة في مؤتمر صحافي عقده في الوزارة، بحضور هيئة إدارة قطاع البترول: «لقد وافق مجلس الوزراء على المرسومين المتبقيين، الأول يتعلق بمرسوم تقسيم المياه البحرية إلى رقع أو بلوكات، والثاني: مرسوم نموذج اتفاقية الاستكشاف ودفتر الشروط الذي يشمل كل الإجراءات اللازمة من أجل استكمال دورة التراخيص». وأضاف: «إننا نعد خريطة الطريق مع الخطوات التنفيذية التي تقوم بها الهيئة والوزارة لعرضها على مجلس الوزراء من اليوم حتى توقيع العقود، تتضمن إعادة استطلاع اهتمام الشركات المؤهلة في دورة التراخيص الأولى، وبنتيجتها يقرر فتح أو عدم فتح دورة تأهيل مسبق للشركات الجديدة المهتمة بدورة التراخيص اللبنانية التي لم يتسن لها المشاركة أو لم تكن جاهزة منذ ثلاث سنوات، ومن ثم يحدد موعد تقديم العروض للشركات عن البلوكات المعروضة للمزايدة، بعدها يتم تقييم العروض ومن ثم توقيع العقود مع الشركات الفائزة».
وأشار أبي خليل إلى أنه «لدينا مسار ساري المفعول يتعلق بالتعديلات على الإجراءات الضرائبية لتتناسب مع الأنشطة البترولية في المياه البحرية اللبنانية، وهو مسار جار أيضا، وستعقد اللجنة الوزارية اجتماعها مساء اليوم وصولا لإقراره في مجلس الوزراء تمهيدا لعرضه على مجلس النواب».
ولفت أبي خليل إلى أنه «هناك إشارة إيجابية ترسلها الدولة اللبنانية إلى القطاع والشركات وإلى المستثمرين في قطاع النفط بأن لبنان دولة جدية في دورة التراخيص التي كان قد أعلنها في عام 2013 ويستكملها اليوم، وهو يأخذ كل الإجراءات الضرورية اللازمة من أجل أن يدخل العصر النفطي، ولدى لبنان اليوم ميزات تفاضلية عن كل دول المنطقة، ولم تكن دول المنطقة عام 2013 جاهزة، كما أنه لم يكن لديها دورات تراخيص»، مشيرًا إلى «أننا عانينا من التأخير، وهناك ظروف مستجدة في منطقة شرق المتوسط حيث هناك دورات تراخيص أخرى تجري في المنطقة وهناك اليوم إشارة إيجابية أرسلناها إلى القطاع النفطي عامة بأن لبنان جدي في استكمال دورة التراخيص الأولى ولم يعد هنالك أي عائق أمام استكمالها، وهو أمر سيساهم في تعزيز اهتمام الشركات في هذا الملف».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.