المستثمرون ينتظرون جني أرباح ثقتهم في الاقتصاد الأميركي

تولي ترامب نقطة انطلاق جديدة في 2017

المستثمرون ينتظرون جني أرباح ثقتهم في الاقتصاد الأميركي
TT

المستثمرون ينتظرون جني أرباح ثقتهم في الاقتصاد الأميركي

المستثمرون ينتظرون جني أرباح ثقتهم في الاقتصاد الأميركي

مع بداية العام الجديد، ينتظر الاقتصاد الأميركي عاما حافلا، وبخاصة في ظل ارتفاع الدولار أمام العملات الرئيسية، كونه «عاملا ذا وجهين» يمكن أن يكون مصدر الزخم الرئيسي، ويمكن أن يكون القوة الكابحة لجماح النمو للبلاد، فضلا عن توقعات تخطي مؤشر «داو جونز» الصناعي لبورصة «وول ستريت» حاجز 20 ألف نقطة بعد وصوله في التعاملات المبكرة هذا العام لمستوى 19905 نقطة.
ولسنوات، مثَّلت معدلات الفائدة المنخفضة خيبة أمل في عودة الأسواق إلى مكاسبها، ومع ذلك تجدد الأمل في انتخابات الرئاسة الأخيرة، وتولي الرئيس الجديد دونالد ترامب، استعدادا لبداية «إقلاع» جديدة للاقتصاد الأميركي.
وانتظرت الأسواق أمس محضر اجتماع المركزي الأميركي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي – والذي لم يصدر حتى نشر هذا التقرير - بحثا عن علامات الثقة في نمو الاقتصاد الأميركي، في ظل توقعات برفع الفائدة إلى ثلاث مرات أخرى في عام 2017.
وفي غضون ذلك، اكتسب الدولار نحو 6.7 في المائة منذ انتخاب ترامب في الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) في مؤشر بلومبيرغ، الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل 10 عملات عالمية أساسية.
وارتفع معدل الفائدة على الدولار الأميركي «ليبور» – وهو متوسط سعر الفائدة على الاقتراض بين البنوك في سوق لندن المالي - أكثر من 1 في المائة للمرة الأولى منذ مايو (أيار) 2009، وذلك نتيجة لإشارات مجلس الاحتياطي الاتحادي بإمكانية رفع الفائدة ثلاث مرات في عام 2017، بالتزامن مع ارتفاع معدل التشغيل والتضخم على حد سواء.
وبلغ معدل «ليبور للدولار» لمدة ثلاثة أشهر 1.0511 في المائة، وهو أعلى مستوى منذ أن بلغ 1.00688 في المائة في الأول من مايو 2009، والذي كان أيضا آخر مرة تخطى فيها السعر مستوى 1 في المائة. وبلغ السعر في جلسة أول من أمس الثلاثاء 0.99872 في المائة. ويشار إلى معدل فائدة الاقتراض بـ«فضيحة ليبور» المعروفة في عام 2014، والتي تم التلاعب خلالها بتلك الأداة فيما يقرب من 350 تريليون في المعاملات المالية في جميع أنحاء العالم، وتورط فيها مصرفيون ومقرضون كبار، واضطروا لدفع غرامات بمليارات الدولارات.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تأمل فيه الشركات أيضا في الاستفادة من دعم الكونغرس الجمهوري للرئيس المنتخب دونالد ترامب، وذلك عبر الشروع في سلسلة من التخفيضات الضريبية للشركات والإنفاق على البنية التحتية.
وأخذ بنك الاحتياطي دورًا أكبر في الاقتصاد الأميركي، في أعقاب الكساد العظيم، فبعد سنوات من السياسة النقدية العالقة قرب المعدل الصفري، تستعد الأسواق خلال عام 2017 لتحفيز مالي جديد، الأمر الذي غير معنويات المستثمرين مع آمال تجدد التفاؤل في بيئة تنظيمية، والسياسات التجارية الحمائية وارتفاع معدلات النمو الاقتصادي.
وقبل التطلع إلى المستقبل، يحتاج المستثمرون لإلقاء نظرة على الماضي القريب في أسباب اتخاذ قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي سياسات التشديد في السنوات السابقة، والتحول المعلن لسياسته في الوقت الراهن، وهو الأمر الذي يسفر عن تساؤلات حتمية من نوعية «إلى أين ستتجه دفة الاقتصاد الأميركي في 2017؟».
ورغم إشارات الاتحادي المستمرة إلى انخفاض معدلات التضخم «مبررًا» للتحذير من رفع سعر الفائدة، فإن من المتوقع أن يرتفع في عام 2017، الأمر الذي يتناغم مع تحولات لهجة رئيسة الفيدرالي جانيت يلين بشأن الاقتصاد والتضخم منذ انتخابات نوفمبر. ففي خطاب أكتوبر (تشرين الأول) في بوسطن، أعربت عن رغبتها في خلق «رفع الضغط على الاقتصاد» من خلال السماح بخفض معدلات البطالة إلى معدلات التشغيل الكامل، ودفع التضخم إلى معدلات فوق 2 في المائة، على خلاف شهادتها أمام الكونغرس الشهر الماضي، حين حذرت من أن الرفع المستديم لسعر الفائدة على الأموال الاتحادية من شأنه أن يزيد من مخاطر ارتفاع معدلات التضخم، الأمر الذي سيجبر مجلس الاتحادي الفيدرالي على تشديد السياسة النقدية «فجأة».
ومن المؤكد أن تعزز قوة الدولار من قدرة الاحتياطي لإدارة وتيرة زيادة أسعار الفائدة خلال العام الحالي، في حين أن رد فعل الأسواق الأميركية كان مواتيا بعد انتصار ترامب، الأمر الذي خلق بعض التوتر في معظم أنحاء الدول الناشئة، مع تصريحات الرئيس الأميركي المنتخب الذي سيتم تنصيبه في العشرين من الشهر الحالي، حول التجارة العالمية ومحصلتها من الفائزين والخاسرين، معبرا عن رغبته فيما يعيد «لأميركا عظمتها مرة أخرى»، الأمر الذي قد يزيد من معدلات النمو في البلاد ويزيد مخاطر الاقتصادات الناشئة التي تعتمد على الصادرات، والسياسات التجارية الحمائية للولايات المتحدة؛ إلى جانب قوة الدولار، التي تجعل سداد 3 تريليون دولار لديون الأسواق الناشئة أكثر تحديا.



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.