ودّع لبنان إحدى الضحايا الثلاث اللبنانيين نتيجة الاعتداء الذي تعرض له ملهى في إسطنبول ليلة رأس السنة، فيما يتماثل الجرحى اللبنانيون الآخرون الذين وصلوا ليل أول من أمس إلى بيروت، للشفاء، بينما لا يزال الوضع الصحي لكل من ميليسا بابالاردو ونضال بشراوي وناصر بشارة دقيقا ويحتاج للمراقبة.
وأوضح القنصل اللبناني في إسطنبول هاني شميطلي لـ«الشرق الأوسط» أن جريحة واحدة (ابنة النائب والوزير السابق إسطفان دويهي) ما تزال تعالج في مدينة إسطنبول، فيما استكمل إجلاء الضحايا والمصابين والناجين من الهجوم، مطمئنا إلى أن الجريحة بحالة مستقرة، لكن الأطباء فضلوا إبقاءها في إسطنبول تحت إشراف من أطباء أتراك ولبنانيين انتقلوا إلى تركيا لمعالجتها ومتابعة حالتها.
وأشاد شميطلي بالتعاون الكبير الذي أبداه الجانب التركي والتسهيلات التي قدمتها وزارتا الصحة والداخلية التركية للبعثة اللبنانية التي انتقلت إلى إسطنبول لمتابعة ملف اللبنانيين هناك. وقال: «كانت الإجراءات شديدة الفعالية، بفضل التعاون التركي والتسهيلات اللوجيستية التي قدمت». وقال على سؤال عن شكاوى بعض الناجين من ما وصفوه بـ«إهمال» من الشرطة التركية: «ربما يكون قد حصل في البداية بعض الإرباك نتيجة حجم الكارثة التي وقعت بشكل مفاجئ» لكنه شدد على أن المحصلة النهائية لعمل الشرطة التركية كان إيجابيا للغاية والدليل أن جميع اللبنانيين الذين تأثروا بالحادثة عادوا إلى بلادهم خلال 36 ساعة من حصول الحادثة وهذه سرعة قياسية».
وفي لبنان، روى جرحى وناجون لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل لحظات مرعبة عاشوها خلال العملية الإرهابية. وأكد الجريح فرنسوا أسمر لـ«الشرق الأوسط» أنه نجا بأعجوبة من الموت بفضل جواز سفره اللبناني، إذ لامست الرصاصة ناحية قلبه إلا أن اصطدامها بجواز سفره البيومتري، الذي كان يضعه في جيب سترته، فاستقرت الرصاصة في يده من ناحية كتفه، مشيرًا إلى أن كلّ شيء حصل بسرعة بحيث لم يستوعب الساهرون في اللحظات الأولى ماذا يجري حولهم. وقال: «اعتقدنا في البداية أن مشاجرة تجري بين بعض الساهرين، وعندما سمعنا إطلاق النار جرّبنا الاحتماء تحت الطاولات لتفاديها. كنت أجلس وأصدقائي على طاولة قريبة من حلبة الرقص، وفجأة تطوّر الأمر ليتحوّل إلى رشقات من سلاح رشاش». وتابع: «في اعتقادي أنه كان هناك أكثر من شخص إرهابي يقوم بهذه العملية، فأنا شخصيًا سمعت اثنين منهما يتحدّثان مع بعضهما، أحدهما كان ينطق بالإنجليزية»، مشيرًا إلى صديقه بأن الوقت تأخّر، فردّ عليه الثاني بلغة لم أفهمها. ويضيف: «كنت غارقا بدمي عندما مرّ الإرهابي بقربي، فلم أحرّك جفنًا بسبب انخفاض حرارة جسمي من ناحية، ولأجعله يعتقد بأنني ميت من جهة ثانية».
قدّر فرنسوا بقاء الإرهابيين يطلقان الرصاص على كلّ شخص يرونه يتحرّك، بنحو نصف ساعة، حتى أن صديقه جهاد الذي كان مختبئا إلى جانبه: «ادّعى أنه ميت عندما مرّ أحد الإرهابيين بقربه وهو يطلق الرصاص إلى الأسفل وداس على يده للتأكّد من ذلك، فبقي دون حراك خوفا من أن يطلق النار عليه».
بدوره، قال سامي سرور الناجي من الحادثة، إن الإجراءات الأمنية كانت مكثّفة في الملهى، لافتًا في حديث لـ«الشرق الأوسط» «إننا اجتزنا ثلاث نقاط تفتيش بينها واحدة إلكترونية ماسحة، رافقتنا منذ وصولنا (من ناحية المدخل) حتى دخولنا الصالة».
سرور الذي استطاع النجاة عندما اختبأ وتسعة أشخاص آخرين داخل إحدى صالات الحمام، يروي لحظات الحادثة قائلاً: «كنت أقف وصديقتي مباشرة على المدخل إذ تعذّر على مدير المحلّ إيجاد كراسي لنا ومن ثم تمّ نقلنا إلى طاولة أخرى، وبعد ثلاثين ثانية من دخول صديقتي قسم الحمامات سمعت إطلاق رصاصة واحدة وحركة مشبوهة تجري على مدخل الملهى»، مضيفًا: «بعدها مباشرة، بدأ إطلاق الرصاص من رشاش حربي أصابت أحد عناصر الأمن الذي كان يقف بقربي. فهرعت نحو الحمامات لأختبئ مع تسعة غيري ومعهم صديقتي وذلك في آخر صالة من هذا القسم، وقد قطعنا أنفاسنا خوفًا من أن يشكّ الإرهابي في وجودنا هناك». ويتابع: «للوهلة الأولى، أي عندما سمعت أول رصاصة اعتقدت أن هناك مشكلة ما تحدث بين بعض الساهرين، ولكن عندما اشتدّ إطلاق الرصاص عرفت مباشرة أننا نتعرّض لعملية إرهابية». ويشير سامي إلى أن الإرهابيين «واصلوا إطلاق النار على الساهرين حتى بعد معرفتهم بأن رجال الشرطة هم على باب قوسين من الملهى».
ويشير سامي إلى أن العملية استغرقت 50 دقيقة، لافتًا إلى أن إرهابيًا وصل إلى الحمام الأخير «حيث كنّا نختبئ». في تلك اللحظة «عرفت بأن الموت أصبح على بعد خطوة منّي، إلا أن الإرهابي ما لبث أن بدّل وجهة طريقه وخرج». وختم: «لا أعرف كيف نجوت».
من جهته، قال نضال بشراوي الذي خضع لعملية جراحية إثر إصابته بقدمه في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد كتب لنا عمر جديد إلا أننا عشنا حالة هلع وخوف لا يمكن تشبيهها إلا بأفلام الرعب»، وأضاف: «ما أن دخل الإرهابي الملهى حتى بدأ يطلق الرصاص بسلاح حربي. في البداية كان وحده يلتزم الصمت والهدوء بعد كل رشق رصاص يقوم به، ليتعرّف عما إذا كان هناك من يقاوم ليطلق عليه الرصاص مرة جديدة بأعصاب باردة». ويتابع بشراوي الذي كان يجلس على ثاني طاولة من الملهى مع مجموعة من الأصدقاء: «تضاعف عدد الإرهابيين ليتوزّعوا هنا وهناك، وهم يطلقون الرصاص ويدوسون القتلى ويقلبون الطاولات على رؤوسنا، ليستدلّوا بذلك عن أي شخص ما زال حيّا بيننا. وكان إيلي ورديني أول شخص أرداه الإرهابي بطلقة إصابته من ناحية الخلف وسقط على مقربة منّي. وهو كان يجلس على طاولة أخرى ملاصقة لنا تماما مع مجموعة من أصدقائه وبينهم هيكل مسلّم. كما أصيب صديق لي في وركه وشخص آخر في بطنه. أما أنا فأصبت في كتفي وفي رجلي من ناحية الفخذ وبطّة القدم، وكنّا لا ننبث بكلمة ولا نتحرّك حتى لا يعود الإرهابي بأدراجه في اتجاهنا».
ناجون لبنانيون من ملهى إسطنبول يروون لـ«الشرق الأوسط» لحظات الرعب
قنصل لبنان أكد بقاء جريحة حالتها غير حرجة في تركيا

آثار الرصاص على جواز سفر لبناني وكان سبباً في نجاة صاحبه
ناجون لبنانيون من ملهى إسطنبول يروون لـ«الشرق الأوسط» لحظات الرعب

آثار الرصاص على جواز سفر لبناني وكان سبباً في نجاة صاحبه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة