في الوقت الذي يبدو فيه أن ريان غيغز ينجرف بعيدًا عن تدريب الأندية الكبيرة في كرة القدم، قد لا يصدق البعض الآن أنه لو أجرى استطلاع للرأي الموسم الماضي بين لاعبي مانشستر يونايتد بشأن المدير الفني الذي يريدون أن يخلف لويس فان غال، الذي أصابهم بشيء من الحيرة والارتباك، فإن معظم اللاعبين لم يكونوا ليصوتوا لجوزيه مورينيو.
ليس الأمر تقليلا من مورينيو، فلطالما كانت فكرة وجوده في «أولد ترافورد» تحظى بقبول كبير، فضلا عن هالة الغموض التي يحيط بها نفسه، والتي تروق لكثير من اللاعبين، وتغطرسه الذي ظهر جليا عندما تذكر أيامه مع بورتو البرتغالي متمثلة في «الكراسي الزرقاء الجميلة، وبطولة دوري أبطال أوروبا التي حصل النادي عليها بفضل الله أولا، ثم بفضله هو شخصيا. في الواقع، كان مورينيو دائما خيارا طبيعيا ومناسبا لنادٍ متغطرس مثل مانشستر يونايتد، يقول في أوقات الانتصارات: «لست متعجرفا، لكنني الأفضل فقط».
ومع ذلك، كان لا يزال هناك توافق بشأن إسناد المهمة لغيغز، وكان واين روني، قائد الفريق واللاعب الذي يقتدي به جميع اللاعبين الصاعدين في أولد ترافورد، مؤيدا لغيغز. وحتى لو نحينا هذا جانبا، فمن السهل رؤية الأسباب التي تجعل غيغز يحظى بتأييد كبير بين اللاعبين في غرفة خلع الملابس، فغيغز يعد أسطورة حية في تاريخ النادي بكل ما تحمل الكلمة من معنى. إنه الناشئ الذي لعب الكرة وكأنه لاعب كبير، ثم لعب الكرة وهو لاعب كبير وكأنه ناشئ صغير. وحتى عندما تقدم في السن واشتعل رأسه شيبا، حظي بالاحترام الذي يجب أن يمنح لجميع اللاعبين الذين قضوا مسيرتهم الكروية بالكامل بين جدران ناد واحد - مثل مالديني وبويول وتوتي وغيرهم. وعلاوة على ذلك، يعرف غيغز كل كبيرة وصغيرة عن أولد ترافورد.
في الحقيقة، كان تجاهل مانشستر يونايتد لغيغز بمثابة ضربة موجعة للنجم الويلزي، وليس من السهل الآن معرفة الخطوة التالية لغيغز بعدما وصلت الأمور للدرجة التي جعلت نادي سوانزي سيتي، وهو في أمس الحاجة إلى بعض الزخم الجديد، يرفض التعاقد مع غيغز، ثم بالكاد يمنحه نظرة ثانية الآن عندما بات منصب المدير الفني للفريق شاغرا مرة أخرى.
قد لا يكون هذا الأمر مفاجئا إذا ما عرفنا أنه عندما استدعى غيغز، في المرة الأولى، لمقابلة مسؤولي النادي للاتفاق على بنود التعاقد لتولي قيادة الفريق خلفا لفرانشيسكو جويدولين، لم يشعر أصحاب النادي الأميركيين بالراحة تجاه الطريقة التي قدم غيغز نفسه بها.
وانتهى الأمر برفض عام من قبل النادي الذي يقبع حاليا في المركز الأخير في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، ولكن ذلك الأمر جعلنا نطرح سؤالا حول أين ومتى يمكن للنجم الويلزي أن يتولى قيادة فريق يلعب في الدوري الإنجليزي الممتاز، أو ما إذا كان غيغز سيضطر لإعادة ترتيب أولوياته الآن بعدما أصبح من الواضح بشكل متزايد أن الأندية لم تعد منبهرة بفكرة التعاقد مع اللاعبين السابقين ذوي الأسماء الكبيرة كما كان الحال من قبل.
ومع ذلك، يجب ألا يجعل ذلك غيغز يشعر بالإحباط، ويكفي أن نعرف أن رحلة السير أليكس فيرغسون في مجال التدريب قد بدأت في نادي إيست ستيرلينغ الاسكوتلندي، ولم يجد معه بعد التعاقد إلا ثمانية لاعبين، وكان أول لاعب يتعاقد معه لتدعيم صفوف الفريق هو حارس مرمى يعاني من زيادة الوزن بشكل هائل. كما بدأ المدير الفني الكبير برايان كلوف مسيرته التدريبية مع نادي هارتليبولس يونايتد المغمور، وقضى بيل شانكلي بدايته في التنقل بين أندية كارلايل يونايتد، وغريمسبي تاون، ووركينغتون، وهدرسفيلد تاون قبل أن يرتقي لقمة المجد مع ليفربول. وحتى أنطونيو كونتي، المدير الفني لنادي تشيلسي الذي يتصدر جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز خلال الموسم الحالي، هبط إلى دوري الدرجة الثالثة مع نادي أريتسو خلال أول عام له في مجال التدريب. وإذا أراد غيغز أن يقتضي بمثل أكثر ارتباطا بمسيرته هو شخصيا، فقد يتعين عليه أن ينظر إلى ستيف بروس، زميله السابق في مانشستر يونايتد، الذي تنقل بين ثلاثة أندية مختلفة في دوري الدرجة الثانية في إنجلترا، ثم ويغان أتليتيك في دوري الدرجة الأولى، قبل أن ينطلق في مسيرته التدريبية بقوة.
ويتمثل السؤال الآن في ما إذا كان غيغز يريد أن يسير في الطريق ذاته أم لا، على الرغم من أن ذلك سيكون شكلا من أشكال التراجع من قبل الرجل الذي رشحه فان غال ليكون خليفته الطبيعي في مانشستر يونايتد، لكن غيغز قد وصل في حقيقة الأمر إلى النقطة التي تفرض عليه أن يبدأ من هذا الطريق إذا ما أراد الانطلاق نحو القمة.
وفي الإجمالي، استعان 35 ناديا، من أصل 92 ناديا يلعبون في الدوري الممتاز ودوري الدرجة الأولى والثانية والثالثة في إنجلترا، بمديرين فنيين جدد، منذ تعيين مورينيو مديرا فنيا لمانشستر يونايتد في 27 مايو (أيار) الماضي. وإذا كان سوانزي سيتي قد دخل في مفاوضات فعلية مع غيغز وأجرى معه مقابلة للاتفاق على بنود التعاقد، فإن هذا لم يحدث مع كريستال بالاس وهال سيتي وإيفرتون وسندرلاند. كان هناك بالفعل اتصالات قليلة مع نادي نوتنغهام فورست، ولكن يبدو أن فشل غاري نيفيل مع فالنسيا قد قلل من فرص التعاقد مع غيغز. بمعنى آخر، هل كان من الممكن أن نرى أصحاب الأندية أكثر شجاعة وجرأة في التعاقد مع غيغز، لو كان نيفيل، الذي يملك نفس مؤهلات وخلفية غيغز، قد نجح في نقل خبراته إلى فالنسيا الإسباني؟
كل ما يمكن حقا أن يقال هو أن عام 2017 يحمل حالة من الشك وعدم اليقين بالنسبة لغيغز إذا غادر ملعب أولد ترافورد على أمل أن تساعده مكانته السامية هناك في فتح أبواب قليلة في أندية أخرى، أو ما إذا كان يقصد ذلك بالفعل عندما قال في أكتوبر (تشرين الأول) إنه هو من قرر عدم العمل مع سوانزي سيتي لأن «طموحاتهم لا تتناسب حقا مع طموحاتي».
ويمكن القول إن غيغز يسير عكس التيار، في وقت يشهد حالة من الشك والريبة حول قدرة اللاعبين الكبار على أن يصبحوا مديرين فنيين بارزين. قد يكون بيب غوارديولا هو الاستثناء الواضح لذلك، بينما قد يكون زين الدين زيدان، الذي يقترب من الاحتفال بالذكرى الأولى لتوليه قيادة نادي ريال مدريد، هو الشخص الذي يرى غيغز أنه كان من المفترض أن يكون مثله في أولد ترافورد.
ومع ذلك، ما حدث مع زيدان ليس قاعدة يقاس عليها، فقد باءت تجارب مماثلة كثيرة بالفشل، ولا أريد أن أكون متشائما إذا قلت إن هناك خطرا على ما تبقى من الحياة المهنية لغيغز الذي قد يسير على نفس خطى فيل نيل في ليفربول. لقد ظن نيل أنه المدير الفني التالي لليفربول بعد جو فاغان، لكن ذلك لم يحدث على الإطلاق، وتولى قيادة الفريق كيني دالغليش بدلا منه. وكتب نيل في وقت لاحق يقول: «الأحلام والطموحات التي كنت أسعى إليها، لمدة عشر سنوات، قد تحطمت».
وعلى الرغم من أنه يحق لغيغز، الذي يعد أكثر اللاعبين حصولا على البطولات والألقاب مع مانشستر يونايتد، أن يرى أنه من المنصف أن يرتقي لمراكز القيادة في النادي، فإن الأمر سيكون محبطا لو علق النجم الويلزي كل آماله على التدريب في مستوى النخبة.
لا يليق بغيغز، على عكس نيفيل، أن يكتفي بمجرد دور المحلل للمباريات، لأنه لم يحصل على كل تلك الدورات التدريبية، ليصبح أول شخص في العالم يكمل المؤهلات الإلزامية للتدريب في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا وهو لا يزال يلعب، ليكتفي بمجرد الظهور الغريب على شاشة «إي تي في» لكي يضفي طابعا من الإثارة على إحدى المباريات الودية للمنتخب الإنجليزي!.
ولسوء الحظ، ارتبط غيغز بتلك الأيام الصعبة كمدرب في عهد ديفيد مويز، ثم القيام بدور غير ملحوظ في ظل القيادة الفنية لفان غال. لقد وصل غيغز إلى الثالثة والأربعين من عمره، وهو ما يعني أن الخطوة التالية من مسيرته في عالم كرة القدم كان من المفترض أن تبدأ قبل سنوات، ويجب عليه ألا يلقي بالا لعدم توليه مسؤولية سوانزي سيتي ويأخذ العبرة مما حدث للأميركي بوب برادلي الذي سرعان ما أقيل من قيادة الفريق.
وأخيرا، يتعين على غيغز أن يعمل بنصيحة المدير الفني الأسطوري لمانشستر يونايتد السير أليكس فيرغسون، الذي قال إنه لا يتعين على الشخص أن يبقى بعيدا عن العمل لفترة طويلة، لأن العاملين في هذه المهنة يمكن نسيانهم بسرعة مذهلة.
غيغز ما بين تدريب أي فريق أو دخول مرحلة النسيان
أسطورة مانشستر يونايتد مطالب بإعادة النظر في خططه وأولوياته
غيغز ما بين تدريب أي فريق أو دخول مرحلة النسيان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة