ترجيحات بتورط داعشي قرغيزستاني في هجوم إسطنبول

تحقيقات معقدة وسرية وضبط 8 مشتبهين * واشنطن: لم نكن نعلم مسبقًا

الآلاف شاركوا أمس في تشييع جثمان سلان يوسف غورميك الذي قتل في هجوم النادي الليلي في إسطنبول أول من أمس (إ.ب.أ)
الآلاف شاركوا أمس في تشييع جثمان سلان يوسف غورميك الذي قتل في هجوم النادي الليلي في إسطنبول أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

ترجيحات بتورط داعشي قرغيزستاني في هجوم إسطنبول

الآلاف شاركوا أمس في تشييع جثمان سلان يوسف غورميك الذي قتل في هجوم النادي الليلي في إسطنبول أول من أمس (إ.ب.أ)
الآلاف شاركوا أمس في تشييع جثمان سلان يوسف غورميك الذي قتل في هجوم النادي الليلي في إسطنبول أول من أمس (إ.ب.أ)

تواصلت أمس التحقيقات وأعمال البحث والتحري المكثفة حول الهجوم المسلح على نادي «رينا» في إسطنبول الذي وقع في الساعات الأولى من صباح الأحد (أول من أمس) مع استقبال العام الجديد. فيما توصلت سلطات التحقيق إلى تحديد منفذ الهجوم. وقالت وسائل الإعلام التركية، نقلا عن جهات التحقيق، إن منفذ الهجوم هو مواطن من قرغيزستان، ونشرت له السلطات صورة ومقطع فيديو يسجل وقت دخوله من مطار أتاتورك الدولي في إسطنبول أثناء المرور بالجوازات وختم جواز سفره، وأخرى لإطلاقه النار داخل النادي المزدحم الذي كان يوجد به أكثر من 700 شخص يحتفلون باستقبال العام الجديد. واعتقلت قوات مكافحة الإرهاب التركية 8 أشخاص يشتبه في تورطهم في عملية الهجوم على النادي التي خلفت 39 قتيلا، بينهم 27 عربيا وأجنبيا، وإصابة 65 شخصا، غادر منهم 48 المستشفيات بعد تلقيهم العلاج اللازم، بينما بعضهم لا يزال بالعناية المركزة. وفي حين أعلن تنظيم داعش الإرهابي أمس، تبنيه الهجوم على النادي الواقع في منطقة أورتاكوي في إسطنبول، أعلن نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية، نعمان كورتولموش، في مؤتمر صحافي عقب اجتماع مجلس الوزراء التركي الذي عقد أمس الاثنين بقصر رئاسة الجمهورية برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان، أن التحقيقات في الهجوم الإرهابي تسير بدقة وفي سرية شديدة، وأنه تم التوصل إلى تحديد هيئة منفذ الهجوم وبصماته، ويجري العمل على الكشف عن اسمه والمعلومات الخاصة به. وقال كورتولموش: «هدفنا فقط ليس القبض على منفذ هجوم إسطنبول، ولكن معرفة الجهة التي تقف وراءه، والتحقيقات الجارية هي عملية دقيقة ومعقدة وحساسة، وقد توصلنا إلى هيئة القاتل وبصماته».
وبحسب مصادر أمنية، فحص رجال الأمن ألف ساعة من فيديوهات التقطتها كاميرات المراقبة لاستخراج صورة منفذ الهجوم في إطار التحقيقات التي يجريها مكتب المدعي العام ومكتب مكافحة الإرهاب في إسطنبول، وتمكنت الفرق التابعة لشعبة مكافحة الإرهاب من الحصول على الصورة الأوضح لمنفذ الهجوم.
وتمكن فريق شعبة مكافحة الإرهاب في مديرية أمن إسطنبول، من خلال الصور التي تم الحصول عليها عبر كاميرات المراقبة التابعة للأمن، من تحديد أوصاف الإرهابي ورؤية وجهه وملامحه بوضوح. ولفت كورتولموش إلى تباين أساليب الهجمات الأخيرة في تركيا عما هو معتاد، قائلا إن الهجمات الأخيرة سواء التي نفذها انتحاريان في بشكتاش في 10 ديسمبر (كانون الأول) أو تلك التي نفذت بسيارة مفخخة استهدفت حافلة لنقل الجنود في قيصري (وسط تركيا) في 16 ديسمبر، أو اغتيال السفير الروسي أندريه كارلوف في أنقرة في 19 ديسمبر، أو الهجوم على النادي في مطلع العام الجديد، كلها أساليب ربما لم تشهدها تركيا من قبل، ورجال الأمن يعملون ليل نهار من أجل محاولة وقف هذه العمليات، ونحن لا نتكلم جزافا لو لم تكن هناك جهات داعمة وراء هذه التنظيمات الإرهابية ما استطاعت أن تواصل. إننا نواجه تنظيمات معقدة جدا، ولذلك ندعو الغرب إلى ترك ازدواجية المعايير في التعامل مع الإرهاب.
وتابع: «الإرهابيون لم يتركوا الناس لينعموا باستقبال عام جديد خال من الإرهاب بعد أن عشنا في عام 2016 عاما حافلا بالإرهاب».
وقد بحث مجلس الوزراء برئاسة إردوغان أمس، تمديد حالة الطوارئ في البلاد المعلنة منذ 21 يوليو (تموز) الماضي، في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة، وقال إن حالة الطوارئ في تركيا سيتم تمديدها، وطالما كانت هناك حاجة إليها.
ومن المقرر أن ينتهي تمديد حالة الطوارئ في تركيا في 19 يناير (كانون الثاني) الحالي. وحول تلميح بعض الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى وقوع هجوم إرهابي قبل الهجوم المسلح على الملهى، قال كورتولموش إن السلطات التركية تعمل على هذا الموضوع منذ هجوم بشكتاش في 10 ديسمبر، وكل من يستخدم الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي لدعم الإرهاب سيلقى جزاءه في إطار القانون، ولن نقف صامتين تجاه من ينشرون رسائل الإرهاب ومن يدعمونه، ومن يحاولون بث الخوف لدى الشعب التركي، لافتا إلى أنه تم رصد 147 حسابا داعما للتنظيمات الإرهابية، وستتم محاسبة المسؤولين عنها. وقال إن التحريات تجري بشكل معقد وسري، ونحن بدأنا وضع جميع الاحتمالات بعد هجوم بشكتاش.
وحذر رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم من مغبة مدح الإرهاب والمنظمات الإرهابية وعملياتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مبينًا أنّ ذلك جريمة يعاقب عليها القانون التركي. ودعا يلدريم جميع المواطنين إلى التحلي بروح الوطنية وعدم الانجرار وراء أهداف المنظمات الإرهابية التي تسعى لنشر الذعر والخوف داخل المجتمع التركي.
من جانبه، قال وزير العدل التركي بكير بوزداغ، إن النيابات العامة في تركيا يمكنها فتح دعاوى قضائية بحق الأشخاص الذين تتوفر الأدلة اللازمة التي تثبت نشرهم منشورات تمدح الإرهابيين وعملياتهم. وذكر موقع «أودا تي في» (Oda TV) التركي أن تنظيم داعش الإرهابي وجّه دعوات إلى خلاياه النائمة وعناصره النشطة بإشاعة الفوضى في تركيا، مشيرًا إلى أن إحدى الصور التي تم إعدادها لهذا الغرض تركّز على مضيق البسفور وجامعة إسطنبول.
ومن خلال الصور التي نُشرت من حساب «تويتر» الخاص بـ«تونجاي أوزكان» وجّه التنظيم الإرهابي دعوات باللغة العربية إلى ميليشياته تدعوهم لشن هجمات إرهابية ضد تركيا.
كما تتضمن الصور توجيهات لأتباع التنظيم الإرهابي بشن هجمات إرهابية ستشيع الفوضى في تركيا، معلنة تركيا «منطقة جهاد». وعند البحث عن موعد نشر هذه الصور ومصدرها تظهر حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة بالإرهابيين. واللافت في الأمر هو إغلاق بعض الحسابات التي نشرت هذه الصور. وكون الحسابات لا تزال تظهر في محرك بحث «غوغل» يعكس أنه تم إغلاقها خلال فترة زمنية قريبة.
ويظهر «داعشي» أمام مضيق البسفور في صورة تستخدمها بعض شركات السياحة في تعريف مواطنيها بمدينة إسطنبول. كما تم وضع صورة مقاتل من «داعش» فوق هذه الصورة. وفي إحدى الصور الأخرى المثيرة للانتباه ظهرت جامعة إسطنبول وسارية العلم التركي الموجودة في مدخلها مكسورة. وتسببت هذه الصورة في مخاوف من احتمال أن تكون الجامعة هدفا للتنظيم الإرهابي.
وأمس، أعلن تنظيم داعش، في بيان، مسؤوليته عن الهجوم المسلح على النادي في إسطنبول، ووصف نادي «رينا»، حيث قتل 39 من العرب والأجانب والأتراك، بأنه «نقطة تجمع للمسيحيين للاحتفال بـ(عيدهم الشركي)»، بحسب ما ذكرته «رويترز».
من جهتها، قالت صحيفة «حريت» التركية إن السلطات تعتقد أن المهاجم قد يكون من إحدى دول آسيا الوسطى، وإنه ربما يكون من الخلية ذاتها المسؤولة عن الهجوم الثلاثي على مطار أتاتورك في إسطنبول في 28 يونيو (حزيران) الماضي الذي أسفر عن مقتل 47 شخصا وإصابة المئات.
وأكد السفير الأميركي لدى أنقرة، جون باس، أن بلاده لم تكن تعلم مسبقا بالهجوم الإرهابي الذي استهدف ناديا بمدينة إسطنبول فجر أول من أمس، والذي خلف عشرات القتلى والجرحى. وشدد باس، في بيان نشر على موقع السفارة الأميركية بأنقرة، على أن حكومة بلاده لم تكن على علم مسبق بالهجوم الإرهابي، ولم تحذّر مواطنيها من التوجه أو الابتعاد عن النادي المستهدف أو أماكن أخرى.
ولفت باس إلى أن البيان الذي نشر على موقع السفارة قبيل احتفالات عيد الميلاد، يعد بيانًا عامًا يتم تكراره دائمًا، على اعتبار أنّ المواطنين الأميركيين مستهدفون في مثل هذه المناسبات سواء في تركيا أو دول القارة الأوروبية. وأشار باس إلى المشاورات التي تجري بين المؤسسات الأميركية والتركية فيما يخص مكافحة المنظمات الإرهابية، وأن هذه المشاورات تتضمن تقاسم المعلومات بين الطرفين بخصوص التهديدات الإرهابية.
وأمس، وصل وفد من وزارة الخارجية اللبنانية إلى إسطنبول للتباحث مع المسؤولين الأتراك حول سقوط مواطنين لبنانيين في الهجوم على نادي «رينا»، في إسطنبول في ساعة مبكرة أول من أمس الأحد، الذي أوقع 39 قتيلا، بينهم 3 لبنانيين.
وبحسب مصادر تركية، يتكون الوفد اللبناني من 19 شخصا، بينهم عوائل ضحايا الهجوم الذين سقطوا في هجوم إسطنبول.
واجتمع الوفد اللبناني مع مسؤولين في الحكومة التركية، وسيقوم الوفد بزيارة إلى الجرحى اللبنانيين في المستشفيات التركية.
وطلبت روسيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا والاتحاد الأوروبي من رعاياها عدم التوجه نحو تركيا، لأن الحادثة التي وقعت في إسطنبول أظهرت أن هناك تقصيرا كبيرا من الأمن التركي، حيث وقعت الحادثة في أهم شارع في إسطنبول، وفي أهم ناد، ولم يتم اكتشاف القاتل والمجرم، كذلك حتى الآن لم يتم اعتقاله. ووجهت روسيا كتابا عبر وكالات الأنباء وعبر رسائل إلكترونية تطلب من السياح عدم السفر إلى تركيا، نظرا للخطورة التي سيتعرضون لها.
وقام الرئيس بوتين بتعزية الرئيس إردوغان الذي تلقى تعازي من رؤساء دول العالم على الحادثة، إلا أن روسيا كانت الأكثر حزما، إذ منعت رعاياها من السفر إلى تركيا. كما أوقفت طائرة سيّاح روس كانوا متوجهين من روسيا إلى إسطنبول، وطلبت منهم العودة إلى منازلهم. كذلك في أوروبا، فإن ألمانيا كانت أيضا من الأكثر حزما في منع سياح من ألمانيا يذهبون إلى تركيا، وهو العدد الأكبر من السياح الأوروبيين، وطلبت منهم عدم السفر كليا إلى إسطنبول.
إلى ذلك تحدث المصاب اللبناني نضال بشراوي عن الاعتداء في تصريحات لقناة «إل بي سي» من إسطنبول، قائلا إن أكثر من مسلح «كانوا يتحدثون باللغة التركية مع بعضهم»، مشيرًا إلى أن أحدهم «كان يسكت ليسمع الأصوات، فيقترب نحوها ويطلق عليها النار»، فيما قال المصاب ناصر بشارة إن المسلح «كان يطلق النار منذ دخوله إلى المدخل وقرب الحمامات قبل أن يصل إلينا، حيث كنا نحاول الاختباء، لكنه أطلق علينا النار من الخلف». وأضاف: «أينما كان يسمع صوتًا، كان يطلق النار باتجاه الصوت... وبقينا في الأرض نحو ساعة».



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.