قتلى ومصابون بهجوم على نادٍ ليلي في إسطنبول في رأس السنة

بداية دامية في مطلع 2017 تكمل الصورة القاتمة للإرهاب في 2016

مواطنة تركية تضع أكاليل من الورود في مدخل النادي الليلي بحي أورتاكوي الذي شهد هجومًا إرهابيًا داميًا ليلة أمس (أ.ب) - بن علي يلدريم رئيس الوزراء التركي يزور ضحايا الهجوم الإرهابي في احد مستشفيات إسطنبول امس (رويترز)
مواطنة تركية تضع أكاليل من الورود في مدخل النادي الليلي بحي أورتاكوي الذي شهد هجومًا إرهابيًا داميًا ليلة أمس (أ.ب) - بن علي يلدريم رئيس الوزراء التركي يزور ضحايا الهجوم الإرهابي في احد مستشفيات إسطنبول امس (رويترز)
TT

قتلى ومصابون بهجوم على نادٍ ليلي في إسطنبول في رأس السنة

مواطنة تركية تضع أكاليل من الورود في مدخل النادي الليلي بحي أورتاكوي الذي شهد هجومًا إرهابيًا داميًا ليلة أمس (أ.ب) - بن علي يلدريم رئيس الوزراء التركي يزور ضحايا الهجوم الإرهابي في احد مستشفيات إسطنبول امس (رويترز)
مواطنة تركية تضع أكاليل من الورود في مدخل النادي الليلي بحي أورتاكوي الذي شهد هجومًا إرهابيًا داميًا ليلة أمس (أ.ب) - بن علي يلدريم رئيس الوزراء التركي يزور ضحايا الهجوم الإرهابي في احد مستشفيات إسطنبول امس (رويترز)

مبكرا جدا، ضرب الإرهاب بيده السوداء تركيا مع مطلع عام 2017، ليعلن أن هذا العام لن يختلف كثيرا عن سابقه 2016، الذي كان من أسوأ الأعوام من حيث الهجمات الإرهابية والانتحارية. وبسبع دقائق دامية استقبلت تركيا عامها الجديد بهجوم إرهابي مسلح، وقع في نادي «رينا» الشهير في منطقة أورتاكوي في إسطنبول، وحصد أرواح 39 من الأتراك والعرب والأجانب، إلى جانب 65 مصابا، 4 منهم في حالة حرجة. وقتل المهاجم شرطيا ومدنيا، أثناء اقتحامه نادي «رينا» الليلي نحو الساعة 1:15 بعد منتصف الليل بتوقيت إسطنبول (22:15 بتوقيت غرينتش) قبل أن يفتح النار بشكل عشوائي في الداخل، حيث كان يتواجد نحو 700 من المحتفلين باستقبال العام الجديد.
وأكد واصب شاهين، حاكم إسطنبول، أن المهاجم أطلق النار على ضابط شرطة ومدني وهو يدخل النادي الليلي في منطقة أورتاكوي في حي بيشكتاش بإسطنبول، قبل أن يطلق النار داخل النادي.
وتحدث بعض الشهود عن وجود عدد من المهاجمين، لكن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو أكد أن منفذ الهجوم شخص واحد، وهرب بعد أن قام بتغيير ملابسه.
وقال صويلو: «تجرى عملية بحث عن الإرهابي. بدأت الشرطة عملياتها، ونأمل في الإمساك بالمهاجم قريبا»، مشيرا إلى أنه تم التعرف على هوية 20 جثة فقط حتى الآن، من بينهم 15 من العرب والأجانب، وهناك 65 مصابا في المستشفيات، بينهم 4 في حالة خطيرة.
ولفت صويلو إلى أنهم وصلتهم معلومات من استخبارات خارجية ومن أجهزة الأمن التركية، عن عمليات إرهابية قد تحدث في إسطنبول وأنقرة، قبل وقوع الحادث الإرهابي بالنادي الليلي مساء أمس.
وأضاف أنه بناء على تلك المعلومات، اتخذت قوات الأمن التدابير اللازمة في أنحاء تركيا كافة، وبخاصة إسطنبول وأنقرة، مضيفا أن «كثيرًا من العمليات الأمنية نُفذت قبل رأس السنة على وجه الخصوص».
وألقت قوات الأمن التركية، أول من أمس، القبض على 8 من عناصر «داعش» كانوا يخططون لهجوم في أنقرة ليلة رأس السنة.
وعقد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أمس الأحد، اجتماعا أمنيا برئاسته عقب الهجوم، ضم نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة نعمان كورتلموش، ووزراء الداخلية والصحة والأسرة، ووالي إسطنبول، ومدير أمن المدينة.
وعقب الاجتماع الأمني رفيع المستوى، توجه يلدريم لزيارة المصابين في المستشفيات، وشدد في تصريحات عقب الزيارة على أن المنظمات الإرهابية «لن تستطيع إفساد الأخوة والوحدة القائمة» في تركيا، من خلال عملياتها الإرهابية.
وأكد يلدريم أن الإرهاب لن يخيف الشعب التركي، واصفًا الهجوم بـ«الدنيء». وتطرق يلدريم إلى هوية منفذ العملية الإرهابية قائلاً: «هناك احتمالات وتوقعات حول هوية منفذ العملية الإرهابية، وقوى الأمن وأجهزة الشرطة والاستخبارات تنسّق فيما بينها للتعرف عليه، وسنعلن المعلومات عنه عقب أي تطور في هذا الخصوص». وأشار رئيس الوزراء إلى أن منفذ العملية انتهز الفوضى في مكان الحادث، وترك سلاحه فيه وابتعد، لافتًا إلى أن الجهات المختصة تقيّم كل الاحتمالات، وتواصل التحقيقات بدقة كبيرة، لافتا إلى أن تركيا لا تواجه تنظيما إرهابيا واحدا، بل تخوض منذ مدة حربًا لا هوادة فيها في المنطقة، وقال: «نعلم بالطبع أن هذه التنظيمات سيكون لها رد، لكننا لن نخضع أبدًا للإرهاب». ونفى يلدريم ما ذكرته بعض وسائل الإعلام من أن منفذ الهجوم تخفى في زي بابا نويل. ووقع الهجوم بينما تحاول تركيا التعافي من محاولة انقلاب فاشلة وسلسلة من التفجيرات الدامية في مدن، منها إسطنبول والعاصمة أنقرة، حملت السلطات المسؤولية عن بعضها لتنظيم داعش، بينما أعلن مسلحون أكراد مسؤوليتهم عن البعض الآخر. ونادي «رينا» الليلي هو أحد أشهر الملاهي الليلية في إسطنبول، ويرتاده الأجانب والمحليون، ويطل على مضيق البوسفور الذي يفصل أوروبا عن آسيا في منطقة أورتاكوي بإسطنبول.
وأشار صويلو وشاهين إلى مهاجم واحد، لكن تقارير أخرى بما في ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي، أشارت إلى وجود أكثر من مهاجم ارتدى أحدهم على الأقل زي بابا نويل، قبل أن يخلعه في وقت لاحق ليتمكن من الهرب. ونقلت صحيفة «حرييت» عن شهود قولهم إن هناك عددا من المهاجمين، وإنهم هتفوا باللغة العربية. وقال حمد كوتش أرسلان، صاحب نادي «رينا» الليلي، إن إجراءات أمنية اتخذت خلال الأيام العشرة الماضية بعد تقارير عن هجوم محتمل، وكانت هناك 3 نقاط تفتيش، رفعت قبل رأس السنة إلى 4 نقاط، وتم تفتيش جميع من يدخلون إلى النادي.
وحذرت السفارة الأميركية في أنقرة المواطنين الأميركيين من احتمال وقوع هجمات خلال الاحتفال برأس السنة، ودعتهم إلى تجنب الأماكن المزدحمة ومناطق الاحتفالات والمواصلات العامة، مشددة على أن الأجانب وبخاصة الأميركيين لا يزالون هدفا للجماعات المتطرفة في تركيا.
وتصاعدت وتيرة العمليات الإرهابية عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في منتصف يوليو (تموز)، وكان آخرها في إسطنبول هجومي بيشكتاش الانتحاريين، في 10 ديسمبر. وتعليقًا على الهجوم الإرهابي على النادي الليلي، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في كلمة أمس الأحد، إن الهجمات التي تنفذها منظمات إرهابية مختلفة في تركيا لا تنفصل عن الأحداث التي تشهدها دول الجوار، وبخاصة سوريا والعراق. وشدد إردوغان على عزم وإصرار بلاده على مواصلة اقتلاع تلك المنظمات الإرهابية والتهديدات والهجمات الموجهة ضدها.
ولفت إردوغان إلى أن المنظمات الإرهابية التي تستهدف أمن الشعب التركي وسلامته، تحاول بالتعاون مع عملائها إحداث حالة من الفوضى وعدم استقرار في البلاد، وذلك من خلال الهجمات الوحشية التي تستهدف المدنيين.
وأبدت المعارضة التركية تضامنها مع الحكومة في مواجهة الإرهاب، وشدد كمال كليجدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري ودولت بهشلي رئيس حزب الحركة القومية، على أن التنظيمات الإرهابية لن تصل إلى غاياتها من خلال العمليات التي تقوم بها في تركيا، لافتين إلى أن العمليات الإرهابية تهدف إلى ضرب أمن واستقرار البلاد. وقوبل الهجوم على النادي الليلي في إسطنبول بإدانات عربية ودولية واسعة، كما صدرت إدانات عن كثير من الدول العربية.
وفي العاصمة الرياض، أعرب مصدر مسؤول بوزارة الخارجية عن إدانة المملكة العربية السعودية واستنكارها الشديدين للهجوم المسلح الذي وقع في حي أورتاكوي بمدينة إسطنبول التركية، وأسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.
وجدد المصدر التأكيد على مؤازرة بلاده، ووقوفها إلى جانب الشقيقة تركيا ضد الإرهاب والتطرف.
كما أدانت مصر الهجوم، وصدرت إدانات من تونس والجزائر وقطر والبحرين والأردن وفلسطين للاعتداء الإرهابي. كما أدانت منظمة التعاون الإسلامي، أمس، حادث إطلاق النار في مدينة إسطنبول بتركيا، الذي أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.
وعبر الرئيس الأميركي باراك أوباما عن تعازيه في الضحايا، ووجه فريقه لتقديم المساعدة للسلطات التركية. وبعث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسالة تعزية لنظيره التركي رجب طيب إردوغان على خلفية الهجوم، أكد فيها أن تركيا شريك موثوق به في مجال مكافحة الإرهاب، وأن روسيا ستواصل التعاون معها في مجال مكافحة الإرهاب. كما أعرب الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، عن إدانته الشديدة للهجوم، وأعرب وزير خارجية فرنسا، جان مارك إيرولت‎، عن «تضامن بلاده مع تركيا التي تعرضت لهجوم مخيف في هذه الليلة الرمزية».
وندد أمين عام حلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ بالحادث، وأعربت الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، عن تضامنها مع أسر ضحايا الهجوم، وقالت: «سنواصل جهودنا للحيلولة دون وقوع مثل هذه الأحداث».
وقال رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز، إن «الإرهابيين حوّلوا ليلة الاحتفالات إلى عنف وقتل ويأس»، معربًا عن تضامنه مع تركيا وإسطنبول. كما نددت ألمانيا والنمسا وبابا الفاتيكان بالهجوم.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».