في حين لم يحقق الساسة الفلسطينيون خلال عام 2016 أي اختراقات في قضايا مصيرية، مثل إقامة الدولة وعقد مؤتمر سلام وتحقيق مصالحات وبدء مفاوضات (باستثناء تصويت الأمم المتحدة ضد الاستيطان اليهودي)، نجح أفراد فلسطينيون عاديون في ترك بصمة كبيرة في محافل أخرى غير سياسية، فتفوقوا على الساسة ولفتوا أنظار العالم. فخلال 2016 سجل فلسطينيون وفلسطينيات إنجازات وإبداعات على الساحة العربية والعالمية، كتبت باسم فلسطين التي تعاني من وضع صعب ومعقد بسبب الاحتلال الذي يحول دون حياة كالحياة بالنسبة لكثير من الفلسطينيين.
سلسلة إنجازات
بدأت سلسلة الإنجازات في الثالث عشر من مارس (آذار) بتحقيق المعلمة الفلسطينية حنان الحُروب (من سكان مخيم الدهيشة للاجئين في مدينة بيت لحم)، لقب «أفضل معلمة» ضمن مسابقة عالمية ضمت 8 آلاف مرشح من 148 دولة بتنظيم من مؤسسة فاركي فاونديشن. وحققت الحروب الجائزة بسبب أسلوبها الجديد في التدريس الذي يعتمد على اللعب، قائلة إنها لجأت لهذا الأسلوب، بسبب ما يعانيه الأطفال الفلسطينيون وما عايشوه من صدمات بسبب الاحتلال. واحتفلت السلطة بشكل رسمي شعبي بإنجاز الحُروب، في مؤشر على الحاجة إلى مثل هذه الإنجازات.
وفي الخامس عشر من مارس حققت أيضا الطالبة الفلسطينية كارولين عساف (من مدينة نابلس) المرتبة الأولى على ولاية نيوجيرسي الأميركية في مسابقة طبية ضمت مئات الطلاب من جامعات مختلفة.
ونجح المصور الصحافي صهيب جاد الله، الذي يعمل لوكالة «رويترز»، بحصد الميدالية الفضية في الخامس من أبريل (نيسان) عن إحدى الصور التي شارك فيها بمسابقة الصين الدولية التي شارك فيها نحو ألف صحافي مصور من كل أنحاء العالم. وكانت الصورة لثلاثة أطفال فلسطينيين، وهم يراقبون لحظات «هطول الأمطار» في منزلهم المتضرر جراء الحرب الأخيرة على قطاع غزة.
ويوم 21 مايو (أيار) نجح جنود من «جهاز الأمن الوطني الفلسطيني» في تحقيق المرتبة الثانية في مسابقة «المحارب الدولي» التي عقدت في الأردن بمشاركة 35 دولة عربية وأجنبية.
وفي نهاية أغسطس (آب) حققت الطالبة أديان عقل (من بلدة سلفيت بالضفة الغربية) لقب بطلة العرب في اختبار «حساب اليوم الموافق» متفوقة على 307 من المتنافسين والمتنافسات بتمثيل 11 دولة عربية.
وما زالت المعلمة منى عوض الله (من مخيم يبنا في مدينة رفح) تحلم منذ العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) أن تحقق إنجازا مثاليا في الحصول على جائزة نوبل للتعليم كـ«أفضل معلم في العالم»، التي ستخرج نتائجها في مارس 2017. في خطوة أخرى تضاف إلى سلسة الإنجازات الفلسطينية الفردية.
.. حتى في الفن
ولم يكتف الفلسطينيون بالإنجازات على الصعيدين الأكاديمي والمهني، بل نجحوا في برنامج «أراب آيدول» الغنائي الشهير، إذ شهد العام الحالي - والرابع من موسمه - وجود 14 متنافسا فلسطينيا، نجح منهم 6 للوصول إلى المراحل المباشرة من العرض، بينهم 4 من الأراضي المحتلة عام 48 والضفة الغربية، واثنان من قطاع غزة. وكان بين هؤلاء الفتاتين نادين الخطيب (من مدينة الناصرة، وروان عليان (من مدينة بيت لاهيا بشمال قطاع غزة).
ويأمل المتسابقون الستة من الفلسطينيين في تحقيق إنجاز جديد والوصول لمراحل متقدمة من خلال المنافسة الشرسة مع عدد كبير من الشبان والشابات المتنافسات من عدة دول. كما جرى في المواسم السابقة، التي شهدت حضورا فلسطينيا أقل من الموسم الحالي من البرنامج الذي يحقق شهرة كبيرة في الدول العربية.
وتعد الفتاة روان عليان أول فتاة غزية تظهر بهذه الشجاعة على التلفزيون. وهي تغني وسط تشجيع واضح من عائلتها، رغم الظروف الصعبة والمعقدة في القطاع، الذي يوصف سكانه عمومًا بأنهم إما محافظون وإما متشددون. وأبلغ المطرب الشهير وائل كفوري المتسابقة عليان، أنها حظيت بفرصة قد لا تتكرر، بعدما نجحت في تحدي كل المعوقات.
وكان محمد عساف - وهو أيضًا من قطاع غزة - قد فاز باللقب قبل موسمين، وهو ما شجع المئات من الشبان الفلسطينيين على كسر الحاجز النفسي في القطاع الذي يشهد حصارا خانقا وحروبا عسكرية إسرائيلية ما بين فترات سنوية متقاربة. ويحاول الشبان والشابات الآن تقديم أنفسهم على مسارح الغناء والإبداع، من أجل الحصول على فرصة أفضل في تغيير مجرى حياتهم والتطلع لإنجازات شخصية توصلهم للنجومية بعيدا عن الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشونها.
هذا، وعلقت المختصة الاجتماعية فلسطين إبراهيم في لقاء مع «الشرق الأوسط»، أن «هذه الإنجازات جاءت نتيجة طموحات الفلسطينيين لإثبات حضورهم الاجتماعي والعلمي والرياضي بعيدا عن الواقع السياسي الذي يعيشونه بسبب الاحتلال وغيره من الأسباب».