تونس تتجه نحو التطبيق الصارم للقانون الخاص بملف {العائدين من بؤر التوتر}

السلطات التونسية تنفي استقبالها متطرفين مرحلين من ألمانيا

تونس تتجه نحو التطبيق الصارم للقانون الخاص بملف {العائدين من بؤر التوتر}
TT

تونس تتجه نحو التطبيق الصارم للقانون الخاص بملف {العائدين من بؤر التوتر}

تونس تتجه نحو التطبيق الصارم للقانون الخاص بملف {العائدين من بؤر التوتر}

في ظل رفض التونسيين من خلال وقفات احتجاجية نظموها أمام البرلمان التونسي وكذلك عدد كبير من الأحزاب السياسية والهياكل النقابية لقوات الأمن لعودة آلاف الإرهابيين التونسيين من الخارج، لم تجد الحكومة التونسية مناصا من بلورة موقف رسمي تجاه الأزمة الحادة التي سيمثلها هذا الملف. وكان هادي المجدوب وزير الداخلية التونسية قد أفاد قبل أيام أن عدد العائدين إلى تونس من بؤر التوتر ناهز 800 إرهابي بعضهم ملاحق من قبل القضاء التونسي والبعض الآخر يخضع للمراقبة الإدارية والأمنية أو الإقامة الجبرية.
وبعد ساعات طويلة من اجتماع مغلق عقده أمس يوسف الشاهد رئيس الحكومة بحضور وزراء الداخلية والدفاع والعدل والخارجية (وزارات السيادة)، لم تتسرب معلومات رسمية حول موقف الحكومة التونسية من ملف عودة التونسيين الذين قاتلوا خارج التراب التونسي، ويبدو أن حساسية الملف وصعوبة البت فيه ستسيطر على المشهد السياسي في تونس وستجعله في صدارة الاهتمامات.
إلا أن جل التوقعات تصب في اتجاه تكريس الحكومة التونسية للقانون التونسي وتنفيذ قانون مكافحة الإرهاب المصادق عليه خلال سنة 2015، وتكثيف المراقبة الأمنية للحدود البرية والبحرية ورفع درجة يقظة قوات الأمن والجيش لمنع تسلل قيادات إرهابية إلى تونس بنفس الطريقة التي سافروا بها دون علم السلطات التونسية.
ونفت وزارة الداخلية التونسية خبر هبوط طائرة ألمانية بمطار النفيضة - الحمامات الدولي (وسط شرقي) وعلى متنها نحو 30 شابا تونسيا انخرطوا في تنظيمات إرهابية وتيارات تكفيرية متشددة، بعد أن تم ترحيلهم من قبل السلطات الألمانية باتجاه تونس. وقال ياسر مصباح، المكلف الإعلام في وزارة الداخلية، إن هذا الخبر «عار تماما من الصحة»، ونفى وصول أي طائرة من ألمانيا تقل إرهابيين تونسيين مرحلين. وفي السياق ذاته، أكد مصدر رفيع المستوى بوزارة الخارجية في تصريح إعلامي، عدم صحة الخبر، الذي تناقلته وسائل إعلام إلكترونية محلية بشأن ترحيل طالبي لجوء تونسيين من ألمانيا، معظمهم من المنضمين إلى التنظيمات الإرهابية، وقال إن حسم هذا الأمر موكول إلى السلطات التونسية التي ستقود مفاوضات مع الجانب الألماني لتحدد من خلالها شروط قبولهم، مضيفا أن التعامل مع مثل هذه القضايا الشائكة يتم «بكل دقة وحسب الملفات المطروحة»، بسبب عدم توفر وثائق ثبوتية لدى جل هؤلاء الشبان، على حد تعبيره. وكان الحادث الإرهابي الذي نفذه الإرهابي التونسي أنيس العامري في مدينة برلين، قد أحيا برنامج السلطات الألمانية لترحيل المهاجرين من بلدان المغرب العربي، بخاصة تونس والجزائر والمغرب، باعتبارها «دولا آمنة» وفق التصنيف الأوروبي. وسيكون التونسيون من طالبي اللجوء في ألمانيا على رأس المرحلين بعد هجوم برلين.
وكانت تقارير إعلامية متطابقة أكدت أن الحزب المسيحي الاجتماعي المحافظ في إقليم بافاريا بصدد إعداد خطة تقضي بعض بنودها بإعادة المهاجرين، الذين يتم إنقاذهم أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط إلى أفريقيا، من خلال اتفاقيات شراكة يتم إبرامها مع تونس ومصر. وفي هذا الشأن قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي، إن قرار ترحيل اللاجئين التونسيين من ألمانيا اتخذ قبل العمل الإرهابي الذي نفذه أنيس العامري، وأكد أن السلطات الألمانية اتخذت هذا القرار قبل نحو سنة، وهي ماضية في تنفيذه، على حد قوله. وإثر هجوم برلين الإرهابي شددت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في اتصال هاتفي مع الرئيس التونسي على ضرورة التسريع بترحيل اللاجئين الذين رفضت طلباتهم، وزيادة عدد المرحلين. ومن المنتظر ترحيل نحو 485 ألف لاجئ من ألمانيا بنهاية سنة 2017، من بينهم مئات التونسيين. وينتظر قيام المستشارة الألمانية بزيارة إلى تونس، وسيكون ملف المرحلين على قائمة الموضوعات المطروحة بين البلدين، كما سيقوم يوسف الشاهد رئيس الحكومة التونسية بدوره بزيارة إلى ألمانيا مطلع سنة 2017 للغرض نفسه.
من جهته، نبه حمة الهمامي، زعيم تحالف الجبهة الشعبية اليساري، إلى وجود مخطط مشبوه يقضي بتحويل تونس إلى مصب للإرهابيين العائدين من بؤر التوتر مقابل الحصول على تمويلات وهبات، وقال إن «آلاف الإرهابيين التونسيين سيضعون أنفسهم في حال عودتهم إلى تونس في خانة المهزومين وليس التائبين كما يروج له بعض السياسيين، وهو ما سيجعل ردود الفعل منهم أكثر عنفا وحدة» على حد تقديره. أما بشأن مآل آلاف الإرهابيين التونسيين بعد أن تضع الحروب أوزارها في بؤر التوتر المختلفة، فقد أوضح الهمامي أنه «بإمكان أي بلد من البلدان التي آوت الإرهابيين زمن الحرب محاسبة العناصر المتطرفة الأجنبية وفق قوانينها الخاصة، لا أن ترمي بهم في وجوه التونسيين بعد استغلالهم في مخططات إقليمية ودولية مختلفة المآرب»، على حد تعبيره.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».