العراق يبدأ المرحلة الثانية من تحرير الموصل

تقدم تدريجي للجيش وانهيار مواقع «داعش» في عدد من الأحياء

قوات تابعة للحكومة العراقية تتقدم في ضاحية سومر جنوب شرقي الموصل (أ.ف.ب)
قوات تابعة للحكومة العراقية تتقدم في ضاحية سومر جنوب شرقي الموصل (أ.ف.ب)
TT

العراق يبدأ المرحلة الثانية من تحرير الموصل

قوات تابعة للحكومة العراقية تتقدم في ضاحية سومر جنوب شرقي الموصل (أ.ف.ب)
قوات تابعة للحكومة العراقية تتقدم في ضاحية سومر جنوب شرقي الموصل (أ.ف.ب)

بدأت قوات الأمن العراقية، أمس، المرحلة الثانية من هجومها على مقاتلي تنظيم داعش في الموصل، متقدمة من ثلاث جهات، إلى الأحياء الشرقية التي استمر فيها القتال في حالة من الجمود منذ شهر تقريبا.
وكانت القوات العراقية، استعادت، قبل نحو عشرة أسابيع، ربع المدينة التي تعد آخر معقل كبير لـ«داعش»، لكن تقدمها كان بطيئا، ولم تحرز تقدما يذكر على جبهات أخرى، في ظل الهجمات المتفرقة التي شنها «داعش».
وحسب «رويترز»، فقد دخل، أمس، أكثر من خمسة آلاف من جنود الجيش وقوات الشرطة الاتحادية، الذين أعيد نشرهم من المشارف الجنوبية للموصل، ستة أحياء في جنوب شرقي المدينة، فيما تقدمت قوات مكافحة الإرهاب في حي القدس، وحي الكرامة، بعد تلقيها تعزيزات. وفي الوقت عينه، تقدمت قوات الجيش باتجاه الحدود الشمالية للمدينة، وسط مراقبة للعمليات من قبل مستشارين من الجيش الأميركي.
وقال الفريق الركن علي الفريجي، الذي يشرف على عمليات الجيش في الشمال، لـ«رويترز»، إن الجبهات الثلاث، بدأت في التقدم صوب وسط المدينة، في الساعة السابعة من صباح أمس، وأن العملية ستستمر اليوم وحتى يتم تحرير الجانب الشرقي من المدينة بالكامل.
ومن المرجح أن يضع سقوط الموصل، حدا لطموح «داعش» في بسط حكمه على ملايين العراقيين. غير أن هذا لن يحول دون شن مقاتلي التنظيم حرب عصابات تقليدية في العراق، والتخطيط لشن هجمات على الغرب أو الإيعاز بشنها.
وقال ضابط من قوة الرد السريع، وهي وحدة تابعة لوزارة الداخلية، أمس، إن قواته تتقدم إلى جانب قوات الشرطة الاتحادية في حي الانتصار بالموصل. وأضاف، إن تنظيم داعش قاوم بنيران القناصة والمدافع الرشاشة. فيما تصاعد عمود من الدخان الأبيض، الناتج، على ما يبدو، من ضربة جوية من حي في الجنوب الشرقي للمدينة، في حين سمع إطلاق نار كثيف على الجبهة الشمالية، وأعطب الجيش العراقي سيارة ملغمة، يقودها انتحاري قبل أن تصل إلى هدفها.
وقال التلفزيون الحكومي، إن دفاعات تنظيم داعش، تنهار في أحياء السلام، والانتصار، والوحدة، وفلسطين، والقدس، وأن جثث المقاتلين تملأ الشوارع هناك. غير أنه يصعب تأكيد هذه المعلومات في ظل فرض السلطات العراقية، قيودا بشكل متزايد، على وصول وسائل الإعلام الأجنبية إلى جبهات القتال، والمناطق التي تتم استعادتها من تنظيم داعش في الموصل والمناطق المجاورة، من دون إبداء أسباب ذلك. ولم يدخل الجيش الجانب الغربي من المدينة، حيث يرجح أن تعطل الأسواق القديمة والأزقة الضيقة، التي يرجع تاريخها إلى أكثر من ألفي عام، تقدم قواته.
يشار إلى أن 100 ألف من القوات العراقية وقوات الأمن الكردية وفصائل شيعية، يشاركون في معركة الموصل. وقال قادة عسكريون أميركيون في الأسابيع القليلة الماضية، إن المستشارين العسكريين الأميركيين سيندمجون بدرجة أكبر مع القوات العراقية. وقد شوهد بعضهم، أمس، على سطح مبنى خلف الخطوط الأمامية، بينما يراقبون سير العمليات العسكرية، وتوجيه النصح للقادة العراقيين.
وأكد ضابط من الجيش، أن القوات العراقية لم تتكبد خسائر تذكر في معارك أمس. وأضاف «أوامر القادة الكبار واضحة، لا توقف، لا تراجع، حتى نصل إلى الجسر الرابع وننضم إلى وحدات مكافحة الإرهاب».
وكان التحالف قد قصف الجسر الأخير الباقي، الذي يربط شرق الموصل بغربها، في وقت متأخر من مساء الاثنين الماضي، ليصعب على التنظيم إعادة نشر قواته، أو إمداد مقاتليه عبر نهر دجلة. وقال المتحدث العسكري، يحيى رسول، للتلفزيون الحكومي «العدو معزول حاليا في الساحل الأيسر. في الأيام المقبلة ستحرر القوات العراقية كل الساحل الأيسر لمدينة الموصل، وبعد ذلك سنحرر الأيمن».
وسبق أن أبدت الأمم المتحدة قلقها من أن يعرقل تدمير جسور الموصل عمليات إجلاء المدنيين. ويعتقد أن ما يصل إلى 1.5 مليون شخص لا يزالون داخل المدينة.
وكان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، الذي سبق أن تعهد باسترداد الموصل قبل نهاية العام، قد صرح بأن هزيمة «داعش» في العراق، تحتاج إلى ثلاثة أشهر أخرى. وتعطلت العملية بسبب السعي لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين، الذين بقي أغلبهم في المنازل ولم يفروا من المدينة، كما كان متوقعا في بادئ الأمر.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».