المعارضة السورية ترفض استثناء إدلب والغوطة من وقف إطلاق النار

استمرار المساعي لدمج الفصائل وفك ارتباط «فتح الشام» بـ«القاعدة»

سورية من تل عار بريف مدينة الباب شمال سوريا تتدفأ في الشمس داخل مدرسة دمرها القصف ولجأ إليها سكان المنطقة هربًا من «داعش» (رويترز)
سورية من تل عار بريف مدينة الباب شمال سوريا تتدفأ في الشمس داخل مدرسة دمرها القصف ولجأ إليها سكان المنطقة هربًا من «داعش» (رويترز)
TT

المعارضة السورية ترفض استثناء إدلب والغوطة من وقف إطلاق النار

سورية من تل عار بريف مدينة الباب شمال سوريا تتدفأ في الشمس داخل مدرسة دمرها القصف ولجأ إليها سكان المنطقة هربًا من «داعش» (رويترز)
سورية من تل عار بريف مدينة الباب شمال سوريا تتدفأ في الشمس داخل مدرسة دمرها القصف ولجأ إليها سكان المنطقة هربًا من «داعش» (رويترز)

قال مسؤول كبير في المعارضة السورية، أمس، إن جماعات المعارضة الرئيسية تجري محادثات مع تركيا بشأن اقتراح لوقف إطلاق النار يجري التفاوض عليه مع روسيا، وإنها ترفض طلب موسكو استثناء معقل رئيسي لهم قرب دمشق من وقف إطلاق النار.
وقال منير السيال، رئيس المكتب السياسي لـ«حركة أحرار الشام» المشاركة في المحادثات مع تركيا، إن من السابق لأوانه الحديث عن أي فرص لنجاح المحادثات حول الاتفاق المقترح.
وقال السيال لـ«رويترز» إن «المشاورات جارية برعاية تركية، والعدو الروسي يحاول استثناء الغوطة الشرقية لدمشق من أي محاولة لوقف إطلاق نار شامل بسوريا تتوافق عليه فصائل الثورة». وأضاف أن «تجزئة المناطق المحررة مرفوض مطلقا وجميع الفصائل مجمعة على أن استثناء أي منطقة خيانة للثورة».
وأكد أن روسيا التي تدعم الرئيس السوري بشار الأسد لم تقدم للمعارضة أي عروض حتى الآن، وأوضح أن تركيا التي وصفها بأنها تقف وراء مبادرة السلام لا تفرض أي مطالب على جماعات المعارضة.
وتقول مصادر في المعارضة العسكرية لـ«الشرق الأوسط»، إن الفصائل اليوم بأمس الحاجة إلى هذه الهدنة بعد الانتكاسات التي أصابتها مؤخرا، أهمها، خسارة حلب والانقسامات فيما بينها، معتبرة في الوقت عينه أن حظوظ نجاح الاتفاق قد تكون مرتفعة، نظرا إلى أن الفصائل التي تملك الكلمة على الأرض، كان لها الدور الأهم في هذا الاتفاق الذي غاب عنه هذه المرة الطرف السياسي من المعارضة.
وفي هذا الإطار، يرجّح المتحدث باسم الهيئة العليا التفاوضية، رياض نعسان آغا، قبول الفصائل التي كان ممثلوها طرفا في هذا الاتفاق مع تركيا وروسيا، شرط تطبيق بنوده، التي ترتكز بشكل أساسي على أن يكون شاملا لكل سوريا، وبالتالي عدم استغلال النظام الأمر لتوسيع سيطرته على مناطق إضافية. ويوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «أنقرة أكّدت لنا أن مطالبنا كانت ولا تزال محور بحث أساسي على طاولة المفاوضات، وتحديدا تلك المتعلقة بوقف شامل لإطلاق النار، بعدما كانت إيران والنظام السوري يحاولان استثناء إدلب ووادي بردى بريف دمشق منها، سعيا منهما لاستكمال توسعهما، وبالتالي فإن الإعلان عن هذا الاتفاق يعني تجاوز روسيا الشروط الإيرانية».
من جهته، قال مسؤول من المعارضة السورية إن الاجتماعات بين أنقرة وقوى المعارضة من المتوقع أن تستمر هذا الأسبوع، لكنه لم يؤكد ما إذا كان قد تم التوصل إلى اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار.
وبعد سريان وقف إطلاق النار، إذا تحقّق له النجاح، يرى آغا أن المرحلة الثانية تكون في «بناء الثقة» عبر تنفيذ القرار 2254، وأهم بنوده المتعلقة بإنهاء الحصار وإيصال المساعدات وإطلاق سراح المعتقلين، مضيفا: «وهي أمور قد تأتي في موازاة أو تسبق المفاوضات، لتبقى المرحلة الأخيرة، والإشكالية الكبرى، بحسب آغا، مسألة مصير رئيس النظام بشار الأسد الذي لا يزال الإيرانيون متمسكين به».
وأشار آغا إلى أن مباحثات وقف إطلاق النار، شملت أيضا «مصير الفصائل» في ضوء الحديث عن اندماجها من جهة وفك ارتباط «فتح الشام» بـ«القاعدة» من جهة أخرى، وهو الأمر الذي وصل إلى مراحل متقدمة، وقد ينعكس إيجابا على نجاح وقف إطلاق النار، بعد إسقاط حجة «التنظيمات الإرهابية» التي لا يشملها الاتفاق، لكنه في الوقت عينه، يصطدم بمشكلة أخرى، وهي تمسّك إيران بميليشياتها في سوريا، لافتا إلى أنه «لا يمكن أن يقولوا للفصائل ارموا سلاحكم وميليشيات إيران تمسك بسوريا».
وقالت الهيئة العليا للمفاوضات على لسان منسقها العام رياض حجاب، إنها تحث جماعات مقاتلي المعارضة السورية على التعاون مع «الجهود الإقليمية المخلصة» للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، لكنها لم تتلق دعوة لحضور أي مؤتمر، في إشارة إلى اجتماع في كازاخستان اقترحت روسيا عقده.
وقال حجاب إن هناك حاجة «لإجراءات بناء الثقة» لتوفير الأجواء المناسبة تمهيدا لمحادثات للانتقال السياسي يجب أن تجرى في جنيف برعاية الأمم المتحدة.
وأضاف في بيان له، مساء أول من أمس: «نرحب بالتحولات في مواقف بعض القوى الدولية وبالجهود الإيجابية المخلصة التي يمكن أن تمثل نقطة انطلاق لتحقيق تطلعات الشعب السوري في التوصل إلى اتفاق يجلب الأمن والاستقرار».
وذكرت الهيئة أنها ترغب في هدنة تشمل جميع الأراضي السورية وتحقق بنود قرارات سابقة للأمم المتحدة تنص على الامتناع عن استخدام الأسلحة المحظورة، مثل البراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية. وتدعو قرارات أخرى إلى فك الحصار عن المدن والمناطق المحاصرة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية ووقف الضربات الجوية وعمليات التهجير القسري.
وقال حجاب إن الهيئة العليا للمفاوضات لم تبلغ بأي ترتيبات رسمية، لكنه أضاف: «ولا شك في أن تحديد أجندة واضحة سيسهم في تحديد مواقف القوى الفاعلة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».