بعد إطلاقه قياديًا من السجن... المعارضة تتهم النظام باستثمار ورقة التشدد

الإفراج عن صوفان كان جزءًا من صفقة إخراج المدنيين والمقاتلين من شرق حلب

مدنيون توافدوا على منطقة في شرق حلب ضمن حملة الإجلاء التي تمت برعاية روسية تركية منتصف الشهر الماضي (إ.ب.أ)
مدنيون توافدوا على منطقة في شرق حلب ضمن حملة الإجلاء التي تمت برعاية روسية تركية منتصف الشهر الماضي (إ.ب.أ)
TT

بعد إطلاقه قياديًا من السجن... المعارضة تتهم النظام باستثمار ورقة التشدد

مدنيون توافدوا على منطقة في شرق حلب ضمن حملة الإجلاء التي تمت برعاية روسية تركية منتصف الشهر الماضي (إ.ب.أ)
مدنيون توافدوا على منطقة في شرق حلب ضمن حملة الإجلاء التي تمت برعاية روسية تركية منتصف الشهر الماضي (إ.ب.أ)

بعد إفراج النظام السوري عن السلفي الجهادي حسن صوفان أحد أبرز المعتقلين في سجونه، يرى معارضون سوريون أن هذا الأمر كرس قدرة هذا النظام على استثمار ورقة الجماعات المتشددة، في الحرب السورية، واستخدامها تحت شعار «محاربة الإرهاب»، الذي يواظب على رفعه.
وبثّت الكثير من وسائل التواصل الاجتماعي صورًا لصوفان يظهر فيها إلى جانب الفاروق أبو بكر، الذي كان يدير عملية التفاوض مع النظام لإخراج المدنيين من شرق حلب، ما طرح تساؤلات عن خلفيات الإفراج عن هذا الشخص المحكوم عليه بالسجن 12 عامًا بسبب دوره في عصيان سجن صيدنايا، داخل المجموعة المعروفة بقربها من تنظيم أبو مصعب الزرقاوي في العراق، والذي كان جزءًا من خلية أنشأها محمد أيمن موفق أبو التوت، الملقب بـ«أبو العباس الشامي».
الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، المعارض السوري عبد الجليل سعيد، أوضح أن «الإفراج عن صوفان كان جزءًا من الصفقة التي أبرمها النظام مع المعارضة المسلحة وأفضت إلى إخراج المدنيين والمقاتلين من شرق حلب»، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك بنودًا في الصفقة لم يتم الإعلان عنها، بينها إطلاق صوفان، وتسليم جثث قتلى الميليشيات العراقية واللبنانية، وعناصر النظام السوري»، مشيرًا إلى أن «معظم الشخصيات في الائتلاف السوري وفي المجلس العسكري للجيش الحرّ، يعرفون عن صوفان كأحد أهم الشخصيات الإسلامية المتشددة»، وكشف أن الفاروق أبو بكر الذي يظهر في الصورة مع صوفان «مقرّب جدًا من حركة أحرار الشام، وهو من أدار مفاوضات إخراج المدنيين من شرق حلب، مع ممثل النظام عمر رحمون المقرّب من أبو العلمين، أحد أبرز الشخصيات من جبهة فتح الشام، وتلميذ مفتي النظام السوري أحمد بدر الدين حسون».
ولم يجد خبير الحركات الإسلامية اللبناني أحمد الأيوبي في مسألة الإفراج عن صوفان، إلا «نموذجًا عن صفقة إطلاق سراح الأردني شاكر العبسي المحكوم عليه بالإعدام، وإرساله إلى لبنان في العام 2007». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «استراتيجية نظام الأسد لا تتغير، وهي تقوم على تفريخ الجماعات المتطرفة لتشويه خصومه، وهو لا يجد سوى تسعير التطرف، ليسوق فكرة أنه الضامن وحده للاستقرار والقادر على مواجهة العنف»، مذكرًا بـ«يوم الأربعاء الأسود، عندما خرج (رئيس وزراء العراق السابق) نوري المالكي، واتهم نظام الأسد بإحراق بغداد».
ويبدو أن الشواهد كثيرة على استثمار ورقة التطرف، إذ كشف أحمد الأيوبي أن نظام الأسد «سبق له أنه فتح داخل مقرات حزب البعث مكاتب التطوع للقتال في العراق، كما فتح المنابر أمام الخطباء المتطرفين، وكان كبار ضباط الجيش السوري، ينظمون دورات تدريب لإرسال المتطرفين إلى القتال في العراق وتفجير أنفسهم هناك»، مشيرًا إلى أن «هذه النماذج أكثر ما استخدمها الأسد في مرحلة دخول إيران إلى العراق، حيث تمكّن بمساعدة الحرس الثوري الإيراني من توظيف تنظيم القاعدة في الحرب العراقية».
وكان نظام الأسد أطلق سراح الأردني شاكر العبسي مطلع العام 2007، حيث دخل الأخير إلى مخيم «نهر البارد» للاجئين الفلسطينيين مع مئات العناصر المسلّحة، وتسلّم مكاتب ومقرات حركة «فتح الانتفاضة» المحسوبة على المخابرات السورية، وعمد إلى تشكيل تنظيم «فتح الإسلام» ثم أقدم على تصفية عدد من جنود الجيش اللبناني عند مدخل المخيم في مايو (أيار) 2007، لتندلع بعدها معركة نهر البارد التي استمرت أربعة أشهر، تمكن بعدها الجيش من القضاء على هذا التنظيم.
أما في الاستثمار السياسي والأمني لنشاط الجماعات المتشددة، فقد رأى عبد الجليل سعيد، أن نظام الأسد «لا يأبه لمسألة المتطرفين، لأنه ضرب كل عصافيره بحجر واحد، واستطاع أن يقنع إلى حد كبير المجتمع الدولي بأن كل الفصائل المسلحة متشددة، وهو بات يتعاطى مع المتشددين كـ(كبش فداء) قادر على استعمالهم في أي صفقة، ويقدم تنازلات عبرهم في مجال تبادل معتقلين قادرين على تأدية الأدوار المطلوبة منهم خارج سجونه»، مبديًا أسفه في الوقت نفسه لأن «بعض الفصائل الإسلامية المحسوبة على المعارضة، تقارب موضوع التبادل من زاوية العلاقات الشخصية وصلة القربى، حيث تقوم بمبادلة معتقلين مقربين منها، على حساب مصلحة الثورة السورية وآلاف النساء والأطفال الذين لا يزالون نزلاء في معتقلات أجهزة المخابرات».
وشدد سعيد على أن «نظام الأسد لديه قدرة كبيرة على السيطرة على المتطرفين، حيث أثبتت التجارب أنه قادر على ترويضهم في سجونه واستثمارهم في حربه، مستفيدًا من الخبرة الإيرانية في التعاطي مع الجماعات المتشددة، مثل تنظيم القاعدة»، لافتًا إلى أن «قاسم سليماني نقل هذه الخبرة إلى نظام الأسد»، مؤكدًا أن المخابرات السورية «استفادت من معظم المتشددين الموجودين في سجونها، وتمكنت من اختراقهم بدءًا بسجناء (القاعدة) ودفعت بهم إلى العراق كما حصل مع أبو مصعب الزرقاوي، وهذا ما تفعله في سوريا الآن».
ولعلّ الشواهد كثيرة على علاقات أجهزة المخابرات السورية بالتنظيمات المتطرفة، حيث لفت أحمد الأيوبي إلى أن هذا النظام «سبق له أن أسس كلية الشريعة في دمشق المخصصة لضباط الاستخبارات لاختراق الجماعات الإسلامية». وشدد على أن «الحالات الجهادية هي حالات سطحية»، مذكرًا بكتاب أبو مصعب السوري الذي كان قريبًا من أسامة بن لادن، وقال فيه «إن أخطر ما يعانيه تنظيم القاعدة أنه يفتقد إلى علماء ثقاة». وهذا يثبت أن هذا التنظيم كانت تديره أجهزة استخبارات، وليست أفكارا عقائدية. ولفت الأيوبي إلى أن «المخابرات السورية والإيرانية كانت أبرز من استثمر في تنظيم القاعدة وبتفجيراته التي نفّذها في العراق والأردن ولبنان وحتى في أوروبا».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.