زينة {الكريسماس} تبهر المتسوقين في «ريجينت ستريت» بلندن

زينة {الكريسماس} تبهر المتسوقين في «ريجينت ستريت» بلندن
TT

زينة {الكريسماس} تبهر المتسوقين في «ريجينت ستريت» بلندن

زينة {الكريسماس} تبهر المتسوقين في «ريجينت ستريت» بلندن

يختلف شهر ديسمبر (كانون الأول) عن غيره من شهور السنة في إنجلترا بظلام وقصر نهاره، مقارنة بباقي شهور العام وبسقوط الأمطار وبرودة الجو خلاله. ولحسن الحظ، فإن احتفالات الكريسماس والعام الجديد تجعل كل من يعيش في لندن يتطلع دومًا إلى شيء جديد.
يعتبر شارع «ريجينت ستريت» أحد أكبر شوارع لندن وتقع به كثير من المحال التجارية الكبيرة. وتدفع المحال التجارية بالشارع مساهمات مالية لتزيين الشارع بإضاءة مميزة خلال الشهر الذي يسبق احتفالات الكريسماس كي يضفي جاذبية خاصة ويشجع الناس على زيارة الشارع والتسوق فيه.
تتميز الإضاءة بهدوئها الذي شجع الناس على زيارة الشارع في المساء. ففي السنوات الأخيرة، كانت الإضاءة تصمم على شكل سجادة مضيئة معلقة أفقيًا في الهواء، فيما جاءت الأضواء العام الحالي معلقة كي تعطي انطباعًا بوجود مثلث ثلاثي الأبعاد، وتومض الأضواء بشكل متسارع كي تعطي الإحساس بأن أضلاع المثلث تتحرك. بدأ تقليد تزيين الشارع عن طريق لمبات الإضاءة عام 1954، وجاءت فكرة استخدام السجادة الضوئية هذا العام كي تحاكي أول يوم نفذت فيه فكرة الأضواء.
يعود بناء شارع «ريجينت ستريت» لعهد الملك جورج الثالث، ولسوء الحظ عانى الملك من نوبات مرض عقلي على فترات، وكان ابنه الأكبر (الذي أصبح الملك جورج الرابع بعد موت والده) يلقب بأمير ريجينت (وكانت له جميع صلاحيات الملك خلال فترات مرض والده)، ولذلك فقد سمي الشارع «ريجينت ستريت» تيمنًا بالأمير ريجينت. قام المعماري جون ناش بتصميم وتنفيذ المباني الأصلية خلال الفترة ما بين عامي 1809 – 1826، غير أن تلك المباني أزيلت وحلت مكانها مباني رائعة ذات واجهة من الحجر في بداية القرن العشرين، وبني رصيف جديد في التسعينات من القرن الماضي باستخدام قوالب من حجر «يورك» الذي أحضر من مدينة يوركشاير. تتميز الأحجار بألوانها المتعددة، ما بين الأبيض والرمادي والبني، مما أعطى رصيف الشارع مظهرًا جماليًا، نظرًا لتعدد الألوان بدلاً من اللون الرمادي التقليدي الكئيب المنتشر في باقي الأماكن.
يعد متجر «ليبرتي شوب» أحد أشهر المحال التجارية بشارع «ريجينت ستريت»، حيث تطل واجهة المحل على نهاية الشارع الرئيسي المؤدي إلى شارع «مارلبورو ستريت». يعود بناء محل «ليبرتي شوب» للعشرينات من القرن الماضي بواجهاته الخشبية التي تحاكي طراز المباني في زمن الملك هنري تيودور في القرن السادس عشر. أُحضرت الأخشاب المستخدمة في واجهة المحل وكذلك في بعض ديكوراته الداخلية من سفينة حربية قديمة تعود للقرن التاسع عشر بعد أن خرجت من الخدمة عام 1921. والمتجر مختص ببيع المنسوجات والملابس، وغيرها من السلع الراقية ويعتبر من أروع الأماكن التي يمكن زيارتها. وفي نهاية الشارع تجد متاجر هامليز، أكبر محال لندن المختصة ببيع لعب الأطفال. يعد «هامليز» أقدم وأكبر متجر لبيع لعب الأطفال في العالم، ولذلك فهو يجتذب العائلات، ويصل إجمالي عدد الزوار نحو خمسة ملايين زائر سنويًا. يشبه المكان كهف علاء الدين، ويتكون من سبعة طوابق ويحوي ألعابًا تقليدية وأخرى تعمل إلكترونيًا.
وخلف «ريجينت ستريت» من ناحية الجنوب تجد شارع «سافيل رو» المشهور بمحال حياكة الملابس حسب الطلب والمقاس، حيث يأتي الناس من مختلف أنحاء البلاد لحياكة ملابسهم هناك، نظرًا لسمعة المكان.
يذكر أن مجلس بلدية ويستمنستر وضع لافتة تشير إلى أن المكان محمي، وذلك لمنع أصحاب المحال التجارية من تغيير نشاطهم، وتحديدًا لمنع خروج الخياطين وحمايتهم من الطرد من المكان بزيادة القيمة الإيجارية.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».