> الروائي المصري ناصر عراق: الكبار الذين رحلوا
يتحدث الروائي المصري المقيم في دبي، بدولة الإمارات العربية المتحدة، ناصر عراق، والحائز أخيرًا على جائزة «كتارا» للرواية العربية عن أبرز الأحداث الثقافية لعام 2016، فيقول: «لأن إيقاع الحياة بات أسرع مما يتخيل أحد، فإن الأحداث الثقافية تتراكم بشكل مدهش من يوم إلى آخر، حيث من الصعب أن يلم المرء بأبرز هذه الأحداث في كلمة قصيرة، ولكن لا بأس من ذكر بعض اللحظات المهمة في ذلك العام. ولعل وفاة المبدعين والمفكرين والفنانين المتميزين تعد نقطة مهمة للتوقف عندها ورصد منجز صاحبها وتقييمه، لأنها تعبر عن اكتمال التجربة الإبداعية له. من هنا نذكر، على سبيل المثال، أن عام 2016 شهد رحيل المفكر السوري المتفرد صادق جلال العظم الذي أسهم بنصيب في إزالة غبار الخرافة عن العقل العربي، كما يجب أن نتوقف أيضًا عند رحيل الفنان المصري محمود عبد العزيز الذي شارك في تأجيج الشعور الوطني لدى ملايين العرب من خلال دوره المدهش في المسلسل موفور الصيت (رأفت الهجان). وبالنسبة لي سأضع عام 2016 في أكرم ركن في قلبي، لأنني حصلت في أكتوبر (تشرين الأول) من ذلك العام على جائزة (كتارا) الكبرى/ الدورة الثانية عن روايتي (الأزبكية)، وهي أكبر جائزة عربية مخصصة للرواية».
وعن أهم قراءاته، يقول عراق: «الكتب التي اطلعت عليها هذا العام كثيرة ومتنوعة في الأدب والتاريخ والفلسفة والسياسة، لكني سأتوقف قليلاً عند كتاب (تاريخ السينما المصرية... قراءة الوثائق النادرة)، الذي كتبه الناقد والمؤرخ السينمائي المرموق محمود قاسم، لأنني أعتقد أن السينما أحد أهم الاختراعات الكبرى في تاريخ البشرية، وأنها تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل وعي المشاهد وذائقته. ونشأة السينما المصرية تتسم بالغرابة والطرافة والالتباس، من هنا استطاع هذا الكتاب المهم أن يضع النقاط فوق الحروف عن طبيعة النشأة، ومن هم رواد السينما؟ وكيف تمكنت هذه الصناعة من فرض نفسها على النشاط الاقتصادي المصري، وكيف نجحت السينما المصرية في الامتداد إلى خارج الحدود المصرية، لتسهم بقدر كبير في بلورة ذائقة فنية عربية موحدة».
> الناقد البحريني فهد حسين:
من قال إن العرب شعب لا يقرأ؟
أما الناقد والكاتب البحريني الدكتور فهد حسين، فيقول: «تمر الأعوام والسنون، والحراك الثقافي عالميًا يعمل بوتيرة سريعة كوتيرة الحياة الاجتماعية، فالمطابع تطبع، ودور النشر تسوق منتجاتها الثقافية والفكرية والأدبية وغيرها، والمكتبات تستقبل هذا الكم الهائل كل يوم، والقراء يتلقفون ما ينتج. ولكن ليس الحراك الثقافي مقتصرًا على المنجز الكتابي، بل هو منجز إنساني متفرع ومتشعب ومتنوع، وكل عام تبرز لنا حالة أو ظاهرة تلامس الحياة الثقافية والفنية والأدبية، وإن وقفنا على منجزات العالم فلن نستطيع حصرها وعدها، لذلك نقف متأملين منطقتنا الخليجية وأهم ما أنجز على هذه الأرض في عام 2016، حيث كل عام ميلادي نجد البرامج والفعاليات الثقافية الرسمية والأهلية تزداد يومًا بعد يوم، وهو ما يفند الفكرة المأخوذة عن العرب بأنه شعب لا يقرأ، وإن قرأ لا يفهم، وإن فهم لا يعمل، كأننا نعيش في كوكب آخر ليست لنا علاقة بما حولنا وما ينجز من علوم وأفكار وتطلعات، ونحن لسنا معنيين بما يقال عنا بقدر ما ينبغي أن نكون نحن، سواء العرب جميعًا أم منطقة الخليج العربية».
يضيف: «لقد تعدى ما أنجز في منطقتنا توقعاتنا المجتمعية والثقافية، إذ في الوقت الذي تشكل فيه التجارب الثقافية المتنوعة محكًا مهمًا في مسيرة الثقافة العربية الحالية عبر اهتمام الحكومات الخليجية ومؤسسات المجتمع المدني الثقافية بما ينبغي إبرازه والعمل على جودته في مختلف الميادين ذات العلاقة بالثقافة والفن والأدب والعلوم البحثية والتكنولوجية، هناك برامج تصدرت المشهد الثقافي في المنطقة، مثل جائزة (البوكر) في نسختها العربية بأبوظبي، أو جائزة (كتارا) بالدوحة، أو المشهد السينمائي الذي راح يخط اسم المنطقة عالميًا، كما فعل بذلك الشباب الخليجي، وخير مثال ترشيح الفيلم السعودي (بركة يقابل بركة) الذي أخرجه محمود صباغ، لتمثيل المملكة العربية السعودية في مهرجان الأوسكار السينمائي في عام 2017».
ويتابع: «أما ما لفت انتباهي وأراه حدثًا ثقافيًا مهمًا فثلاثة أحداث ثقافية برزت في المنطقة، وتتمثل في افتتاح مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي بالكويت، وما يضمه من قاعات متنوعة العطاء وما توحي إليه من إلهام ثقافي، وتثقيف جمالي، وترفيه روحي، عبر مسرحه الوطني، وقاعات الحفلات الموسيقية، ومسرح الدراما، والقاعة المستديرة، حيث تشكل الأوبرا الحدث التاريخي والثقافي الثالث بعد الأوبرا السلطانية بمسقط، والأوبرا بدبي. كما برز حدث ثقافي ثانٍ، وهو جائزة القصة العربية القصيرة بالكويت، التي أكدت أهمية العودة بالقصة القصيرة إلى العهد الذي كانت عليه بعد ما تعددت الجوائز وتنوعت في مجال الرواية. والحدث الثقافي الثالث هو عقد مؤتمر مؤسسة الفكر العربي (فكر15) التي يرأسها الأمير خالد الفيصل، وإطلاق التقرير الثقافي بعنوان: الثقافة والتكامل الثقافي في دول مجلس التعاون من خلال السياسات والمؤسسات والتجليات، بالإضافة إلى تلك الإصدارات المترجمة المهمة في الثقافة العالمية لتكون زادًا للقارئ العربي».
(*) وعن الكتب التي قرأها حسين في عام 2016، يقول: «من الكتب التي قرأتها وأرى أهميتها التاريخية والحضارية والثقافية كتاب (لم نعد وحدنا في العالم) لبرتران بادي، الذي يطرح رؤية للنظام الدولي بطريقة مغايرة عن السائد. أما الكتاب الأدبي فهو (حليب أسود) لإليف شافاق، الذي تناولت فيه بأسلوب سردي وصفي حالة المرأة الكاتبة، ونظرة الذات والأخريات لها قبل الزواج، وتلك المفارقات والمعاناة النفسية والاجتماعية، وكذلك تقلبات الأمزجة بين الحين والآخر تجاه الواقع المعيش، والكتابة، والعلاقات الاجتماعية الثقافية الأخرى».
> القاص والروائي السعودي حسن البطران: حيدر العبد الله نجم العام
يقول القاص والروائي السعودي حسن البطران: «لا يخفى على كل مثقف أو قريب من الثقافة ما أثير حول قصيدة الشاعر الموهوب حيدر العبد الله التي تشرف بإلقائها في حضرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في المنطقة الشرقية، وما صاحبها من حراك جمعي اجتماعي وثقافي وأدبي على كل مستويات المجتمع، حتى أن مفردة (سكنانا) حققت رقمًا قياسيًا كبيرًا وأصبحت هي الكلمة الأولى انتشارًا وتداولاً خلال العام التي استغلها بذكاء الشاعر حيدر وسجلها كماركة تجارية رسميًا. ربما هذا الحدث هو أبرز الأحداث خلال العام، وحقًا يستحق أن يكون كذلك، لا سيما أن القصيدة في غاية الثراء الإبداعي والعمق الشعري والتعددية الثقافية التي يمتلكها الحيدر الشاعر، ويكفي ذلك تحقيقها رقمًا قياسيًا لم يسبق من قبل في تاريخ الإبداع السعودي والخليجي وربما العربي، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مكانة من قيلت في شخصه وقوتها وقدرة الشاعر في توظيف وغزارة مفرداتها بعمق شعري كبير».
وعن قراءاته يقول البطران: «تتعدد قراءات المبدع وتتنوع في مجالات كثيرة وقد تتقلص كألوان الطيف. نعم تعددت قراءاتي هذا العام وشملت عدة مجالات لا سيما الإبداعية منها، وخصوصًا الأعمال الروائية، سواء العربية منها أو المترجمة، ولعل آخر رواية انتهيت من قراءتها قبل كتابة هذه المشاركة هي رواية (حرمة) للكاتب اليمني علي المقري، وحقًا إنها رواية تستحق القراءة كونها إبداعًا يمنيًا متين التكنيك ويعالج قضايا جوهرية، وقد قرأت قبلها عشرات الكتب والروايات وقبلها مباشرة رواية (الغابة النرويجية) للياباني هاروكي موراكامي وهو روائي عالمي كبير».
كتّاب عرب يرصدون أبرز الأحداث الثقافية وأهم قراءاتهم
كتّاب عرب يرصدون أبرز الأحداث الثقافية وأهم قراءاتهم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة