نبدأ من العاصمة البريطانية لندن، فقد نشرت صحيفة «الغارديان» تقريرًا تحدثت فيه مع سوريين خرجوا نازحين من مدينة حلب، هروبًا من المعارك والغارات الجوية التي ألحقت دمارًا كبيرًا بالمدينة، التي كانت مركزًا ثقافيًا واقتصاديًا في سوريا.
وتحدثت إيما غراهام هاريسون مع ثائر الحلبي، الذي قال لها إن «حلب التي تركتها مدينة لم يعد فيها إلا الأشباح، وأنا حزين لأنني تركت مدينتي التي هي جزء مني وفي قلبي».
وتشير الكاتبة إلى أن الغارات الجوية على حلب أصبحت أكثر كثافة ودمارًا منذ أن انضمت روسيا إلى العمليات العسكرية في سوريا، مستعملة الصواريخ الخارقة للتحصينات والقنابل الفسفورية وذخائر، فضلاً عن البراميل المتفجرة، التي كانت تستعملها القوات السورية من قبل.
وتضيف أن سكان حلب الذين رفضوا من قبل الخروج من مدينتهم في أكثر من فرصة قرروا الهروب هذه المرة، مع تقدم القوات الحكومية، خوفًا من السجن والتعذيب أو القتل أو التجنيد القسري، إذا وقعوا تحت سيطرة النظام، فغادروا بأعداد كبيرة لا يحملون شيئًا معهم، إلا ملابسهم.
ونشرت صحيفة «تايمز» مقالاً يتحدث عن التحديات التي تواجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في السنوات المقبلة. وتقول الصحيفة إن بوتين حاول، في مؤتمر صحافي بعد سيطرة القوات الحكومية على حلب، أن يظهر بمظهر القائد الذي سيخرج بلاده من أزمتها، عندما قال إن «هدفي هو رفاهية روسيا»، ليطمئن أمة ليست مهووسة بالإنجازات العسكرية، ولكنها ستتأثر مستقبلاً بما يفعله في سوريا. وتضيف أن الواقع يثبت أن روسيا تتقهقر عن الدول الأخرى، بينما بوتين يجعل العالم أكثر خطورة بتدخله في الشرق الأوسط وأوكرانيا. وننتقل إلى العاصمة الفرنسية باريس وما زلنا في ملف حلب وقراءتنا سنبدأها من حلب التي عاد منها موفد «لوفيغارو» الخاص جورج مالبرونو بانطباعات مثيرة للاهتمام. مالبرونو وصف بدقة رحيل المقاتلين عن المدينة. ما لفت نظره هو الصمت الذي طبع عملية الإجلاء. «القوافل تخضع لتفتيش الجنود الروس»، و«المشهد يظهر من هم فعلاً أسياد الموقف»، يقول مالبرونو.
«المتمردون هزموا» تابع مراسل «لوفيغارو»، «لكنهم لم يخرجوا من حلب مطأطئي الرؤوس، بل أصروا على الاحتفاظ بالعتاد والسلاح». وقال مالبرونو الذي روى مرور «المتمردين بلحاهم وبنادقهم على مسافة 5 أمتار من العسكر السوريين والروس ومقاتلي حزب الله في مواجهة صامتة» وصفها مراسل «لوفيغارو» بالـ«سوريالية» فيما «ظهر الحقد والغيظ وإدمان العنف على أوجه جميع أولئك المشاركين بحرب نهايتها ما زالت بعيدة» كما قال.
مشاهدات أخرى، من الموصل هذه المرة، نقرأها في «لوموند». في مقال حمل عنوان «دقت ساعة الثأر في محيط الموصل»، نقل لوي امبير موفد «لوموند» الخاص مشاهداته من قرية الجرف جنوب موقع مدينة النمرود الأثرية، التي ما زالت تنتظر كما القرى المحيطة عودة مؤسسات الدولة إليها بعد مضي أكثر من شهرين على طرد تنظيم داعش منها.
ويتناول المقال معضلة المتعاملين من قريب أو بعيد مع التنظيم الإرهابي. الملف وضع بتصرف رؤساء العشائر، وقد نقلت «لوموند» عن أحدهم أن «مصير مخبري (داعش) يجب أن يكون الموت فيما لو تمت إدانتهم من قبل شاهدين أو 3». الصحيفة روت الأحاديث التي تدور بين عقلاء الجرف. ومسألة الأمن والتسلح في أوروبا والعالم فرضت نفسها على الصحف الفرنسية، بدءًا من «لوموند» التي خصصت المانشيت لتردي حالة الجيش الفرنسي، وقد عنونت بـ«رجال منهكون ومعدات رثة. يخشى الجيش انهيارًا مفاجئًا عام 2020»، وذلك على خلفية مطالبة رئيس الأركان بيار دو فيلييه بزيادة المجهود الحربي وميزانية الدفاع بنسبة 2 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي بدل 1.77 حاليًا.
إلى ذلك، ما زال اعتداء برلين يتصدر العناوين. وبعد أن نشرت بعض الصحف نبأ مقتل المشتبه به الرئيسي في الحادث وهو تونسي قتلته الشرطة الإيطالية في ميلانو عقب تبادل لإطلاق النار، تساءلت بعض الصحف: «هل كان بالإمكان تفادي الاعتداء؟»، تساءلت «ليبراسيون».
أما «لوموند» فعنونت بـ«هفوات السلطات الألمانية المتعددة»، و«لوفيغارو»: «أنجيلا ميركل تواجه الانتقادات من كل حدب وصوب»، مما جعل الصحيفة تتساءل عما «إذا كان الأمر يؤشر لنهاية القوة الناعمة التي كانت معتمدة حتى الآن أم لا؟».
خلال الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى أخبار الرئيس المنتخب دونالد ترامب، والحرب في سوريا، ركز الإعلام الأميركي على احتفالات أعياد الميلاد وبداية العام الجديد. وانعكس هذا في التقارير، وفي افتتاحيات الصحف. خاصة يوم أعياد الميلاد نفسه، كجزء من تقليد صحافي أميركي بكتابة افتتاحية الصحيفة يوم أعياد الميلاد عن أعياد الميلاد.
لكن، لم تهمل الافتتاحيات المشكلات الداخلية والخارجية.
تحدثت افتتاحية صحيفة «واشنطن تايمز» عن المواجهة مع الصين، بمناسبة مصادرة الأسطول الصيني في جنوب البحر الهادي لدرون بحري أميركي (أعادته الصين في وقت لاحق). واتفقت الصحيفة مع قول ترامب بأن الصين لم تصادر، ولم تستولِ على، بل «سرقت» الدرون البحري. لكن، بمناسبة أعياد الميلاد، تحدثت افتتاحيات كثيرة عن قضايا إنسانية محلية: تحدثت افتتاحية «تامبا نيوز»، في تامبا (ولاية فلوريدا) عن أزمة السكن في الولاية. وانتقدت المسؤولين عن الإسكان، وقالت: «لنكن صادقين مع أنفسنا في هذه الأيام الاحتفالية: قالت إدارة الإسكان في الولاية إنها لا تملك مالاً لتحسين أوضاع المستأجرين الفقراء. لكن، وجدت الإدارة مالاً لصرف مكافآت (نهاية العام) على الموظفين فيها».
وتحدثت افتتاحية صحيفة «سياتل تايمز»، في سياتل (ولاية واشنطن) عن التعدي على مناطق في الولاية حجزت لوقاية البيئة، ورعاية الحيوانات البرية. وقالت: «في هذه الأيام التي تزيد فيها الابتهالات، لا نرى كثيرًا منها وسط السياسيين. ها هم يرضخون لإغراء المال، ولشركات النفط والمعادن، ويعتدون على البيئة والحيوانات البرية».
وانتقدت افتتاحية صحيفة «سان هوزي ميركاري»، في سان هوزي (ولاية كاليفورنيا) البلدية لأنها صرفت «أموالاً كانت تقدر على صرفها على المحتاجين في هذه الأيام الاحتفالية والعاطفية». وأشارت إلى اعتمادات مالية حولتها البلدية من قسم الرعاية الاجتماعية لتبني بها أحد الكباري للربط بين عمارتين تجاريتين.
وجمعت افتتاحية صحيفة «فلادلفيا إنكوايارار» بين الاثنين: الاحتفالات والابتهالات في جانب، والحروب وأعمال العنف والمشكلات في الجانب الآخر. وكتبت تحت عنوان: «تحقيق السلام أصعب من إعلان الحرب»: «حسب تقرير دولي، توجد في العالم اليوم فقط 10 دول دون أي حرب أو صراع دموي. هنا في الولايات المتحدة، نعم، لا توجد حرب، أو صراع دموي. ونعم، قلت أعمال العنف عما كانت عليه في تسعينات القرن الماضي. لكن، هنا في فلادليفيا، زادت أعمال العنف. نحتاج كلنا، في هذه الأيام الاحتفالية والابتهالية، إلى: «على الأرض السلام، وبالناس المسرة».
الصحف الأوروبية: مشاهدات حية من حلب... ومعضلة الأمن في العالم
أميركا: افتتاحيات أعياد الميلاد لا تهمل المشكلات
الصحف الأوروبية: مشاهدات حية من حلب... ومعضلة الأمن في العالم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة