مستقبل قاتم يواجه أوروبا بسبب الإرهاب

مطالب بتعزيز الرقابة عبر الحدود في أعقاب عام من الهجمات

مستقبل قاتم يواجه أوروبا بسبب الإرهاب
TT

مستقبل قاتم يواجه أوروبا بسبب الإرهاب

مستقبل قاتم يواجه أوروبا بسبب الإرهاب

جهود تنظيم داعش في غرس بذور الإرهاب في أوروبا أصبحت تتحدى قدرات سلطات مكافحة الإرهاب الأوروبية، وتدفع المواطنين وقادتهم إلى الإذعان إلى عهد جديد من الهجمات الإرهابية التي قد تتحول إلى حقيقة راسخة من حقائق الحياة اليومية، وليست مجرد استثناء عابر.
وقال زعماء الاتحاد الأوروبي، إنهم قد أزاحوا الحواجز ما بين الأجهزة الأمنية، وعززوا الرقابة عبر الحدود، في أعقاب عام من الهجمات الإرهابية التي كان على رأسها الاعتداء الأخير على أحد أسواق أعياد الميلاد في برلين، وسط مطالب بتعزيز الرقابة على الحدود.
ولكن الإشارات المتجاهلة فيما قبل، وبعد حادثة الاثنين الماضي، تثير مزيدًا من التساؤلات حول ما إذا كانت التغيرات – أو أي تغيرات في الواقع – هي كافية بدرجة تحول دون تكرار ما حدث في العام الذي شهد هجومين إرهابيين في بروكسل البلجيكية، ومذبحة باستخدام شاحنة في نيس الفرنسية، وحادثة إطلاق النار المروعة في مركز تجاري في ميونيخ الألمانية، قبل حادثة العنف في برلين التي أودت بحياة 12 مواطنا وأصابت عشرات آخرين.
ودعوة قادة التنظيم الإرهابي أتباعهم وأنصارهم للتخطيط وتنفيذ هجماتهم الإرهابية الخاصة ضد الأهداف الأوروبية، يعد من قبيل نذر السوء للجهود الرامية لوقف أعمال العنف، كما يقول المسؤولون والمحللون، بالنظر إلى العوائق العملية الواقعية المتعلقة باستمرار رصد ومراقبة مجموعة كبيرة للغاية من المهاجمين المحتملين.
ويشير تغيير التكتيكات والأساليب الإرهابية إلى احتمالات النجاح التي أحرزتها سلطات مكافحة الإرهاب في منع وقوع الهجمات الكبيرة، كما يقول المحللون، مما يقدم صورة إيجابية في الواقع المرير الذي يقضي بأن الهجمات محدودة النطاق قد صارت شرًا لا مفر منه.
يقول محمد محمود ولد محمدو، نائب مدير مركز جنيف للسياسات الأمنية: «نحن نرى كيف أن شبكات الإرهاب تجد صعوبة بالغة للغاية في التخطيط لتنفيذ العمليات واسعة النطاق. وحادثة برلين لا يمكن اعتبارها فشلا لأجهزة الاستخبارات بالضرورة، لأنه ما لم تبدأ فعليا بمراقبة الجميع، فلا تزال هناك إمكانية وقوع مثل هذه الحوادث الفردية في كل مكان».
الهجمات، مثل التي وقعت في برلين، تتطلب القدر القليل من التخطيط المسبق أو الدعم اللوجستي، وتشير إلى نهم السلطات المحلية لانتهاز الفرص للتقدم بخطوة أمام مرتكبي تلك الحوادث، حتى وإن تم الإبلاغ عنهم للاشتباه في التورط في الأنشطة الإرهابية. كان مهاجم برلين المشتبه فيه على رادار أجهزة الأمن الألمانية، وهو المواطن التونسي أنيس العامري البالغ من العمر 24 عاما، قبل وقوع الحادثة، ولكنها توقفت عن الملاحقة بعدما خلصوا إلى عدم وجود أدلة كافية لتوجيه الاتهامات التي تتعلق بالإرهاب. لا تزال صلات العامري بتنظيم داعش غير واضحة، على الرغم من وجود شريط فيديو يعلن فيه الولاء والبيعة للتنظيم الإرهابي صدر يوم الجمعة، ويشير إلى درجة من درجات الاتصال قبل استيلائه على الشاحنة والاندفاع بها نحو متاجر السوق.
حدود أوروبا المفتوحة – الميزة التي يعتز بها كثيرا الاتحاد الأوروبي – سهلت كثيرا من حركة المهاجمين المحتملين وبدرجة أكبر من السلطات الأمنية، وهي الحقيقة التي أكدها فرار أنيس العامري بالقطار من ألمانيا بعد الهجوم، قاطعا مسافة لا تقل عن 500 ميل في قلب أوروبا، على الرغم من كونه أكثر الرجال المطلوبين في أوروبا، قبل مقتله في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة الإيطالية في ميلانو يوم الجمعة الماضي. ولقد أغلقت بعض الدول الأوروبية حدودها بصورة مؤقتة خلال هذا العام بسبب الهجرات والإرهاب، ثم سرعان ما عادت وفتحت الحدود بسبب المطالب الاقتصادية واللوجستية الملحة.
ولقد نزعت السلطات الأمنية العليا في أوروبا إلى تحذير المواطنين، وعلى نحو متزايد، من أن أوروبا لن تخلو تماما بعد الآن من خطر الحوادث الإرهابية.
يقول جوليان كينغ، كبير المسؤولين الأوروبيين المكلفين الشؤون الأمنية، للصحافيين خلال الأسبوع الحالي، عندما أماط اللثام عن مجموعة من التدابير الأمنية الرامية إلى إحباط تمويل الإرهاب: «لا يمكننا تجاهل المخاطر الماثلة. ولن نصل مرة أخرى إلى الحد الصفري من المخاطر بعد الآن. ولكننا نستطيع ويتحتم علينا مواصلة الحد من مخاطر وقوع الهجمات بكل ما في وسعنا».
ولقد عزز الانتظام الموجع للهجمات الإرهابية من موقف السياسيين اليمينيين المتطرفين في أوروبا، الذين يريدون إعادة إغلاق الحدود الوطنية، وتقييد تدفقات الهجرات الخارجية إلى أوروبا، الخطوات التي من شأنها فرض مزيد من التحديات على المستقبل الأساسي للاتحاد الأوروبي. ويقول النقاد إن تلك الإجراءات المتطرفة من شأنها تأجيج حدة التوترات وتحفيز مزيد من موجات التطرف والإرهاب.
وفي الأثناء ذاتها، يشير المحللون إلى قائمة من الاتصالات المتجاهلة، والتي قد تكون ساعدت العامري على تفادي رصد ومراقبة أجهزة الأمن. حيث إن المعلومات الأوروبية حيال التهديدات الأمنية موزعة ومشتتة بين كثير من قواعد البيانات، مما يجعل من الصعب تجميع صورة واحد كاملة حول المشتبه فيهم. ولقد طردت إيطاليا العامري من أراضيها خلال العام الماضي مع اعتبار قليل للعواقب. وأجهزة إنفاذ القانون الألمانية متفرقة في مختلف المناطق في طول البلاد وعرضها، في محاولة من بعد الحرب العالمية الثانية، للحيلولة دون بسط الحاكم المستبد سيطرته المطلقة على السلطة في العاصمة.
وقد تزداد الأخطار مع تغيير الأساليب التي يعتمدها قادة التنظيم الإرهابي، والذين يدعون أنصارهم لشن الهجمات داخل أوروبا، حتى من دون الاتصال المباشر مع عناصر التنظيم الإرهابي.
والانتكاسات الشديدة التي تعرض لها «داعش» على الأرض في سوريا والعراق قد تتسبب، على نحو نسبي، في وقف تدفقات المقاتلين الأوروبيين إلى ميادين الصراع في الشرق الأوسط، مما يخفف من مصادر التطرف، ولكن يزيد من فرص بقاء المهاجمين المحتملين في الداخل الأوروبي لشن مزيد من أعمال العنف الدامية.
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ { الشرق الأوسط}



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.