عندما مدد توني بوليس عقدا لعام واحد وست بروميتش ألبيون في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تحدث عن تطلعه لأن يدفع النادي للأمام، لكنه حذر من أكثر ما يكرهه خلال مسيرته الكروية، وحاول دائما أن يجعل لاعبيه يتخلصون منه هو التعلق بالأمنيات البعيدة.
يقول المدرب «قد يكون هناك نجم بعيد في السماء والجميع يشيرون إليه، لكنهم لا يرون شيئا غيره على يساره أو في منتصف السماء».
فبوليس ليس من تلك النوعية من المدربين الذين يقضون وقتا يبحلقون للسماء، لكن هذا لا يعني أنه ليس للمدرب المخضرم أهداف كبيرة. لننظر إلى ما حققه وست بروميتش بعد أن قفز فجأة للمركز السابع في الدوري الإنجليزي الممتاز بعد أن كان لا يفصله سوى فريق واحد عن منطقة الهبوط الشهر الماضي. وعليه؛ فإن بوليس في طريقه لتحقيق هدفه باحتلال مكان في نصف الجدول العلوي، وهو الإنجاز الذي سيعتبر الأول له خلال مسيرته التدريبية التي استمرت قرابة ثلاثة عقود حتى الآن. لقد صرح جناح وست بروميتش جيمس ماكلين بأنه مع قليل من الحظ قد يكون التأهل لبطولات أوروبا قريب المنال.
وجاءت أهدأ ردود الأفعال التي صدرت عن البعض إثر النتائج المبشرة مثلا لتقول: «واه ما هذا؟»، حيث جاء الصعود لنصف الجدول العلوي بعد عدد من الانتصارات على حساب فرق ليستر، وبيرنلي، وواتفورد، وتعادل أمام هال سيتي. فالنتائج جيدة، لكنها ليست بالمثيرة، فقبل ذلك كان وست بروميتش قد فاز بمباراة واحدة فقط من إجمالي تسع مباريات بالدوري الممتاز، وأطيح به من كأس الاتحاد الإنجليزي أمام نورثهامبتون تاون. لكن حتى في ضوء تلك المحاذير، كانت هناك دلائل مشجعة في المباريات الأربع الأخيرة، وجميعها دلت على أن تغييرا جوهريا قد حدث، وأن الفريق بمقدوره أن يستمر في النصف العلوي من الجدول، وأنه يستطيع أن يسكب ماء باردا على منافسيه في الجولات المقبلة.
أكثر ما يلفت النظر روعة وحماس هجوم بروميتش، فقد سجل الفريق الكثير من الأهداف في مبارياته الأخيرة قبل السقوط أمام يونايتد، كما كان الحال في المباريات العشر التي سبقتها. فقبل أن يصل الفريق لمرحلة الزهو التي يعيشها، كان لا يختلف كثيرا عن حاله الموسم الماضي عندما كان معدله التهديفي أقل من هدف واحد في المباراة، ولم يسجل من تصويبات بعيدة على مدار ربع عدد مبارياته.
والموسم الماضي سار وست بروميتش بعيدا عن منطقة الهبوط، لكن أداءه كان خاليا من المتعة. وجاءت أفضل دعاية لأسلوب إدارة بوليس عندما أطاح بجيرانه مثل أستون فيلا وولفرهامبتون؛ ولذلك كان هناك ما يشبه الانشقاق في الصفوف بملعب هاوثورنس عندما وقع بوليس عقده الجديد، وكان الانشقاق بين الجماهير البرغماتية الذين كانوا واثقين تمام الثقة في أنه سيبعد الفريق عن منطقة الهبوط، والجماهير الباحثة عن المتعة والتي ملت رتابة الأداء وشعرت بأنها تدفع ثمنا غاليا للبقاء بالمسابقة.
لكن لا ينكر أحد أن الجماهير جميعها قد استمتعت بالأداء في المباريات الأربع الأخيرة، حيث لم يكن أداء الفريق كما كان في الموسم الماضي. كان الأداء أقرب إلى أسلوب بوليس المفاجئ والمغامر الذي ظهر به كريستال بالاس قبل موسمين. لعبت الكثير من العوامل دورا في ذلك، أولا جاء مردود اللياقة البدنية لجيمس موريسون وكريس برنت إضافة جيدة للفريق. فلم يشارك موريسون في النصف الثاني من الموسم الماضي بسبب الإصابة، لكنه استعاد حيويته وخطورته؛ مما ساهم في تحسين هجوم وحيوية خط الهجوم انطلاقا من وسط الملعب كما شاهدنا في الأسابيع الأخيرة. وكان زميله برنت غائبا لفترات أطول، لكن من الصعب ملاحظة ذلك في أدائه في الفترة الأخيرة، حيث ساهم في تحسين حيوية خط الهجوم، وبخاصة اللعب المفتوح بفضل خلو تمريراته من الأخطاء، وهي ميزات قيمة لفريق يتميز بوجود لاعبين يجيدون ألعاب الرأس مثل جوني إيفانس وغاريث ماكلاي.
يتمتع إندوود بقدم يسرى بمقدورها تصريف الأفعال اللاتينية، وهو ما شاهدناه في الجبهة اليمنى في الأسابيع الأخيرة؛ لذلك تراه يقطع مسافة من منتصف الملعب قبل أن يصوب، في حين يفسح المجال لزميله مات فيليبس كي يصول ويجول في اليسار. كذلك ظهر فيليبس، الذي انضم من نادي كوينز بارك رينجرز الصيف الماضي مقابل 5.5 مليون جنيه إسترليني، بشكل رائع، حيث سجل ثلاثة أهداف في مبارياته الأربع الأخيرة، ويستطيع المراوغة وتمرير العرضيات بصورة توحي بأن بوليس قد ساعده على التغلب على مشكلة الثقة التي عانى منها.
المسألة ليست مقتصرة على المشاركات الفردية للاعبين فحسب؛ إذ إن ما طرأ على الفريق كان تغييرا كليا في الشكل العام؛ وهو ما ظهر بوضوح في مباراة ليستر عندما تفوق بروميتش على الفريق البطل من البداية ليصبح أول زائر للدوري الممتاز ينتصر على الفريق حامل اللقب. كان الأداء لافتا بالنسبة لفريق لطالما كانت نتائجه خارج ملعبه لا تشمل سوى التعادلات السلبية.
وبحسب قائد الفريق دارين فليتشر عقب الفوز على واتفورد: «بتنا نضع الكرة في الصندوق، ونستطيع حشد عدد أكبر من اللاعبين داخل الصندوق، وبتنا نهاجم أكثر وأفضل»، وهي المباراة التي شهدت جهدا أفضل من مباراة ليستر.
لم يتحول بروميتش إلى فريق من القراصنة الحقيقيين، لكن على الأقل فإن هجومهم المتزايد يعني أن سالومون روندون لم يعد معزولا كما كان في السابق، فقد بات قلب الهجوم المرعب الذي يستطيع أن يترك انطباعا لا يقل عما يفعله مهاجم تشيلسي ديغو كوستا عندما يتألق. فالفريق يملك الكثير من الخيارات الهجومية المفيدة على مقعد البدلاء على الرغم من الغياب المتواصل للاعب سايدو برهانيو. فلماكلين وزميله الذي تعاقد النادي معه الصيف الماضي ناصر الشاذلي تأثير كبير، حيث يأمل بوليس تقوية جيشه في يناير (كانون الثاني) المقبل أيضا.
ولا يزال الفريق يمتلك حارسا ودفاعا موثوقين، وبخاصة بعد انضمام الآن نيوم الصيف الماضي. غير أن الفريق لم يضغط كثيرا على خط دفاعه الرباعي في الأسابيع الأخيرة؛ نظرا لتركيزه على الجانب الهجومي. وسيكون من الممتع رؤية ما إذا كان وست بروميتش قادرا على مواصلة ذلك أمام آرسنال في المرحلة المقبلة.
بوليس في محاولة استكشاف {قراصنة} جدد لوست بروميتش
المدرب المخضرم نجح في إبعاد الفريق عن مناطق الخطر بتعزيز الهجوم
بوليس في محاولة استكشاف {قراصنة} جدد لوست بروميتش
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة