إيران تحد من نسبة قبول الفتيات في كافة فروع الطب

نائب وزير الصحة: زيادة عدد المتخرجات يؤدي إلى «مشكلات»

إيران تحد من نسبة قبول الفتيات في كافة فروع الطب
TT

إيران تحد من نسبة قبول الفتيات في كافة فروع الطب

إيران تحد من نسبة قبول الفتيات في كافة فروع الطب

في خطوة قد تعد من قبيل تعرض النساء إلى المزيد من التضييق، حتى في مجال التعليم، أعلن نائب وزير الصحة للشؤون التعليمية في إيران، أمير محسن ضيائي الأسبوع الماضي، عن فرض قيود على قبول الطالبات في كافة فروع الطب، مسببا ذلك بأن «زيادة عدد المتخرجات من الجامعات في فروع العلوم الطبية يؤدي إلى إثارة مشكلات».
وجاءت تصريحات ضيائي المقيدة لفرص دخول المرأة إلى عدد من المجالات الطبية، رغم اعترافه في التصريحات ذاتها أن إيران «تعاني من نقص في عدد الأطباء العموميين، والمتخصصين، والممرضين»، إلا أنه قال إن المبرر هو «إننا نواجه مشكلات في إيفاد هيئات طبية إلى المناطق النائية، بسبب نقص في عدد الطلبة من الشبان الذين تخرجوا من الجامعات في فروع العلوم الطبية».
وتفيد الإحصائيات الرسمية الإيرانية أن نسبة قبول الفتيات في الفروع الطبية من الجامعات الإيرانية شهدت ارتفاعا ملحوظا خلال العقدين الماضيين، مقارنة مع نظرائهن من الشبان. وكانت نسبة قبول الإناث في فروع العلوم الطبية تبلغ 42 في المائة، في حين بلغت نسبة دخول الذكور إلى نفس الفروع الجامعية 58 في المائة، في عام 1991.
أما في العام الحالي، فشهدت الجامعات الإيرانية ارتفاعا ملحوظا في نسبة الإناث اللواتي جرى قبولهن في فروع الطب، وبلغت تلك النسبة 68 في المائة، مقارنة بنسبة الذكور التي انخفضت إلى 32 في المائة فقط.
وأشار ضيائي إلى ضرورة خلق «التوازن» في نسبة الشباب والبنات من طلبة العلوم الطبية من خلال «فرض» الحد من نسبة قبول البنات في هذه الفروع، وزيادة نسبة قبول الشباب في نفس الفروع. كما أن المسؤول الإيراني أكد على ضرورة تقديم «تسهيلات لتحسين الظروف التي تمهد لإيفاد المتخرجات إلى المناطق النائية».
وكانت نائبة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة والأسرة شهيندخت مولاوردي أعلنت أن «إلغاء فرض القيود على معايير تحد من نسبة قبول البنات في الجامعات»، هو أحد السياسات التي ستأخذها الحكومة الإيرانية بعين الاعتبار. وجرى تطبيق العمل بإجراءات التضييق على تعليم الفتيات في الجامعات الإيرانية منذ عام 1989، وواصل الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد هذه السياسة.
وأعرب كبير مستشاري وزير العلوم الإيراني جعفر توفيقي في حوار مع وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إيرنا) في ديسمبر (كانون الأول) عام 2013، عن معارضته لسياسة التضييق على تعليم الفتيات في الجامعات، وعد هذا الإجراء ليس حلا ملائما لتشجيع الشباب على الدخول إلى الجامعات. وأضاف توفيقي، الذي تولى قيادة وزارة العلوم في فترة رئاسة الرئيس الأسبق محمد خاتمي التي امتدت ما بين عامي 1997 وعام 2005، أن «وزارة العلوم لم تكن من أنصار سياسة الحد من نسبة قبول البنات في الجامعات، كما أنها لا تعد هذا الإجراء مدروسا.. وبالتالي فإنه لا يشكل حلا مناسبا للمشكلات التي نواجهها».
وقال الدكتور حميد رضا جلايي بور، الأستاذ الجامعي في فرع علم الاجتماع بجامعة طهران، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، حول التضييق على تعليم الفتيات بالجامعات: «لقد أثار هذا الإجراء جدلا واحتجاجا من النشطاء المدنيين، وحتى بعض أساتذة الجامعات في فترة رئاسة السيد خاتمي، ولكننا نشهد إعادة تسليط الضوء على هذه السياسة في الوقت الحاضر. لهذا يبدو أننا لم ننته من هذا الإجراء الذي يتبنى نظرة ذكورية أكثر مما يكون سياسة مدروسة مزودة بآراء الخبراء».
وأضاف جلايي بور: «سيقضي تطبيق مثل هذه السياسات على أجواء المنافسة لدى الأوساط العلمية، ويخلق حالة من عدم التوازن في مشاركة الفتيات والشباب في الفروع الأخرى من خلال تكثيف مشاركة البنات في فروع التعليم الأخرى، مما سيكون جائرا للطلبة الشبان الذين يعتزمون الانخراط فيها. لذا يبدو بأن الحل يكمن في وضع سياسات تتمتع بآراء المجموعات المتخصصة المعنية؛ وحتى النشطاء المدنيين».
*خدمة شرق بارسي



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.