نافذة على جامعة : جامعة كوبنهاغن.. ثاني أقدم المعاهد العليا في شمال أوروبا

مبنى «الآولا» في جامعة كوبنهاغن
مبنى «الآولا» في جامعة كوبنهاغن
TT

نافذة على جامعة : جامعة كوبنهاغن.. ثاني أقدم المعاهد العليا في شمال أوروبا

مبنى «الآولا» في جامعة كوبنهاغن
مبنى «الآولا» في جامعة كوبنهاغن

جامعة كوبنهاغن، أقدم جامعات الدنمارك، تعد أيضا إحدى الجامعات الرائدة على المستويين الأوروبي والعالمي.
يعود تأسيس هذا المعهد التعليمي العريق إلى عام 1479، وهي اليوم ثانية كبرى جامعات الدنمارك من حيث عدد الطلبة (بعد جامعة آرهوس)، وثانية أقدم جامعات الدول الإسكندينافية (بعد جامعة أوبسالا في السويد المؤسسة عام 1477). ولقد خرّجت هذه الجامعة التي تتوزّع مبانيها على أربعة مواقع من العاصمة الدنماركية كوبنهاغن، عبر القرون، عددا من كبار العلماء والساسة والشخصيات الفكرية.
بعد التأسيس غدت الجامعة من مراكز تعليم اللاهوت الكاثوليكي، جنبا إلى جنب مع تدريسها الطب والحقوق والفلسفة - على غرار معظم جامعات جيلها - وفي ما بعد أغلقتها الكنيسة عام 1531 لوقف امتداد الحركة البروتستانتية، بيد أنها فتحت من جديد عام 1537 بقرار الملك كريستيان الثالث في أعقاب نجاح الإصلاح البروتستانتي، وغدت معهدا عاليا بروتستانتيا لوثريا (أي على مذهب مارتن لوثر). وبعد سلسلة إصلاحات تعليمية اشترطت كل كلياتها الامتحانات قبل منح الدرجات الجامعية عام 1788. وفي عام 1877 قبلت أول فتاة في الجامعة.
اليوم تضم الجامعة، وهي حكومية، نحو 39 ألف طالب وطالبة - قرابة 47 في المائة في مرحلتي الماجستير والدكتوراه - بضعة آلاف منهم من غير الدنماركيين. أما مقرها الرئيس ففي حرمها الواقع في وسط كوبنهاغن. وفي ما يخص لغة التدريس فهي في معظم المواد اللغة الدنماركية، إلا أن هناك العديد من المواد تدرّس باللغة الإنجليزية، وبعضها باللغة الألمانية.
وعلى صعيد الأبحاث تشتهر جامعة كوبنهاغن، البالغة ميزانيتها نحو مليار يورو، بأنها أحد أهم المعاهد البحثية العليا في العالم. وهي عضو في «التحالف الدولي للجامعات البحثية» الذي يضمها مع نخبة من جامعات العالم بينها أكسفورد وكمبردج وييل وكاليفورنيا - بيركلي. كذلك فهي تتبوأ مراكز متقدمة في قوائم التقييم العالمية المرموقة لأفضل جامعات العالم، إذ وضعها «التقييم الأكاديمي لجامعات العالم» الذي تعده جامعة شنغهاي جياوتونغ الصينية عام 2010 في المرتبة الـ40 في العالم، وجاءت عام 2011 في المرتبة الـ52 عالميا في «تقييم كيو إس لجامعات العالم». وعام 2013 احتلت المرتبة الـ25 عالميا في «التقييم الجامعي لمستويات الأداء الأكاديمي».
وبالنسبة للتخصصات الأكاديمية، تتكون الجامعة من ست كليات هي: كلية العلوم الصحية والطبية (بينها الطب والصيدلة والزراعة)، وكلية العلوم الإنسانية، وكلية الحقوق، وكلية العلوم البحتة، وكلية العلوم الإنسانية، وكلية اللاهوت، وكلها تضم عددا من الدوائر. وتتوزع مبانيها على المواقع الأربعة، وهي مجمع وسط المدينة (يضم مقرات إدارة الجامعة وكليات الحقوق والعلوم الاجتماعية واللاهوت وجانبا من دوائر كلية العلوم الطبية والإنسانية)، والمجمّع الشمالي والمجمع الجنوبي ومجمّع فريدريكسبورغ. وبين مباني الجامعة الأشهر المبنى الأصلي القديم (الآولا) ومكتبة الجامعة ومتحف الحيوان والمتحف الجيولوجي وحديقة النباتات.

* أشهر الخريجين وقدامى الطلبة

* درست وتخرجت في جامعة كوبنهاغن شخصيات علمية وسياسية وفكرية لامعة، بينها كوكبة من الحائزين لجوائز نوبل، هم العالم النووي الشهير نيلز بور (الفيزياء) ونيلز ريبرغ فينسن (الطب) وأوغست كروغ (الطب) ويوهانس أندرياس غريب فيبيغر (الطب) وهنريك دام (الطب) ونيلز كاي يرني (الطب) وآغه بور (الفيزياء) وينس كريستيان سكو (الكيمياء). يضاف إليهم العالم الأميركي الدنماركي الأصل بن روي موتلسون (الفيزياء)، ثم هناك العالم النابغة تيكو براهه (1546 - 1601) أحد رواد علم الفلك، وكاسبار بارثولين مكتشف وظيفة العصب الشمي، وتوماس بارثولين مكتشف الجهاز الليمفاوي، وأولي رومر أول من قاس سرعة الضوء، وهانس كريستيان أورستد مكتشف الكهرومغناطيسية، وفيلهلم يوهانسن أول من استخدم كلمة «جينة» (مورثة)، والفيلسوف العالمي الشهير سورين كيركغارد «أبو الوجودية».
ومن الساسة رؤساء وزراء الدنمارك أندريس ساندوي أورستد وينس أوتو كراغ وبوول شلوتر وبول نيروب راسموسن ولارس لوك راسموسن ورئيس الوزراء الحالية هيله ثورنينغ - شميدت.
ومن غير الدنماركيين رئيس وزراء آيسلندا السابق الدور آسغريمسون، والإعلامي الأميركي ستيف سكالي.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.