جامعات إنجلترا تعاني من تراجع أعداد الطلبة الأجانب

زيادة المصروفات وراء تراجع القادمين من الاتحاد الأوروبي.. والصينيون باتوا الأبرز

ساحة جامعة أكسفورد البريطانية العريقة ({الشرق الأوسط})
ساحة جامعة أكسفورد البريطانية العريقة ({الشرق الأوسط})
TT

جامعات إنجلترا تعاني من تراجع أعداد الطلبة الأجانب

ساحة جامعة أكسفورد البريطانية العريقة ({الشرق الأوسط})
ساحة جامعة أكسفورد البريطانية العريقة ({الشرق الأوسط})

انخفض عدد الطلاب الأجانب المسجلين في الجامعات الإنجليزية للمرة الأولى منذ ما يقرب من ثلاثين عاما، ما تسبب في توقف النمو المرتفع الذي شهدته هذه الجامعات على مدى سنوات طويلة.
وقد فحص التقرير الجديد الذي أصدره مجلس تمويل التعليم العالي في إنجلترا التحول في أنماط التسجيل ويناقش أسبابها المحتملة. وتتحمل الدول التي تشكل المملكة المتحدة مسؤولية خاصة عن التعليم العالي، ويناقش التقرير الموقف الخاص بإنجلترا.
جدير بالذكر أن بريطانيا تجذب طلبة أجانب أكثر من أي دولة أخرى عدا الولايات المتحدة، وتقدر القيمة الإجمالية لأرباحها من العملة الأجنبية القادمة من التعليم العالي نحو عشرة مليارات دولار، أو ما يقرب من 17 مليار دولار.
ويقول التقرير إن عدد الطلاب المسجلين في برامج الخريجين، التي تشتمل على الكثير من برامج الماجستير، تراجعت بنسبة واحد في المائة خلال الأعوام الأكاديمية من 2010 - 2011 وحتى 2012 - 2013. هذا التراجع يثير القلق على نحو خاص للمؤسسات التعليمية لأن هذه البرامج يشكل فيها الطلبة الأجانب الغالبية. ويشير التقرير إلى أن 74 في المائة من المتقدمين لبرامج الماجستير في العام الدراسي 2012 - 2013 كانوا من خارج بريطانيا.
وتشكل برامج الماجستير التي تمتد في العادة على مدار عام، مصدرا هاما للدخل للجامعات، إضافة إلى كونها مصدرا مستقبليا متوقعا لأعضاء هيئة التدريس بالجامعة. هذه الفترة القصيرة نسبيا بالمقارنة ببرامج أخرى مشابهة تلقي بمزيد من الضغوط على الجامعات البريطانية للحفاظ على مستويات التسجيل العالمية.
وبحسب جانيت إليفا، مؤلفة تقرير مجلس التمويل الأخير، أشار التحليل الأخير الذي أجراه المجلس إلى تفاقم هذه النسبة في برامج الماجستير والدكتوراه، ولذا يمكن للانخفاض أن يكون إشارة مثيرة للقلق للقدرات البحثية والتدريس في المستقبل. وقالت: «المعنى الضمني هو أن هذا يضع إمكانية تطبيق مواد معينة طويلة الأجل تحت التهديد».
من بين الأشياء الأخرى التي سلط التقرير عليها الضوء النقص الحاد في أعداد المتقدمين لبرامج الماجستير من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى. هؤلاء الطلبة يدفعون نفس المصروفات الدراسية التي يدفعها الطلبة البريطانيون، وتفرض الحكومة سقفا على مقدار المصروفات التي يمكن أن تتقاضاه تلك الجامعات. وقد انخفض الرقم إلى الربع خلال العام الأكاديمي 2012 - 2013. في الوقت الذي ارتفع فيه سقف المصروفات في غالبية الجامعات إلى تسعة آلاف جنيه إسترليني. وأشار التقرير إلى أن الزيادة في المصروفات الدراسية كان السبب المتوقع وراء هذا التراجع.
وكانت المرة الأخيرة التي تتراجع فيها أعداد الطلبة الأجانب في الجامعات البريطانية في بداية التسعينات، عندما بدأت الجامعات في تقاضي الرسوم من الطلبة الأجانب.
ولفت التقرير أيضا الانتباه إلى الأعداد المتزايدة للطلبة الصينيين في الجامعات البريطانية، الذين باتوا يشكلون الآن ربع الطلاب المسجلين في برامج الماجستير، ويشكلون ثاني أكبر مجموعة بعد البريطانيين بنسبة 26 في المائة.
جاءت هذه الزيادة في أعقاب انخفاض أعداد الطلبة القادمين من الهند وباكستان وإيران، الذين كانوا يشكلون ثاني أضخم مجموعة تدرس في الجامعات البريطانية. وكانت أعداد الطلبة الهنود والباكستانيين تشكل النصف منذ عام 2010 رغم زيادة أعداد الطلبة المتقدمين من الدول الأخرى.
هذه التطورات ترسم صورة تثير القلق للجامعات البريطانية التي يبدو أنها تحمل العبء الأكبر من الأحداث. وقالت إليفا: «لا يمكننا أن نشير إلى السببية، لكن توقيت التحول يشير إلى بعض العوامل التي ربما تكون قائمة في الوقت الراهن».
وقد أصبحت الهجرة قضية سياسية متوالية في بريطانيا في السنوات الأخيرة، وجهود الحكومة للحد من إحصاءات الهجرة في بعض الأوقات تضاربت مع أهداف الجامعات. وتشكل جامعات المملكة المتحدة جماعة ضغط لنائب وزير الخزانة الذي عارض خطة الحكومة الخاصة بالهجرة، وحذر من أن إدراج الطلبة في إحصاءات الهجرة ستتسبب في آثار مكلفة للجامعات البريطانية.
وفي معرض التعليق على تقرير مجلس التمويل، أشار نيكولاس داندريدج، الرئيس التنفيذي للجامعات في المملكة المتحدة، إلى أنه في الوقت الذي تزايد فيه الطلب الخارجي على التعليم العالي، ينبغي علينا أن نشهد زيادة في أعداد الطلبة الأجانب في إطار المعايير العالمية لجامعاتنا. وفي الوقت ذاته، فقد شهدت الدول المنافسة، التي تعزز بقوة سياسات تشجع الطلبة الأجانب، زيادة في أعداد الطلبة الأجانب.
* خدمة «نيويورك تايمز»



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.