استمر تنظيم داعش في مساعيه لتوسيع رقعة سيطرته في محيط مدينة تدمر الأثرية وسط سوريا التي احتلها الأسبوع الماضي، ممارسا المزيد من الضغط على مطار «التيفور» العسكري الذي قالت المعلومات إن نحو 20 جنديا من جنود النظام قتلوا فيه.
وبينما انطوت سيطرة تنظيم داعش السريعة على مدينة تدمر الاستراتيجية ومحيطها، على رسائل ذات أبعاد محلية وإقليمية، وفي غياب المعلومات الدقيقة عن أسباب تراجع النظام أمام التنظيم المتطرف في تدمر، يرى خبراء أن النظام قد يكون سهل «إنعاش تنظيم داعش من أجل إطالة أمد التدخل الروسي».
وأعلن المرصد السوري، أمس، أن التنظيم «قصف مطار التيفور بشكل مكثف بالتزامن مع هجوم واسع شنّه عليه، تمكن خلاله من تحقيق تقدم في محيط المطار، الذي يوجد بداخله المئات من جنود القوات الخاصة الروسية، ويستمرّ التنظيم بمحاولة اقتحامه للسيطرة عليه».
وخاض التنظيم خلال الساعات الماضية مواجهة عنيفة مع النظام وحلفائه، وتمكن من قتل عشرين عنصرًا من قوات الأسد والميليشيات الموالية له، في سلسلة هجمات شنها على مطار «التيفور» العسكري، القريب من مدينة تدمر في وسط سوريا، فيما قتل ضابطان سوريان أيضًا، إثر تمكن التنظيم المتطرف من إسقاط طائرة مروحية كانت تقلهما قرب المطار.
وفي وقت أوحت فيه معركة تدمر بأن خسارة النظام للمدينة الأثرية، تعدّ ضربة قوية للمعنويات التي استعادها الأخير في معركة حلب، رأى أستاذ العلاقات الدولية والباحث الاستراتيجي اللبناني الدكتور سامي نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «عملية تمدد (داعش) في وسط سوريا، تحصل بموازاة دينامية دولية مبنية على الطرح الروسي، وتذهب باتجاه وقف إطلاق النار في حلب، لينسحب على كل سوريا». ولفت إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «يستعجل الحلّ السياسي في سوريا، بعكس النظام والإيرانيين، الراغبين بالاستمرار في العمليات العسكرية، لذلك فإن إعادة إنعاش (داعش9 ليست بعيدة عن هذا الواقع». وقال: «ربما يريد الإيرانيون إحراج الروس بأن الحرب لم تنته بعد، ومن المبكر الذهاب إلى العملية السياسية».
واعتبر نادر أن «وسط سوريا الذي فيه يستعيد تنظيم داعش نفوذه، مهم جدًا لإيران، لأنه يربط العراق بسوريا، كما يربط حلب بطهران، وهذا يتناقض مع المعطى الدولي الجديد، المتمثّل بالتقارب التركي الروسي الساعي إلى وقف إطلاق النار»، لافتًا إلى أن «سيطرة التنظيم بسهولة على المدينة الاستراتيجية ومحيطها، والاستيلاء على أسلحة متطورة، توحي بأن هناك من يحاول إبقاء الروس في خضم المعركة العسكرية، بحجة أن الحرب لم تنته بعد».
وأوضح نادر أن «سيطرة التنظيم المتطرف على أسلحة متطورة يفاقم الأمور تعقيدًا، والمؤسف أن داعش يستفيد من تناقضات الدول المنخرطة في النزاع السوري». ولم يستبعد «استفادة النظام مما يجري في تدمر، لحثّ الروس على الاستمرار في الحرب»، معتبرًا أن «سيطرة داعش على حقل للنفط وآخر للغاز لا قيمة له، مقارنة مع ما كان يستفيد منه من نفط الموصل»، مشددًا على أن «النظام وحلفاءه لا يستطيعون حسم الحرب عسكريًا والتمدد على كل المساحة السورية، لأنهم يواجهون الجغرافيا والديمغرافيا معًا».
ويستفيد التنظيم من ورقة السيطرة على حقول النفط والغاز في ريف تدمر، التي تغذي محطات الكهرباء الكبرى بالوقود، لممارسة ضغط أكبر على النظام. وأعلن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، أن «خسارة النظام لهذه الحقول، تجعله يفقد آخر ما يسيطر عليه من نفط وغاز في سوريا»، مؤكدًا أن ذلك «سيفاقم أزمة الكهرباء والوقود في مناطق سيطرة النظام»، مؤكدًا أن الأسد «سيعوّض نقص الوقود من إيران، ومن تحت الطاولة يشتري كميات كبيرة من داعش».
النظام يستثمر هزيمة تدمر لإقناع الروس بالاستمرار في الحرب
تقدّم «داعش» في وسط سوريا يتزامن مع تسويق موسكو للحل السياسي
النظام يستثمر هزيمة تدمر لإقناع الروس بالاستمرار في الحرب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة