منذ أشهر قليلة أجريت مقابلة مع الطاهية المغربية نجاة كعناش، وشدني إليها حماسها وحبها لعملها وعشقها للمغرب الذي تركته طفلة، لتعيش مع عائلتها في إسبانيا، وعادت إليه طاهية ناجحة أرادت أن تشق طريقها الحقيقي منه، بعد نجاحها في الولايات المتحدة.
طريقة كعناش في الكلام فيها كثير من الروحانية، وتؤمن بالقدر وتسلم أمرها لربها، وبالوقت نفسه تعمل بلا كلل، وقالت حينها إن حلمها أن تفتح مطعما خاصا بها في المغرب. وشاءت الأقدار أن تلتقي بالمهندس المبدع ستيفن دي رينزا، المدير الإبداعي لحديقة «ماجوريل» في مراكش، عندما جاء إلى مطعمها المؤقت «بوب أب ريستوران» وتذوق أطباقها المغربية التي تحضرها بطريقتها الخاصة، وطلب منها زيارته في مطعمه في مدينة فاس القديمة.
وبمجرد أن دخلت كعناش إلى مبنى المطعم الذي كان يطلق عليه اسم «ريستوران رقم 7» شعرت وكأنها تدخل إلى منزل جديها اللذين كانا يعيشان في مدينة تازة المجاورة، وبعد عدة أشهر تلقت كعناش اتصالا من دي رينزا وعرض عليها شراء مطعمه بسبب أعماله الكثيرة وتواجده خارج المغرب، وقال لها: «فاس بحاجة لروح مثل روحك، ولا أتخيل أنني أستطيع بيع المطعم لأي شخص آخر».
واليوم افتتحت كعناش المطعم بعدما غيرت اسمه إلى «نور» (NUR) لترمز إلى النور والضوء الذي تريد أن تلقيه على المطبخ المغربي الذي ابتكرت أطباقه بطريقتها الخاصة، المطعمة بنكهات أسفارها وعيشها في إسبانيا.
ما يميز المطعم إلى جانب لائحة الطعام التي ابتكرتها الشيف كعناش، الديكور الرائع الذي ترك على حاله، فلم تكن هناك حاجة لتغيير أي شيء، وبخاصة أن المطعم صُنف من قبل «وول ستريت جورنال» و«نيويورك تايمز» و«بلومبيرغ بيزنس» على أنه من أجمل مطاعم العالم. ويطغى عليه اللونان الأبيض والأسود. وحرصت كعناش على ضخ لون لافت، فاكتفت باختيار بعض اللوحات وعلقتها على الجدران البيضاء، وبقيت الثريا العملاقة تتدلى من السقف العالي.
وما يميز المطعم من حيث الديكور أنه على شكل رياض، فسقوفه عالية، ويدخله النور من كل زاوية، فتشعر وكأنك تجلس في مكان مفتوح، كما أن اختيار اللون الأبيض منح بعدا آخر من حيث إعطاء الشعور للزائر بأن المكان أكبر مما هو عليه في الواقع.
ويرتكز مطبخ «نور» على المكونات المحلية التي يتم جلبها من المزارع القريبة، وتقوم كعناش مع فريقها بتحضير أطباق تتناسب مع المنتج المتوفر، كل في موسمه الحقيقي. والهدف الحقيقي من هذا كله هو التفاعل مع المزارعين وتشجيعهم وتسليط الضوء على أهمية المنتج في المطبخ المغربي الأصيل.
يشار إلى أن إعادة ترميم مبنى المطعم القديم استغرقت ثلاث سنوات، والمكان مقسم إلى طابق أرضي موصول برياض آخر، وكان في السابق منزلا يعود تاريخه إلى القرن الثامن عشر، وعلى الرغم من ديكوراته العصرية فإنه يوحي بالنمط المغربي التقليدي من خلال استخدام أرضية من البلاط المقطع المغربي، ونجح مهندس الديكور في خلق واحة من الهدوء تقف عند عتبتها زحمة مدينة قديمة مثل مدينة فاس، أعتق مدينة في المغرب، وكانت تعتبر عاصمة المغرب في بادئ الأمر، وهي معروفة بحيويتها الدائمة.
وعن مطعمها الجديد تقول الطاهية نجاة كعناش لـ«الشرق الأوسط»، إنها عانت في حياتها من الغربة وصعوبة تقبلها في مجتمعات غير مجتمعها، ولكنها لطالما آمنت بقدرتها على خلق شيء من الإبداع، ولطالما علمت أنه سينتهي بها المطاف في وطنها الأصلي المغرب، وتريد أن تكون مصدر اعتزاز للمرأة المغربية، لتؤكد لها أن تحقيق الأحلام ممكن، شريطة عدم الاستسلام لخيبات الأمل.
مطعم الاسبوع: فاس تستقبل «نور» ليلقي الضوء على المطبخ المغربي من زاوية أخرى
صنفت ديكوراته بين الأجمل في العالم
مطعم الاسبوع: فاس تستقبل «نور» ليلقي الضوء على المطبخ المغربي من زاوية أخرى
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة