لهذه الأسباب... توجس أوروبا يزداد من رئاسة ترامب

مواقفه من روسيا وإيران والمستوطنات الإسرائيلية والتغير المناخي قضايا تشكل مصدر قلق للحكومات الأوروبية

دونالد ترامب
دونالد ترامب
TT

لهذه الأسباب... توجس أوروبا يزداد من رئاسة ترامب

دونالد ترامب
دونالد ترامب

عندما سئل أكبر مستشاري السياسة الخارجية في إدارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عما ستعنيه رئاسة دونالد ترامب لألمانيا، قدم تقييما متفائلا إلى حد ما، حيث قال كريستوف هوزجن للحاضرين في إحدى المناسبات التي أقيمت في برلين، إن حقائق الرئاسة على أرض الواقع ستفرض على ترامب تغيير لهجته.
لكن يبدو أن الآمال بدأت تتبدد في العواصم الأوروبية الكبرى في أن ينتقل ترامب إلى هذه المرحلة، وينأى بنفسه عن تلك المواقف الخلافية والحادة التي سادت حملته الانتخابية، ويشرك مجموعة متنوعة من العناصر الجديدة من خارج دائرته في إدارته. وبدأ قلق جديد يستحوذ على المسؤولين.
وفي هذا الصدد يقول مسؤولون حكوميون إن قرارات ترامب الأخيرة، كتعيين أحد المتشككين في التغير المناخي على رأس وكالة حماية البيئة، واشتباك ترامب مع الصين بخصوص تايوان، وتعيينه عدة مصرفيين من «جولدمان ساكس» في مناصب عليا، كلها مؤشرات تشير إلى أنه قد يكون أكثر إخلالا بالمصالح الأوروبية مما كان مفترضا في البداية. وهكذا فبعد الصدمة التي أحدثتها الانتخابات الأميركية، ومرور فترة من التدبر الممزوج بالتمنيات في كيف يمكن لترامب أن يتغير، بدأت أوروبا تعد العدة لمواجهات مع واشنطن في عدد من القضايا، من روسيا إلى الاتفاق النووي مع إيران، إلى التجارة الحرة، إلى التغير المناخي، بل والتكامل الأوروبي.
وفي هذا السياق قال دبلوماسي أوروبي غربي رفيع زار واشنطن في الآونة الأخيرة لتقييم الوضع: «يوما بعد يوم يزداد وضوحا أن الأمر لن يكون عبارة عن مجموعة متطورة من السياسات المتسقة، بل عكس ذلك»، مضيفا أن «الأمر يتعلق بالإخلال بالنظام. فلا أحد يعرف أين وكيف سيختار أن يكون مخلا بالنظام. لكننا بدأنا نقتنع أن هذا هو ترامب وأن ذلك جزء من استراتيجيته».
والآن وبعد مرور أكثر من شهر بقليل على الانتخابات الأميركية، لا يزال المسؤولون الأوروبيون يواجهون صعوبات في فهم ما سيفعله ترامب بالضبط عندما يدخل البيت الأبيض الشهر المقبل، باستثناء توقع أن يكون تركيزه الرئيسي على الأولويات الداخلية.
ومن أسباب هذه الحيرة أن شغل المناصب في حكومة ترامب أصبح عملية مطولة يتم فيها استعراض مرشحين، من أمثال رومني، وهم يدخلون مقر الرئيس المنتخب في برج ترامب بنيويورك، ويلقون إشادة على «تويتر»، ثم يكون مصيرهم النبذ أو النسيان بعد أيام ليظهر مرشحون جدد. وقد تم تحديد صاحب أهم منصب تهتم به جل العواصم الأجنبية بعد إعلان تعيين ريكس تيلرسون، الرئيس التنفيذي لمجموعة «إكسون» عملاق صناعة النفط، وزيرا للخارجية ليتغلب بذلك على مرشحين مثل رومني، ورئيس بلدية نيويورك السابق رودي جولياني، والجنرال المتقاعد ديفيد بترايوس.
وقد أثار تيلرسون مجموعة من ردود الأفعال المتضاربة، حيث أبدى بعض المسؤولين الأوروبيين قلقهم من العلاقات الوثيقة التي تربطه بروسيا وبرئيسها فلاديمير بوتين، بينما شعر آخرون بالاطمئنان من كون أن رئيس شركة كبرى يتمتع بخبرة دولية سيصبح مسؤولا عن السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
وبهذا الخصوص قال دبلوماسي أوروبي شرقي كبير تتطلع بلاده إلى الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لحمايتها من طموحات موسكو الإقليمية: «الظاهر أن هذا ليس أمرا طيبا على الإطلاق... غير أن فكرة وجود وزير خارجية أميركي يعرف روسيا فعليا تستحوذ على التفكير».
وأثارت مواقف ترامب من روسيا مخاوف عميقة لدى الدائرة المحيطة بميركل. فقد قادت المستشارة الألمانية الرد القوي من جانب الاتحاد الأوروبي على ضم روسيا لشبه جزيرة القرم ودورها في شرق أوكرانيا، وسايرت الرئيس باراك أوباما في فرض عقوبات دولية على موسكو. ويسلم عدد من المسؤولين الأوروبيين بأن الإجماع الأوروبي قد ينهار إذا قرر ترامب التخلي عن العقوبات الأميركية لتنهار سياسة ميركل بخصوص روسيا، ولتصبح أوكرانيا أكثر انكشافا مما هي الآن.
لكن ثمة قلقا متناميا أيضا بشأن الاتفاق النووي بين القوى الغربية وإيران، وبخاصة بعد تعيين مايكل فلين، أحد القيادات المنتقدة لإيران، مستشارا للأمن القومي في فريق ترامب.
ولأن الصفقة النووية اتفاق دولي يدعمه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فسيكون الانسحاب منها من جانب واحد أكثر صعوبة على ترامب، كما أن قوى أخرى قد ترفض الاقتداء بالموقف الأميركي. أما في أوروبا فإن الخوف يكمن في أن يلتزم ترامب بها وفي الوقت نفسه يزيد العقوبات في المجالات غير النووية، الأمر الذي قد يؤدي إلى ردود انتقامية من جانب طهران، وهو ما قد يقضي في النهاية على الاتفاق النووي.
في نفس السياق قال مسؤول فرنسي، مشيرا إلى آلية تسمح بإعادة فرض العقوبات إذا ما تبين أن طهران خالفت شروط الاتفاق: «إذا شهدنا التوتر يزداد مع إيران فسيكون ذلك اختبارا لآلية العودة» للعقوبات.
لكن قائمة نقاط الخلاف بين أوروبا والولايات المتحدة تتجاوز روسيا وإيران بكثير. فمواقف ترامب من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وتخفيف القيود المالية، والصين والتجارة، والتغير المناخي، كلها قضايا تشكل مصدر قلق لأوروبا.
فقد كان قرار ترامب استقبال مكالمة من الرئيسة التايوانية، كرسالة تشكك في سياسة «الصين الواحدة»، التي انتهجتها الولايات المتحدة على مدى نحو أربعة عقود، مؤشرا مبكرا على أنه سيضرب بالبروتوكول الدبلوماسي والعرف عرض الحائط.
ويقول فولكر بيرتيز، رئيس المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في برلين، إن كثرة استخدام ترامب لـ«تويتر» تقلق أيضا الحكومات الأوروبية، التي افترض عدد كبير منها أن ذلك سيتوقف بعد الانتخابات. وقال بيرتيز بهذا الخصوص: «هل سيصل الأمر إلى حد إيقاظ ميركل في الثالثة صباحا؛ لأن ترامب أرسل تغريدة يقول فيها إن بوتين أبلغه أن العقوبات المفروضة على روسيا غبية؟ لا يمكنك استبعاد ذلك».
وهناك بعض المراقبين ممن يرون إمكانية حدوث شقاق أعمق بسبب الانتخابات التي ستشهدها هولندا وفرنسا وألمانيا العام المقبل، وربما في إيطاليا وبريطانيا. وقد سارع ترامب إلى الإشادة بنتيجة الاستفتاء في بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي، في يونيو (حزيران) الماضي. كما أبدى ودا خاصا تجاه نايجل فاراج، أحد الشخصيات الرئيسية المؤيدة للانفصال عن الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي أثار تساؤلات حول مسلكه في حملات الدعاية الانتخابية المقبلة، مثل انتخابات الرئاسة الفرنسية التي يتوقع أن يكون أداء مارين لوبان زعيمة الجبهة الوطنية المنتمية لأقصى اليمين قويا فيها، وذلك بناء على برنامج يقوم على التشكيك في الوحدة الأوروبية.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.