المعارضة السورية تفتح حوارًا مع فريق ترامب لتقويض نفوذ إيران

أبو حطب لـ«الشرق الأوسط» : نستثمر علاقات واشنطن بروسيا لإيقاف القصف

متظاهرون أمام مقر رئيسة الحكومة البريطانية، أمس، يطالبون بوقف الغارات على حلب، ضمن تحرك شعبي في أكثر من مكان في العالم أمس (إ.ب.أ)
متظاهرون أمام مقر رئيسة الحكومة البريطانية، أمس، يطالبون بوقف الغارات على حلب، ضمن تحرك شعبي في أكثر من مكان في العالم أمس (إ.ب.أ)
TT

المعارضة السورية تفتح حوارًا مع فريق ترامب لتقويض نفوذ إيران

متظاهرون أمام مقر رئيسة الحكومة البريطانية، أمس، يطالبون بوقف الغارات على حلب، ضمن تحرك شعبي في أكثر من مكان في العالم أمس (إ.ب.أ)
متظاهرون أمام مقر رئيسة الحكومة البريطانية، أمس، يطالبون بوقف الغارات على حلب، ضمن تحرك شعبي في أكثر من مكان في العالم أمس (إ.ب.أ)

فتحت المعارضة السورية قنوات اتصال مع شخصيات في الإدارة الانتقالية في الولايات المتحدة الأميركية، ومرشحين لتولي مواقع في إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، بهدف نقل تصوراتهم عن أهمية انخراط واشنطن بدور أكبر تجاه الأزمة السورية، وإبلاغ واشنطن أن المعارضة تشجع التقارب الأميركي الروسي حول سوريا، شرط أن يساهم ذلك في تقويض نفوذ إيران في سوريا، وذلك خلال زيارة ممثلين عن المعارضة إلى واشنطن الأسبوع الماضي.
وقال مصدر مواكب للزيارة لـ«الشرق الأوسط»، إن الأمين العام للائتلاف الوطني السوري عبد الإله فهد، ورئيس الحكومة السورية المؤقتة جواد أبو حطب، زارا واشنطن الأسبوع الفائت، وأجريا بعض اللقاءات في الكونغرس. كما كان على جدول أعمالهما لقاءات مع مقربين من فريق الأميركي المنتخب والفريق الانتقالي. كما التقى الوفد باحثين، وشخصيات مرشحة لتولي مسؤوليات في الإدارة الجديدة. وبحسب المصادر، تلقى وفد الائتلاف وعودًا بنقل التصورات للإدارة الجديدة.
وأكد أبو حطب لـ«الشرق الأوسط»، أن وفد الائتلاف «نفذ زيارة عمل لأجل دعم سوريا، وجال أيضًا على الجالية السورية لشرح أوضاع القضية السورية»، فضلاً عن «زيارة مراكز بحثية»، مشددًا على أن الزيارة لم تكن رسمية. وقال: «مصلحتنا اليوم أن تكون الإدارة إلى جانبنا، فنحن لا نستطيع مصادرة علاقات الولايات المتحدة، لكننا نستطيع أن نستثمر علاقاتها بروسيا بهدف إيقاف القصف الذي يتعرض له المدنيون في حلب ومناطق سوريا أخرى»، مضيفًا: «نتمنى أن يكون للإدارة الأميركية دور في تغيير بعض مواقف الروس».
وأوضح أبو حطب أنه «إذا كانت العلاقة بين موسكو وواشنطن جيدة، فإن الإدارة الأميركية تستطيع أن تقنع روسيا بأن تغير في مواقفها»، لافتًا إلى «إننا نتطلع إلى التعاون مع الإدارة الجديدة لدعم موقف الثورة السورية». وأشار إلى السعي للتخفيف من أهوال المعاناة، وحماية الأهالي من القصف والغارات الجوية التي تستهدف بمعظمها المدنيين، مضيفا: «كما نحاول من خلال زياراتنا وتواصلنا وقف التهجير وتأمين الخدمات الصحية والمدنية بما يمكننا من إعادة المدنيين إلى مناطقهم، وهو أمر ثابت في أساس عمل الحكومة المؤقتة».
وكانت صحيفة «واشنطن بوست» قالت في عددها الاثنين الماضي، إن الزيارة هدفت لإقناع الرئيس ترامب بأنه يحتاج للمعارضة في سوريا بقدر ما هم بحاجته، مشيرة إلى أن الوفد السوري المعارض اجتمع مع المشرعين والخبراء ذوي الصلات مع فريق ترامب الانتقالي، وكان هدف قادة المعارضة هو إقناع الرئيس المقبل أن الحرب الأهلية السورية، والتهديد الذي تشكله على مصالح الولايات المتحدة الحيوية، لا يمكن أن تنتهي دون تعاونهما، وأنهم «يريدون مساعدة إدارة ترامب للعمل مع روسيا ضد الإرهابيين».
وفيما يشير هذا الخطاب إلى تحول في سياسة المعارضة السورية تجاه روسيا، التي تدعم النظام في حملاته العسكرية في سوريا وتحديدًا في حلب، كما استخدمت الفيتو الأسبوع الماضي في مجلس الأمن الهادف إلى توقيف الحملة العسكرية في سوريا، قال المصدر المطلع على الزيارة إن هناك «قناعة لدى المعارضة بأن لا حل في سوريا من دون تواصل أميركي روسي، وهناك مؤشرات أكبر على تقارب بين روسيا وترامب»، مشددًا على أن «الموقف الحاد الذي اتخذه ترامب من إيران، يعطي المعارضة دفعًا في هذا الاتجاه لتقويض نفوذ إيران في سوريا».
وقال المصدر: «إذا كان التصور أن ترامب والروس يسعيان لمحاربة (داعش)، فماذا عن الميليشيات الإيرانية ودور إيران التي تخلق حالة زعزعة للاستقرار في سوريا والمنطقة؟». ولفت إلى أن «الموقف الأميركي المتشدد تجاه إيران، إذا اقترب باتفاقات مع روسيا حول هذه النقطة، سيكون حكمًا لمصلحتنا، وهي قضية تحتاج إلى الكثير من العمل والترتيبات لتقويض نفوذ إيران».
وأشار المصدر إلى أن المعارضة «تدرك أهمية الدور الروسي في فرص التوصل إلى حل سياسي، بالنظر إلى أن روسيا لم تعارض القرار 2254، وكانت موافقة على مقترح الحل السياسي في اتفاق جنيف - 1 في عام 2012، وهو أساس العملية الانتقالية التي كان ينقصها في السابق جدية من قبل إدارة أوباما»، معتبرًا أن وجود ترامب وتصريحاته تجاه روسيا «يمثل فرصة لطرح قضيتنا ضمن المعطيات المتوفرة».
ونقلت «واشنطن بوست» عن عبد الإله فهد قوله إن «المعارضة السورية ليس لديها مشكلة مع خطة ترامب للعمل مع روسيا في سوريا»، وإن «المعارضة سبق وأن اجتمعت مع ممثلين عن الحكومة الروسية، من دون حضور ممثلين عن إدارة أوباما»، لافتًا إلى أنه «يجب أن يكون هناك نوع من التفاهم بين الولايات المتحدة وروسيا لحل القضايا في الشرق الأوسط»، مشترطًا أن يكون ذلك من دون شراكة الأسد.
ومن شأن تلك التصريحات أن تشير إلى تحول في سياسة المعارضة، على ضوء «الإحباط» الذي يعانيه السوريون إثر التراجع الميداني في حلب. لكن مصدرًا سوريًا آخر معارضًا، قال لـ«الشرق الأوسط» أن «الروس يزيدون المشهد تعقيدًا»، مستدلاً إلى «انقلاب الروس في موضوع حلب»، وأوضح: «كان الروس طرحوا في وقت سابق مبادرة لإخراج الثوار من حلب، قبل أن يتراجعوا، أمس، حيث طالبوا بأن يستسلم جميع المقاتلين بغرض توقيفهم والتحقيق معهم». وأضاف المصدر: «هذا يعني أننا أمام مرحلة جديدة تستخدم فيه موسكو تكتيكًا جديدًا مختلفًا بكل تفاصيله». وتابع: «اليوم لا يمكن التعويل على دور أميركي واضح، كون ملامح الإدارة الجديدة لم تكتمل بعد، ونحن نراقب عن كثب ما يقوم به ترامب وتأثيراته وتداعياته، وهي ما تشير إلى غياب رؤية واضحة تجاه الملف السوري وسط معلومات عن أنه لن يقدم رؤية حاسمة لملفات الشرق الأوسط قبل مرور مائة يوم على تسلمه السلطة». وعليه، «هذا يعني أن الموضوع ذاهب إلى مزيد من التعقيد، كون روسيا تستغل حالة الفراغ اليوم في المرحلة الانتقالية في الولايات المتحدة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».