جلسة طارئة غير متوقعة فرضها ارتفاع العنف في حلب أمس، مع تقدم قوات النظام والميليشيات التابعة له إلى أحياء حلب الشرقية التي تسيطر عليها فصائل المعارضة، والاجتماع عقد بناء على طلب فرنسا.
وقال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة، فرنسوا ديلاتر، إن فرنسا طلبت عقد «اجتماع فوري» لمجلس الأمن لبحث الوضع في حلب حيث تجري «أسوأ مأساة إنسانية في القرن الحادي والعشرين». وأضاف السفير الفرنسي، في تصريح صحافي: «علينا أن نقوم بكل ما هو ممكن لوقف إراقة الدماء وإجلاء السكان بأمان وتقديم المساعدة لمن هم بحاجة إليها».
وردا على سؤال حول الهدف من الدعوة لهذا الاجتماع شدد على أن روسيا «تملك الوسائل للضغط على النظام السوري لوقف هذه المجزرة» في شرق حلب. واعتبر السفير الفرنسي هذه الأزمة تضع مصداقية الأمم المتحدة على المحك ويمكن أن تشجع «الإرهابيين»، محذرا من «أن الأسوأ ليس بالضرورة وراءنا، وقد يتمثل بمجازر أخرى ترتكب بدم بارد».
كما طالب السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة، ماثيو ريكروفت، روسيا «بتغيير موقفها» والتوقف عن عرقلة المبادرات الغربية للتوصل إلى حل سياسي في سوريا. وبعد أن اعتبر حلب «تشهد يوما مأساويا»، شدد على أن «الحرب نفسها لديها قواعد، وقد تم خرق كل هذه القواعد في حلب».
وطالبت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، سامنثا باور، بنشر «مراقبين دوليين حياديين» في حلب للإشراف على إجلاء المدنيين بـ«أمان تام».
وشددت باور في كلمتها أمام مجلس الأمن، على أن المدنيين الذين يريدون الخروج من أحياء حلب الشرقية «خائفون، وهم محقون في ذلك، من تعرضهم للقتل على الطريق أو من نقلهم إلى أحد معتقلات الأسد». إلا أن نظيرها الروسي، فيتالي تشوركين، كان له رواية مختلفة تماما عن تلك التي روتها الأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن الآخرون.
وقال تشوركين خلال الجلسة الطارئة إن الجيش السوري المدعوم من موسكو قام بتحرير المدينة وعشرات المدارس ودور كبار السن والعبادة من قبضة الإرهابيين باختلاف تسمياتهم من قبل الآخرين. وأضاف: «لا دليل على أن القتلى في الشوارع سببه القوات السورية».
وكان أمين عام الأمم المتحدة، بان كي مون قد قال في بداية الجلسة إن «لدى الأمم المتحدة تقارير موثوقة تفيد بمقتل عشرات المدنيين، إما عن طريق القصف المكثف أو الإعدام خارج إطار القانون من قبل القوات الموالية للحكومة».
وأشار كي مون إلى معلومات تلقتها الأمم المتحدة عن وجود 45 طفلا تحت سن العاشرة، عالقين في حجرة في أحد المباني من دون طعام.
وشدد على أن المهمة الفورية الآن هي «فعل كل ما يمكننا لوقف المذبحة». وقال بان كي مون إن حلب يجب أن تمثل نهاية السعي لتحقيق النصر العسكري في سوريا، لا بداية حملة عسكرية واسعة في بلد عصفت به خمس سنوات من الحرب، وشدد على ضرورة أن يتبع المعركة الراهنة، وقف فوري للعنف من قبل جميع الأطراف، والوصول الإنساني من دون عوائق أو شروط مسبقة.
وحول ذلك، قال المندوب النيوزلندي إنه من غير المعقول ألا نصدق ما تقوله الأمم المتحدة «فعندما يقول أمينها العام، هناك تقارير موثوق بها، علينا في مجلس الأمن تصديق ذلك». كما أشار كي مون إلى أن 2215 من المسلحين ألقوا السلاح وتركوا شرق حلب، فيما يقوم الجيش الروسي بإزالة الألغام من أحياء حلب الشرقية. وحسب كي مون فقد «أنجز إزالة الألغام من أكثر من 31 هكتارا من الهياكل الحضرية، وكذلك 18 كيلومترا من الطرق».
ومع قرب انتهاء فترة حكم الرئيس الأميركي باراك أوباما واقتراب تسلم خليفته، دونالد ترامب، الذي رشح الثلاثاء شخصية موالية لروسيا، وهو ريكس تيلرسون لحقيبة وزارة الخارجية، فمن غير المعروف داخل المجلس كيف سيتعامل الرئيس الجديد مع الملف السوري.
ورأت مصادر في مجلس الأمن تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، أن تغيير السياسة الأميركية في مجلس الأمن سيأخذ وقتا طويلا، مشككة بأن يتم تغيير الموقف الأميركي بشأن قضايا الشرق الأوسط، ولا سيما حلب مباشرة بعد تسلم الرئيس المنتخب ترامب مقاليد الحكم في العشرين من الشهر المقبل.
إلى ذلك، قال مصدر مصري في المجلس لـ«لشرق الأوسط»، إن اجتماع اليوم بشأن حلب كان مفيدا إذ إنه سلط الضوء على ما يجري في المدينة ووضعها في دائرة الضوء وعلى الطاولة الدولية. وأضاف أنه تم إبلاغ المجلس عما يدور هناك.
من جانبه، قال المندوب المصري، العضو العربي الوحيد في المجلس، إن وجود الجماعات الإرهابية في حلب لا يبرر «تمزيق المجتمع وقتل الأطفال»، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة وقف «الحرب بالوكالة» كي يتمكن الشعب السوري من بناء بلاده «فلا رابح في سوريا من تلك الحرب».
وبعد الجلسة، شدد المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا على ضرورة تواجد موظفين دوليين في حلب كي يتم طمأنة الناس فيها، والتأكد مما يجري فيها. وقال دي ميستورا للصحافيين: إنني طالبت قبل شهر بحماية المدينة من الدمار بحلول نهاية السنة، وأخرج من جيبه خريطة ملونة قال إنه تم التقاطها من الجو تشير إلى آثار الدمار الكثيف لمعظم أطرافها. وأضاف: «لقد كنت صائبا».
كما أعرب عن قلقه إزاء احتمال وصول الدمار والقصف لمدن أخرى، كإدلب، إلا أنه شدد على أن حلب أولوية في الوقت الحاضر. وحول لقائه فريق الرئيس المنتخب الأميركي دونالد ترامب، رفض المبعوث الدولي الإفصاح عن الاجتماع قائلا: «لا أريد الحديث عن موضوع اللقاء، إن كان قد تم بالفعل أم لم يتم» مع فريق ترامب، لكون الأخير لم يتسلم سلطاته بعد.
وحول مستقبل العملية الانتقالية في سوريا، أكد أن أي مفاوضات يجب أن تكون حول العملية السياسية وليس على «أجندة نقاش»، معربا عن أمله في أن تتم قريبا إن وافقت الأطراف عليها.
جلسة طارئة في مجلس الأمن «تقرع» روسيا على دورها في حلب
واشنطن تطالب بمراقبين دوليين للإشراف على عملية الإجلاء في المدينة
جلسة طارئة في مجلس الأمن «تقرع» روسيا على دورها في حلب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة