لبنان: مشاورات تشكيل الحكومة في المربع الأخير

بعد تذليل عقبات تأليفها... الكتل السياسية انتقلت إلى بحث قانون الانتخاب

سعد الحريري  -  سليمان فرنجية
سعد الحريري - سليمان فرنجية
TT

لبنان: مشاورات تشكيل الحكومة في المربع الأخير

سعد الحريري  -  سليمان فرنجية
سعد الحريري - سليمان فرنجية

وصلت مباحثات تشكيل الحكومة اللبنانية أمس إلى المربع الأخير، حيث ظهرت مؤشرات على أن إعلان التشكيلة الجديدة لحكومة الرئيس المكلف سعد الحريري يمكن أن يكون اليوم، بحسب ما قالت مصادر مطلعة على مسار التأليف لـ«الشرق الأوسط».
وبعدما ذللت عقبة «تيار المردة» الذي يترأسه النائب سليمان فرنجية أول من أمس، بمنحه حقيبة «الأشغال العامة والنقل»، قالت المصادر إنه بذلك «حسمت قوى 8 قرارها»، في إشارة إلى حصص حركة أمل التي يترأسها رئيس البرلمان نبيه بري، و«حزب الله» وحليفهما فرنجية، مضيفة أن إعلان التشكيلة الحكومية «تنتظر الانتهاء من عقبات بسيطة لا تزال عالقة لدى التيار الوطني الحر، رغم أن تلك العقبات من المفترض أن لا تكون عالقة بعدما تم حسم حصص حزب القوات اللبنانية»، مرجحة في الوقت نفسه أن يكون التيار الوطني الحر «يسعى في الساعات الأخيرة لتمييز نفسه بالحقائب الوازنة، عن حصة حليفه حزب القوات اللبنانية».
غير أن إشارات أخرى، بدا أنها متعلقة بشكليات أحاطت بعملية التأليف، ألمح إليها أمين سر «تكتل التغيير والإصلاح» وهو تكتل عون النيابي، حين قال بعد لقائه الحريري: «هناك إشارات في الوسط السياسي يتم تداولها ببعض الاقتراحات، وهناك إيجابية معينة رغم بعض التحفظات في بعض المسائل»، متمنيًا «تذليل كل العقبات خلال فترة وجيزة، ونريد مراعاة الأصول واحترام الصلاحيات الدستورية إن كان للرئيس ميشال عون أو للحريري».
وانسحب هذا الاعتراض على حزب القوات اللبنانية، حيث أعلن المسؤول السابق لجهاز الإعلام والتواصل في الحزب ملحم رياشي، أن «الأمور تقدمت بشكل كبير لكن كان هناك استياء بشأن الطريقة التي تم التعاطي بها مع رئيس الجمهورية والرئيس المكلف». ولفت في حديث تلفزيوني إلى أن المشاورات التي عقدت بين تيار المستقبل وحزب القوات «كانت إيجابية جدا»، لافتًا إلى أن «جعجع يسعى بكل قواه إلى تسهيل مهمة رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، ولدينا مصلحة في تسهيل هذه المهمة».
وساد جو من التفاؤل أمس، يشير إلى أن العقبات لا تتعدى الترتيبات الشكلية، وأن إعلان الحكومة سيكون «خلال الساعات أو اليوم الأربعاء على أبعد تقدير في حال تجاوز تلك العراقيل الشكلية»، وأنه «من المفترض أن لا تتأخر الحكومة أكثر من اليوم»، كما قالت المصادر، وهو ما يمهد للرئيس المكلف بتأليف الحكومة، عرض التشكيلة النهائية على رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي يوافق عليها بدوره، وفق القانون اللبناني.
وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن المرجح أن تكون الحكومة 24 وزيرًا، تتوزع الحقائب فيها على الكتل السياسية الرئيسية، حيث ستكون وزارة الخارجية من حصة التيار الوطني الحر، ووزارة الداخلية من حصة تيار المستقبل، ووزارة المالية من حصة حركة أمل، بينما وزارة الدفاع من حصة رئيس الجمهورية.
وفيما تتواصل الاتصالات بين الأطراف المعنية لوضع اللمسات الأخيرة على التشكيلة الحكومية، بدأت الاتصالات على نحو موازٍ للبدء في مباحثات التوصل إلى اتفاق حول قانون الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في شهر مايو (أيار) المقبل، وهو من المنتظر أن تقره الحكومة الجديدة وتحيله إلى مجلس النواب لإقراره. وبدأ أمين سر تكتل «التغيير والإصلاح» النائب إبراهيم كنعان جولته على الأحزاب اللبنانية، بهدف التوصل إلى اتفاق حول القانون الجديد.
وأكد كنعان بعد لقائه الحريري في بيت الوسط «أننا نعمل بعيدًا عن الإعلام للتوصل إلى قواسم مشتركة على قانون الانتخاب»، مشددًا على أننا «ملتزمون ومنفتحون على كل صيغة تؤمن شراكة وطنية فعلية وتؤمن المناصفة، فطرحنا النسبية والأرثوذكسي ولم نغلق الباب أمام أي اقتراح يؤمن ما ذكرته».
وكان كنعان أكد بعد لقائه رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل أنه لم يعد هناك أي ذريعة لعدم التوصل إلى إقرار قانون انتخابي جديد، مشيرا إلى أن الاجتماع مع الجميل هو من أجل التفاهم على صيغة تتفق عليها مع كل الكتل السياسية. وأشار إلى أن التيار منفتح على أي قانون يقلص الخلل المسيحي في المجلس النيابي، مشددا على أن الإصلاحات مطلوبة والعودة مرفوضة.
بدوره، شدد الجميل على ضرورة أن تظهر الكتل النيابية جديتها في إقرار قانون انتخاب جديد، وقال: «أبدينا كل الاستعداد للتعاون مع التيار الوطني الحر وكل فريق يعمل لقانون وسنكون إيجابيين».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.