جنازة رسمية حاشدة لضحايا {العباسية}

البابا تواضروس: مصر تتعرض لأفعال إرهابية ضحاياها في كل مجال

مصريون أقباط في حالة غضب خلال تشييع جثامين ضحايا تفجير الكنيسة البطرسية بمقر كنيسة السيدة العذراء مريم بمدينة نصر بعد الصلاة على ضحايا الحادث الإرهابي أمس (رويترز)
مصريون أقباط في حالة غضب خلال تشييع جثامين ضحايا تفجير الكنيسة البطرسية بمقر كنيسة السيدة العذراء مريم بمدينة نصر بعد الصلاة على ضحايا الحادث الإرهابي أمس (رويترز)
TT

جنازة رسمية حاشدة لضحايا {العباسية}

مصريون أقباط في حالة غضب خلال تشييع جثامين ضحايا تفجير الكنيسة البطرسية بمقر كنيسة السيدة العذراء مريم بمدينة نصر بعد الصلاة على ضحايا الحادث الإرهابي أمس (رويترز)
مصريون أقباط في حالة غضب خلال تشييع جثامين ضحايا تفجير الكنيسة البطرسية بمقر كنيسة السيدة العذراء مريم بمدينة نصر بعد الصلاة على ضحايا الحادث الإرهابي أمس (رويترز)

في جنازة عسكرية رسمية، تقدمها رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، ودعت مصر أمس ضحايا تفجير الكنيسة البطرسية بالعباسية، من أمام النصب التذكاري للجندي المجهول بمدينة نصر (شرق القاهرة)، بحضور البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية.
وقتل 24 شخصا، أغلبهم نساء، وأصيب نحو خمسين آخرين، في تفجير انتحاري بقاعة الصلاة في الكنيسة البطرسية الملاصقة للكاتدرائية المرقسية بحي العباسية وسط العاصمة المصرية. وأعلنت مصر الحداد ثلاثة أيام بدءا من يوم الأحد (أول من أمس).
وخلال مراسم تشييع الجنازة، التي شهدها رئيس الوزراء شريف إسماعيل، ورئيس مجلس النواب علي عبد العال، ووزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي، وعدد من كبار رجال الدولة، قدم الرئيس السيسي التعازي للبابا تواضروس الثاني، والقيادات المسيحية، وأسر الضحايا.
وكان قداس الجنازة قد أقيم صباح أمس على الضحايا بكنيسة السيدة العذراء مريم بمدينة نصر، برئاسة البابا تواضروس الثاني وعدد من الأساقفة وكبار رجال الكنيسة. وعقب انتهاء القداس، نقلت جثامين الضحايا إلى المنصة بجوار النصب التذكاري.
وتظاهر عشرات من الأقباط خارج الكنيسة التي أقيم بها قداس الصلاة على أرواح ضحايا، وبالقرب من مكان تشييع الجنازة، مرددين هتافات منددة بالحادث الإرهابي وتطالب بسرعة القصاص من الجناة. وردد المتظاهرون: «يا نجيب حقهم يا نموت زيهم».. و«قولي يا وزير الداخلية.. ليه الأقباط هما الضحية».
وعقب انتهاء مراسم الصلاة، قال البابا تواضروس إن الحادث الإرهابي الذي استهدف الكنيسة البطرسية هو مصاب مصر كلها وليس الكنيسة الأرثوذكسية فقط، مضيفا أن «الشعب المصري يعيش بعيدا عن العنف ولا يعرف العنف ولا الإرهاب، والتاريخ المصري نقي».
وأشار إلى أن «مصر تتعرض لأفعال إرهابية ويذهب ضحيتها (شهداء) في كل مجال من الجيش والشرطة والقضاء وغيرهم، ومن يقوم بتلك الأفعال عقابه شديد أمام الله»، معتبرا أن عزاء الأقباط هو في «اهتمام الدولة وتكريم هؤلاء (الشهداء)».
وأوضح أن «قدر الكنيسة المصرية أن تقدم (شهداء) لذلك تسمى كنيسة (الشهداء)، وهي ليست تسمية حديثة، ولكن من القرون الأولى»، مضيفا: «نتألم كثيرا لانتقال هؤلاء الأحباء إلى السماء.. لكن عندما نتأمل في الحدث نجد أن الأشرار تخلوا عن كل إنسانية وتخلوا عن المشاعر».
ووجه البابا تواضروس حديثه للجناة قائلا: «أيها المدمر لن تعرف راحة ضمير ولا راحة قلب.. ماذا تستطيع أن تقول لله لتبرر القتل وإيلام وطن بأكمله.. الألم الذي تركته في قلوبنا جميعا سوف يحل عليك».
من جهته، أكد الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أن تفجير الكنيسة البطرسية مثل أبشع الجرائم في الاعتداء على مصلين آمنين. وقال الطيب، خلال كلمة له في قمة رئيسيات البرلمانات التي تعقد في العاصمة الإماراتية أبوظبي، إن «هذه الحادثة خلفت في قلوب المسلمين قبل المسيحيين آلاما وأحزانا، ليس من السهل تجاوزها أو نسيانها، وهذه الجريمة الوحشية ليست بكل تأكيد إيذاء للمسيحيين في مصر، بل هي إيذاء للمسلمين في شتى بقاع العالم، بل إلى نبي الإسلام نفسه في ذكرى مولده الشريف».
في السياق ذاته، أكد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، أن المصريين يقفون صفا واحدا مع أشقائهم المسيحيين، لتأكيد أن هذه الطعنة موجهة للمصريين جميعا، مشددا على أنها موجهة إلى المسلم قبل المسيحي.
وقال جمعة، عقب مراسم الجنازة أمس، إن المستهدف من تلك العمليات الإرهابية مصر وأمنها. وشدد على أن هذه الوقفة الوطنية تعبر عن صلابة شعب مصر، موضحا أن موضوع خطة الجمعة سيكون بعنوان «المصريون اليد الواحدة في مواجهة الإرهاب»، وذلك يتم استئصال الإرهاب واقتلاعه من جذوره.
إلى ذلك، تواصلت الإدانات الدولية للحادث الإرهابي، ووصف الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، التفجير الإرهابي بأنه «عمل إرهابي جبان يتنافى مع جميع القيم والمبادئ الإنسانية والأخلاقية».
وأعرب الزياني، في بيان له، عن استنكار دول مجلس التعاون هذه الجريمة المروعة، ووقوفها إلى جانب الحكومة المصرية في جهودها لمكافحة التنظيمات الإرهابية والفتن والتطرف، معبرا عن تعازيه لأسر الضحايا وللحكومة والشعب المصري الشقيق، متمنيا للمصابين الشفاء العاجل.
من جهتها، نكست السفارة البريطانية بالقاهرة أمس علم المملكة المتحدة حدادا على أرواح الضحايا. وكان السفير البريطاني جون كاسن قد أكد في بيان أن «بلاده تدين المحاولات الشريرة لتدمير مستقبل مصر وتشتيت المصريين».
روجيه أنكوندو، رئيس البرلمان الأفريقي، أدان الحادث ووصفه بالمؤسف، وطالب الصحافة والإعلام المصري بأن ينقلا للعالم الخارجي الوحدة التي عليها الشعب المصري بكل طوائفه في مواجهة هذا الإرهاب الأسود.
وقال إن «الإرهاب لا دين ولا وطن له ولا يفرق بين مسلم ومسيحي، والدليل وقوع حادثين إرهابيين متتاليين أمام مسجد يوم الجمعة الماضية، ثم داخل كنيسة»، مطالبا «الشعب المصري بالوقوف صفا واحدا ضد هذا الإرهاب».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».