هل تُصبح المناطق المُحررة في العراق وقودًا جديدًا لـ«داعش»؟

وسط تحذيرات من التشدد والتشدد المضاد

أطفال عراقيون يتنسمون الحرية بعد تحرير أجزاء كبيرة من الموصل (أ.ف.ب)
أطفال عراقيون يتنسمون الحرية بعد تحرير أجزاء كبيرة من الموصل (أ.ف.ب)
TT

هل تُصبح المناطق المُحررة في العراق وقودًا جديدًا لـ«داعش»؟

أطفال عراقيون يتنسمون الحرية بعد تحرير أجزاء كبيرة من الموصل (أ.ف.ب)
أطفال عراقيون يتنسمون الحرية بعد تحرير أجزاء كبيرة من الموصل (أ.ف.ب)

حذّر خبراء ومتخصصون مصريون في شؤون الحركات الإسلامية، من مأساة حقيقية تعيشها المناطق المحررة من قبضة تنظيم داعش الإرهابي المتطرف، ولا سيما في العراق، ذلك أن تلك المناطق تعاني إهمالاً شديدًا ونقصًا في الخدمات. وحسب الخبراء، فإن انحرافات الميليشيات الشيعية المتشددة تدفع لتشدد على الجانب الآخر.
جاء تعليق المتخصصين على سؤال طرحته «الشرق الأوسط» بشأن ما إذا كانت المناطق المُحررة في العراق مرشحة لأن تصبح وقودًا جديدًا لـ«داعش»؟ وردا على هذا التساؤل أيضا أشارت دراسة بحثية في القاهرة، إلى أن بعض الفصائل المُسلحة في العراق من المتشددين الشيعة والأكراد قامت بالسيطرة على المناطق المستردة من سيطرة تنظيم داعش، وأعادوا رسم خريطة المناطق وتفريغها من الأغلبية العربية السنّية، بما ينذر بفتنة طائفية بين مكوّنات المجتمع العراقي.
يتكبد تنظيم داعش الإرهابي المتطرف خسائر يومية في العراق - أرض «خلافته» المزعومة - بفعل هجمات التحالف الدولي وقوات الجيش العراقي، وأدت هذه الخسائر إلى الإطاحة بحلم دولته، ودفعت كثيرين من مقاتليه للفرار من نار الحرب. غير أن الخبراء المتخصصين الذين يرصدون الوضع العراقي يحذّرون، في المقابل: «من تفجر صراعات مستقبلية في المناطق العراقية ذات الأغلبية السنّية التي استعيدت أخيرًا بجهود القوات المشتركة، بعدما كان (داعش) قد استولى عليها لفترة من الوقت.. هذه الصراعات قد تجعل الفترة متوترة لفترة طويلة من الزمن».
* سندان «داعش» ومطرقة الانتقام
الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي مصر، قال لـ«الشرق الأوسط» خلال لقاء معه إن الفصائل المسلحة المتشددة في العراق من الشيعة والأكراد سيطرت على المناطق المستردة من سيطرة «داعش» الإرهابي، وعملت على إعادة رسم خريطة المنطقة وتفريغها من الأغلبية السنّية، بما ينذر بفتنة طائفية بين عناصر المجتمع العراقي، ما قد يتسبب في انسداد آفاق المصالحة الحقيقية بين العراقيين بغيوم الانتقام والبحث عن الثأر لخلافات الأرض والسلطة والسياسة.
وأضاف نجم في تقرير بعنوان «سنة العراق بين سندان (داعش) ومطرقة الملاحقات الانتقامية» أعده مرصد دار الإفتاء في مصر، أن بعض الأكراد يتهمون العرب السنة بدعم «داعش» وقتما كان يسيطر على تلك المناطق، ويدعون أنهم شاركوا في المجازر التي ارتكبها التنظيم بحق الإيزيديين. وإثر هذه الاتهامات جرى منع عشرات الآلاف من السنة الذين يعيشون في القرى العراقية من العودة إلى ديارهم، التي لم يعد لمعظمها وجود بسبب الممارسات التخريبية، التي مارسها التنظيم الإرهابي وقت سيطرته على تلك المناطق السنّية.
وتابع تقرير مرصد الإفتاء «أن مواقع الأحداث في العراق تكشف عن بوادر فتنة مستقبلية نتيجة عدم قدرة الأغلبية السنّية على العودة إلى الأماكن التي يشاركهم العيش فيها الشيعة، رغم خروج تنظيم داعش، لأنهم من وجهة نظر الميليشيات الشيعية موالون لتنظيم داعش. ولذلك فمنذ أن طردت الميليشيات الشيعية التنظيم من المنطقة ترفض عودة أي من السكان السنة».
واتفقت مع الرأي السابق الدكتورة إلهام شاهين، أستاذ العقيدة والفلسفة بالقاهرة، قائلة: «يجب أن ننتبه إلى أن تفتيت المجتمع السياسي العراقي إلى مكوّناته العرقية والطائفية والمذهبية أمرٌ مبيّت، وهناك مَن يعمل على تحقيقه باستمرار. والسياسة التمييزية المتبعة في العقد الأخير كانت كلها عوامل ساعدت على ظهور (داعش)، ومَن ساعد على ظهور (داعش) ودعم نموها ليس من السهولة أن يستسلم، ويسلم المناطق المحررة من (داعش) لتعود لها سلميتها. بل سيعملون بكل الوسائل الممكنة على أن يتم تفتيتها». ولفتت «إلى أن المأساة الحقيقية هي أن الحكومات التي استعادت المناطق المحررة من (داعش) ليس لديها برنامج لاحتواء الناس في تلك المناطق وتعويضهم نفسيا وماديا وخدميا ودينيا عن الأضرار التي لحقت بهم، بل على العكس تماما ما يحصل».
* هدم البنى التحتية
وأردفت الدكتورة شاهين قائلة إن تلك المناطق تعاني إهمالاً شديدًا، ويعاني من فيها نقصًا في الخدمات مع مخلفات الحرب من هدم البنية التحتية، وسيطرة الشيعة المتشددين وقوتهم والدعم الذي يلقونه من البلاد المجاورة، وبالتالي يجد السنة في تلك المناطق أنفسهم بين نار متشددي الشيعة المحرقة مذهبيا وبين سندان الدواعش المدمرة لهم نفسيا، فيكون الأقرب لهم ليضمنوا حياة شبه آمنة أن ينضموا لـ«داعش» من جديد.
وفي السياق ذاته، رأى أحمد زغلول، وهو باحث متخصص في شؤون الحركات الإسلامية في مصر، أن احتمال عودة «داعش» إلى المناطق المحررة سوف تزداد بطريقة كبيرة، خاصة أن جزءًا من تمدد التنظيم الإرهابي المتطرف هو لعبه على التوازن الطائفي في هذه المناطق. واستطرد... خروج «داعش» من المناطق القديمة سوف يحدث فتنة كبرى، بسبب وجود مميزات كانت ممنوحة لطوائف محددة دون غيرها، فضلا عن وجود ممارسات سلبية على بعض أبناء الطوائف، مشيرا إلى أن الوضع الآن هو تصفية حاسبات.
ومن جانبه، قال الدكتور محمد أحمد، مدرس الدعوة والثقافة الإسلامية بالقاهرة، إنه «رغم ما حدث في العراق من تشبع أراضيه بالدماء نتيجة لما قام به الدواعش من عمليات راح ضحيتها كثير من أهل السنة، فإن البعض يجدون في انضمامهم لصفوف الدواعش مرة أخرى سبيلا لمقاومة متشددي الشيعة والتغلب عليهم».
* التوترات القديمة
وهذا ما أكد عليه التقرير المصري، حيث قال إن ظهور التوترات القديمة من جديد بين متشددي الشيعة والسنة يساعد على بروز تنظيم داعش مرة أخرى، ولا سيما بعدما تواترت الأنباء عن تمكن خلايا داعشية من التسلل إلى المناطق التي طردت منها، وقامت بتنفيذ تفجيرات انتحارية في المساجد والأسواق ما أسفر عن مقتل العشرات من الشيعة. وفي المقابل نفذت الميليشيات الشيعية عمليات قتل انتقامية غامضة استهدفت أهل السنة.
وحول عودة الدواعش مرة أخرى للمناطق المحررة، قال زغلول إن ذلك «يتوقف على سياقات داخلية وخارجية: الداخلية تُحددها منافسة المجموعات هناك، وظهور فصيل سياسي على حساب الآخر، ووجود كوادر مؤهلة لعودة (داعش). أما السياقات الخارجية فتتخلص في الدعم الإقليمي لـ(داعش) سواء من الدول التي تدعم التنظيم لبقائه في المنطقة بشكل مباشر، أو من الدول المستفيدة من تمدد (داعش) في المنطقة، بالإضافة إلى الكتلة الراديكالية من الشباب المُتبني لفكر (داعش) لكنه غير منضم له».
وفي المقابل، رأى الدكتور محمد أحمد أن انهزام «داعش» وإجلاء ما بقي منه في بعض محافظات العراق «له أبعاد عدة تشكل في مجموعها طبيعة الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي سيعيشها أهل السنة والشيعة في العراق مستقبلاً، فقد تجد من يؤمن بفكرة أنه لن يخلو العراق من وجود فتنة طائفية بين السنة والشيعة، نتيجة التهميش وسلب الدور الحقيقي للسنة في إعادة إعمار ما خلفته محاربة تنظيم داعش من خراب»، مضيفا: «نتيجة لذلك قد يتدفق نهر الدماء على أرض العراق، نتيجة الحرب الطائفية التي ستدور رحاها إن حدث ذلك، خلال الفترة المقبلة».
* تجنيد الشباب
وعن استمرار «داعش» في تجنيد الشباب حال العودة من جديد للمناطق المحررة من العراق، قال الباحث أحمد زغلول إن «التجنيد مستمر، ومعدله في زيادة ويحدده سياقات مختلفة ممثلة في الأزمات الداخلية التي ممكن أن يستغلها (داعش) في هذا السياق».
بينما أشارت الدكتورة إلهام شاهين في هذا السياق إلى اعتماد التنظيم الإرهابي على «الدعم الذي يلقاه من تبرعات من أشخاص ميسورين، وما حققه من سيطرته على الأراضي في سوريا والعراق جعله تنظيمًا غنيًا تمكن من خلاله من الترويج لنفسه وحشد المزيد من التبرعات، فضلا عن استيلائه على حقول نفط وفرض رسوم على النشاط الاقتصادي في المناطق التي استولى عليها».
وأردفت موضحة أن موارد التنظيم مكنته من أن يدفع بسخاء لشباب في العراق وسوريا محروم من فرص العمل ومن مصادر الدخل، بفعل الصراع والمواجهات الدامية والتمييز في هذين البلدين المكلومين. وسنجد أن الأقرب للعراقيين المهملين والمهمشين الذين يعانون إرهاب متشددي ميليشيات الشيعة في المناطق المحررة، سيجدون أنفسهم في صف الدواعش من دون احتلال.
وعن ممارسات القوى والفصائل الشيعية خلال الفترة المقبلة في العراق، قال زغلول إن «هذه الممارسات سيحددها وجود وقوة هذه التنظيمات ووضع خريطتها في المدن المحرّرة، والوزن النسبي لها، ومدى سيطرتها الفعلية على هذه المناطق». وفي هذا المجال، وبالذات لجهة الحل لتفويت الفرصة على «داعش» من العودة من جديد إلى المناطق التي طُرد منها التنظيم، أكد التقرير المصري أنه على عقلاء وحكماء الفرق والطوائف الإسراع بالتدخل لجمع شمل العراقيين على مصلحة وطن واحد، لتجنب النزاعات المذهبية الضيقة التي تسهم في فتح مجالات عودة التنظيم، محذرا من انعدام الثقة بين عناصر المجتمع ستدخل البلاد في نفق مظلم من الاتهامات والعمليات الانتقامية.
وبينما دعت الدكتورة شاهين حكومات المنطقة، وكذلك حكومة العراق، ضرورة التنبه للخطر، راهن الدكتور محمد أحمد على وعي الشعب العراقي الذي يعاني ويلات الحرب ضد «داعش»»، وتوقعه تفويته الفرصة على من يريد الخراب والدمار للعراق، فضلا عن ضرورة التقارب بين العراقيين ورفض التهميش والإقصاء، والسير باتجاه المشاركة الحقيقية في الأعمار والتنمية وإرساء قواعد التعايش السلمي وإعلاء قيم العدل والمساواة، حتى تفوت الفرصة على من يريد للعراق دمارا وخرابا، ولأهله مذلة وهوانًا.



«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.